الانتقاد بين المسموح والممنوع بحسب قواعد الإتيكيت
يترك الانتقاد اللاذع أثرًا سلبيًّا على مشاعر الآخر، مُتلقي الانتقاد، وقد يتسبّب بتجنب الأخير، المنتقد، بسبب طريقة تعبيره غير المهذبة وسلوكياته، سواء كان ذلك في مكان العمل أو في إطار الجلسات العائلية أو حتى مع الغرباء في الأماكن العامة.
في السطور الآتية، توضّح استشارية الإتيكيت والسلوكيات العامة منار بر لقراء “سيدتي”، مجموعة من القواعد العامة المُتعلقة بحق الانتقاد، بطريقة مُهذبة ولبقة، بعيدًا عن التعدي على الآخر، بالكلام أو الألفاظ غير اللائقة، في المواقف المختلفة.
قواعد عامة لإبداء رأي مخالف
لإبداء الرأي، مهما كان مُغايرًا عن السائد، كما النقد، فوائد مُتمثلة في إثراء أي نقاش دائر. إضافة إلى ذلك، النقد البناء مُساعد على تحديد نقاط الضعف والمجالات التي تحتاج إلى التحسين، وبالتالي تطوير الأداء والحلول.
الجدير بالذكر أنه عندما تُتاح حرية التعبير عن الأفكار والآراء، سيشجع ذلك على الابتكار والتفكير خارج الصندوق، ما ينتج عنه حلول وأفكار جديدة.
أسباب مانعة للصراحة في الرأي
لكن، على الرغم من أهمية هذه الممارسة، هي تواجه مجموعة من التحديات والعقبات، منها:
- الخوف من الرفض.
- الرغبة في تجنب المواجهة والصراع المحتمل أو التشنج في العلاقات.
- الضغوط الاجتماعية والثقافية، خصوصًا أنه في بعض المجتمعات قد يكون إبداء الرأي أمرًا غير مرغوب فيه.
الانتقاد بطريقة لائقة
هناك بعض الاستراتيجيات والممارسات التي يمكن اتباعها:
- التركيز على تقديم الحلول والاقتراحات البناءة، عوضًا عن الانتقاد والتركيز على تصيّد الأخطاء أو السلبيات.
- الاستماع والتفهم قبل الردّ: محاولة تفهم وجهة نظر الآخر والأسباب التي تنبع منها، قبل عرض وجهة النظر الخاصة.
- استخدام لغة مُهذبة وبناءة: اللباقة والإيجابية، مفتاحان عند إبداء الرأي أو النقد، عوضًا عن السلبية أو التشنج في الكلام.
- التركيز على المصلحة المشتركة: محاولة إبراز كيف يمكن أن تؤدي وجهات النظر المختلفة إلى تحقيق أهداف مشتركة؟
- الممارسة والتدريب:مع الوقت والممارسة، يمكن أن يصبح إبداء الرأي والنقد أكثر سهولة.
اختلافات بين النقد الجريء والتبجح
النقد الجريء والتبجح أمران مختلفان، لهما تأثيرات متباينة على المتلقي. لتوضيح الفروق بينهما، يُفيد الاطلاع على الآتي…
ينطلق النقد الجريء، من نوايا حسنة وهدف إصلاحي ويتسم بالموضوعية والتركيز على الجوانب الضعيفة القابلة للتطوير، مع تقديم اقتراحات بناءة للتحسين. إضافة إلى ما تقدم، لا يستهدف النقد الجريء الإساءة الشخصية أو الإذلال، بل المساعدة في التقدم والتطوير. في هذا الإطار، يتحقق التوجيه بلطف وأدب، مع مراعاة الجوانب الإيجابية والاعتراف بالجهود المبذولة.
ينتج عن النقد الجريء شعور بالتقدير والاحترام في صف المتلقي، وذلك لأن الكلام موضوعي وبناء.
بالمقابل، ينطلق النقد المتبجح من نوايا شريرة وهدف مُتمثّل في التنقيص والإذلال ويتسم بالذاتية والسخرية واللامبالاة، مع التركيز على المساوئ وتضخيمها وتهويلها. إضافة إلى ما تقدم، يستهدف النقد المتبجح الإساءة الشخصية وإثارة المشاعر السلبية، كالإحباط والغضب لدى المتلقي.
في هذا الإطار، يتوجه الناقد بعدوانية، من دون مراعاة الجوانب الإيجابية أو الاعتراف بجهود الآخر، ما ينتج لدى الأخير شعور بالإحباط والاستياء والرغبة في الانتقام، كما يؤدي إلى تعزيز المشكلة عوضًا عن حلها.
هناك بعض الأمثلة التوضيحية للتمييز بين النقد البناء والتبجح. مثلًا، في إطار النقد البناء، يمكن في إطار العمل بين شخصين، قول أحدهما للآخر: “يبدو لي أن تصميم موقعك الإلكتروني مكتظ؛ لذلك قد يساعد التقليل في عدد العناصر المرئية وإنشاء مساحة أكثر بياضًا في جعل الموقع أكثر نظافة وسهولة في الاستخدام”. في المثال المذكور، ينصب النقد على أمر محدد وقابل للتنفيذ لتحسين الأداء أو الناتج؛ النبرة موضوعية والنية هي تقديم رأي مفيد لتحسين النتيجة النهائية. أمّا في إطار التبجح، يمكن أن يقول المرء: “يبدو لي أن متدربًا صنع هذا الموقع الإلكتروني؛ الصفحة الرئيسة مزدحمة للغاية وليس هناك من معنى لذلك. عليك الدفع لمصمم في المرة المقبلة”. من الواضح أن قائل الجملة يركز على الشخص عوضًا عن الفعل، ويتوجه بنبرة قاسية وساخرة تهدف إلى الإذلال عوضًا عن توفير إرشادات بناءة. من غير المحتمل أن يحفز هذا النوع من التعليقات على التحسن، بل من المرجح أن يجعل المتلقي يدخل في حالة دفاعية أو يصاب بالإحباط.
الاختلاف الرئيس هو أن النقد البناء يهدف إلى مساعدة الشخص على النمو والتطور، أما النقد المتبجح هدفه الإذلال والإحباط.