Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اخبار الاقتصاد

سوريا بعد عام التحول.. إنجازات تحققت وتحديات تنتظر

شهد عام 2025 تطورات ملحوظة في سوريا، مع إنجازات كبيرة للإدارة الجديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع، بدءًا من رفع العقوبات الدولية وصولًا إلى جهود تطوير القطاعات الاقتصادية الرئيسية كالنفط والغاز. ومع ذلك، لا تزال البلاد تواجه تحديات معقدة في مسيرة إعادة الإعمار، وتثبيت الأمن، وإعادة بناء العلاقات مع القوى العالمية والإقليمية. يركز هذا المقال على تحليل هذه التطورات والتحديات التي تنتظر سوريا في عام 2026 وما بعده، مع التركيز على مستقبل الاقتصاد السوري.

يُعد رفع العقوبات الغربية، وخاصةً إلغاء قانون قيصر في ديسمبر الجاري، من أبرز الإنجازات التي حققتها سوريا. ويفتح هذا الإلغاء آفاقًا جديدة أمام البلاد، بما في ذلك إمكانية الحصول على تصنيف ائتماني سيادي، والاندماج مجددًا في النظام المالي العالمي. ويرى خبراء أن هذه الخطوة ستساهم في جذب الاستثمارات وتعزيز النمو الاقتصادي.

رفع العقوبات وتأثيرها على الاقتصاد السوري

أكد محافظ مصرف سورية المركزي، عبد القادر حصرية، أن إلغاء العقوبات يمثل فرصة مهمة للحصول على تصنيف ائتماني سيادي، وهو ما يزيل عائقًا قانونيًا رئيسيًا أمام إعادة دمج سوريا في النظام المالي الدولي. وأشار إلى أن البلاد تسعى للحصول على تصنيف ائتماني استشاري أولاً، ثم تصنيف علني عندما تسمح الظروف. من المتوقع أن يكون التصنيف الأولي منخفضًا، وهو أمر طبيعي للدول الخارجة من صراعات.

من الناحية العملية، سيؤدي إلغاء العقوبات إلى زيادة الاستثمار والنقل، وتعزيز مساهمة القطاع المالي في الناتج المحلي الإجمالي. ويعتبر القطاع المالي المستفيد الأول من هذه الخطوة، بعد أن عزلته العقوبات عن العالم الخارجي. وقد بدأت بالفعل آثار رفع العقوبات في الظهور، مع عودة سوريا إلى نظام “سويفت” العالمي، وبدء بعض المصارف العالمية والإقليمية في التعامل معها.

بالإضافة إلى ذلك، وقع مصرف سورية المركزي اتفاقية مع شركة “فيزا” العالمية لبناء منظومة مدفوعات رقمية حديثة، مما يعزز من كفاءة المعاملات المالية ويفتح الباب أمام خدمات جديدة.

تحديات ما بعد العقوبات

على الرغم من هذه الإنجازات، لا تزال هناك تحديات قائمة. يتطلب القانون الذي ألغى العقوبات تقديم تقرير للكونغرس الأمريكي كل ستة أشهر خلال السنوات الأربع المقبلة، لتقييم أداء الحكومة السورية ومدى اتخاذها “إجراءات ملموسة” في ملفات معينة، بما في ذلك مكافحة الإرهاب. وهذا يعني أن الحكومة السورية ستكون مطالبة بتلبية متطلبات أمريكية وغربية مستمرة.

كما أن عملية بناء الجيش وترسيخ سلطة الدولة على كامل الأراضي السورية لا تزال مستمرة، في ظل تزايد هجمات تنظيم داعش في البلاد. وهذا يشكل تحديًا أمنيًا إضافيًا قد يؤثر على الاستقرار الاقتصادي.

تطورات في قطاعات الطاقة والتحسينات الاقتصادية

ركزت الإدارة الجديدة على صيانة وتطوير منشآت الكهرباء والغاز والنفط، باعتبارها حجر الزاوية في تطوير الاقتصاد وتحسين معيشة المواطنين. وتقدر نسبة الفقر في سوريا حاليًا بنحو 90%، مما يجعل تحسين هذه القطاعات أمرًا بالغ الأهمية.

أكد خالد أبو دي، المدير العام لمؤسسة نقل وتوزيع الكهرباء، أن الإنتاج الكهربائي يغطي حاليًا 20% فقط من إجمالي الاحتياجات، وأن كلفة إعادة تأهيل القطاع تقدر بنحو 40 مليار دولار. ومع ذلك، تمكنت البلاد من زيادة إنتاج الطاقة الكهربائية إلى 2400 ميغاواط بفضل التحسينات وعمليات الصيانة، مما قلل من ساعات التقنين الكهربائي.

وشهد قطاع النفط زيادة في الإنتاج لتناهز 100 ألف برميل يوميًا، مقارنة بنحو 30 ألف برميل في عام 2023. وتقدر احتياجات سوريا من النفط حاليًا بنحو 120 ألف برميل يوميًا، ومن المتوقع أن ترتفع مع تسارع وتيرة إعادة الإعمار.

اتفاقيات وشراكات جديدة

وقعت سوريا العديد من الاتفاقيات مع شركات إقليمية ودولية لتطوير قطاع الطاقة، بما في ذلك اتفاقيات مع “أكوا باور” السعودية، والبنك الدولي، وشركات مثل “سيمنز” و”جنرال إلكتريك”. كما وقعت اتفاقيات مع شركات سعودية لتطوير حقول النفط والغاز.

بالإضافة إلى ذلك، تم توقيع مذكرات بقيمة 7 مليارات دولار مع عدد من الشركات لإنعاش قطاع الكهرباء، وبدء إنتاج الغاز من بئر “تيأس 5”.

التحديات المستقبلية وإعادة الإعمار

لا تزال قضية السيطرة على مواقع إنتاج النفط في شمال شرقي سوريا من قبل “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) تشكل تحديًا رئيسيًا. على الرغم من التوصل إلى اتفاق مع “قسد” في مارس الماضي، إلا أن التوترات لا تزال قائمة، كما يتضح من الاشتباكات الأخيرة في حلب.

تعتبر عملية إعادة الإعمار التحدي الأكبر الذي يواجه سوريا، حيث تقدر التكلفة بنحو 216 مليار دولار وفقًا للبنك الدولي، أو ما يصل إلى 900 مليار دولار وفقًا لتقديرات الرئيس الشرع. ويتطلب ذلك دعمًا واسعًا من المجتمع الدولي.

تعتمد خطط إعادة الإعمار على جذب الاستثمارات الخارجية، وتحسين الإيرادات الضريبية والجمركية، ومكافحة الفساد. وتشمل المشاريع الرئيسية تطوير البنية التحتية، وإعادة بناء المساكن، وتحسين قطاعات الصحة والتعليم.

من المتوقع أن تشهد سوريا في عام 2026 تركيزًا على تنفيذ هذه المشاريع، وتحسين البيئة الاستثمارية، وتعزيز التعاون مع القوى الإقليمية والدولية. وستكون قدرة الحكومة السورية على تحقيق الاستقرار الأمني، وتلبية المتطلبات الأمريكية والغربية، وحشد الدعم الدولي، هي العوامل الحاسمة التي ستحدد مستقبل الوضع الاقتصادي في سوريا.

في الختام، تواجه سوريا عام 2026 بفرص وتحديات كبيرة. نجاح عملية إعادة الإعمار، وتطوير القطاعات الاقتصادية الرئيسية، وإعادة بناء العلاقات مع المجتمع الدولي، سيتطلب جهودًا متواصلة، وتخطيطًا دقيقًا، وتعاونًا بناءً. وستكون متابعة التطورات السياسية والأمنية والاقتصادية في سوريا أمرًا بالغ الأهمية في الأشهر والسنوات المقبلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *