العلاقة بين الرضاعة الطبيعية وتكوين مناعة الطفل وطرق لنجاحها
يُعد حليب الأم هو الهبة المجانية الإلهية التي منحها الخالق للانسان؛ لكي يستفيد منها في مراحل متقدمة من عمره، ولا يقتصر دورها على مده بالغذاء حين يكون كائناً ضعيفاً قد جاء إلى الحياة لا يجد وسيلة للتغذية غير أن يلتقم ثدي أمه، ولذلك فيجب أن تحرص الأم على نجاح الرضاعة الطبيعية؛ لأنها تعمل على تعزيز مناعة الطفل لكي يواجه أي مصدر للعدوى في بداية حياته.
يجب عدم التعامل مع المولود الجديد بوصفه كائناً ضعيفاً لأنه يستمد مناعة طبيعية من حليب الأم، وعلينا أن نهتم بنجاح الرضاعة الطبيعية؛ للحصول على مناعة مجانية للطفل حتى عمر معين من خلال العناصر الغذائية المهمة الموجودة في الحليب الطبيعي، ولذلك فقد التقت “سيدتي وطفلك”، في حديث خاص بها؛ استشارية طب الأطفال وحديثي الولادة، الدكتور ولاء محيي الدين، حيث أشارت إلى العلاقة بين الرضاعة الطبيعية وتكوين مناعة الطفل وطرق لنجاح الرضاعة الطبيعية والحفاظ عليها وعلامات تدلك على شبع رضيعك في الآتي.
متى تبدئين بالرضاعة الطبيعية بعد الولادة؟
- اطلبي من الطبيب المشرف على الولادة أن يقدم لك مولودك قبل قطع الحبل السري، وحيث إن قرب المولود للأم وملامسته لها قبل أن يتم قطع السري يساعد على تعزيز ورفع فرص نجاح الرضاعة الطبيعية؛ لأن المولود سوف يشم رائحة السائل الأمينوسي حين يقترب من ثدي الأم، ويكون السائل الذي يفرز بقوام زيتي مشابهاً لرائحته، فيقبل على مص الثدي حتى لو لم يكن محتوياً على الحليب الأبيض الناصع البياض؛ فأنت بذلك تمنحينه مضادات حيوية طبيعية وثمينة سوف تعزز مناعته ضد الأمراض.
- احرصي في حال كنت متعبة بعد الولادة أو في حال إجراء عملية قيصرية على اختيار هيئة وطريقة رضاعة مناسبة بحيث تستلقين مثلاً على ظهرك ويساعدك أحدهم في تقريب المولود من صدرك، ويمكن أن يمسك شخص ما بالمولود في حين تقومين بوضع الثدي في فم المولود؛ فالمهم أن تنجح عملية الرضاعة، ولا يتم تأجيلها تحت أي سبب، لكي يحصل المولود على المضادات الحيوية التي تعزز مناعته والتي لن تتكرر، ويطلق عليها الساعة الذهبية بعد الولادة، وحين تتساءلين ما هي الساعة الذهبية بعد الولادة؟ فهي الساعة التي تحمي الرضيع من الإصابة بفقر الدم لاحقاً بسبب تقديم صدر الأم له، وكذلك في حال التأخر في فصل الحبل السري عن المشيمة، حيث تتسرب الخلايا الجذعية والدماء الغنية بكريات الدم الحمراء من المشيمة إلى المولود؛ ما يعزز استعداده لمواجهة الحياة خارج الرحم.
مكونات حليب الأم
- اعلمي أن حليب الأم يتكون في الثلث الأول من مرحلة الحمل، حيث تلاحظين تغيراً في حجم وشكل الثدي، بما في ذلك تغير في لون الحلمتين وطبيعتهما، ويكون ذلك من أعراض الحمل المبكرة، وبعد ذلك يتضاعف حجم الأنسجة الغدية في محيط الثدي خلال مرحلتي الحمل الثانية والثالثة؛ لكي يتكون الحليب حيث يبدأ إفراز هرمون الحليب من خلال إرسال الإشارات من الغدة النخامية في مخ الأم؛ ما يؤدي لتحفيز الرضاعة الطبيعية بسبب مشاعر الأمومة التي تم تحفيزها لدى الأم.
- لاحظي أن الرضيع لا يحتاج إلى شرب الماء في الأشهر الأولى من حياته؛ حيث إن حليب الأم يحتوي على 90% من تركيبه على الماء إضافة إلى العديد من العناصر الغذائية التي تتراوح نسبتها، ولذلك يجب الحرص على ما يُعرف بالحليب الخلفي؛ أي أن يرضع المولود حتى نهاية الرضعة، وعدم رفعه عن صدر الأم بمجرد أن يغمض عينيه، بل يجب تدليك أنفه؛ لكي يستمر في الرضاعة، وحيث يحتوي الحليب الخلفي على نسبة من الدهون الصحية التي تفيد تكوين عضلات الطفل ومخه وأيضاً تعزيز مناعته، وتعمل على زيادة وزنه دون إصابته بالسمنة.
فوائد حليب الأم لتعزيز مناعة المولود
- قدمي لطفلك المولود الرضاعة الطبيعية مبكراً؛ أي احرصي على تقديم ما يُعرف بـ”حليب اللبأ”، حيث يكون مدعماً بأحسام مضادة تحارب الفيروسات والعدوى البكتيرية، وقد بينت الدراسات العلمية أن حليب اللبأ، أو السرسوب كما يُطلق عليه العامة؛ يحتوي على نسبة كبيرة من الغلوبولين المناعي، بالإضافة لمحتوى حليب اللبأ من العديد من الأجسام المضادة التي يفرزها جسم الأم بشكل طبيعي حين تتعرض لعدوى ما، وهي تنتقل للمولود من خلال الحليب، وتعمل على تشكيل طبقة وقائية من الفم، وتمتد إلى الحلق والمريء وإلى جهازه الهضمي عامة.
- لاحظي أن حليب الأم يمنح المولود نسبة من الحديد المتوافر في جسم الأم خلال مرحلة الحمل، ولذلك فارتفاع منسوب الحديد في جسم الحامل يعني أن يستمر المولود في الحصول عليه بعد خروجه من الرحم؛ ولذلك يوصي الأطباء بضرورة استمرار حصول الأم على الحديد بوصفه مكملاً غذائياً خلال ثلاثة أشهر الحمل الأخيرة، بالإضافة إلى الأشهر الثلاثة التالية للولادة، حيث يحدث فيها فقد لكمية من الدم بسبب مرحلة النفاس، بالإضافة للاهتمام بتغذية الأم والحصول على الحديد من مصادره الطبيعية.
- احرصي على الرضاعة الطبيعية بوصفها وسيلة تغذية لطفلك خلال عامه الأول على الأقل، وحيث يتعدى فائدة الحليب الاستفادة الداخلية منه؛ فيُعد حليب الأم طريقة فعالة لعلاج التهاب العين مثلاً في حال تنقيط بضع قطرات من حليب الأم في عين الرضيع الملتهبة، وكذلك في علاج الزكام واحتقان الأنف، فيما أثبتت الأبحاث فائدة حليب الأم في تقليل الإصابة بالأمراض التنفسية المرتبطة بالجهاز التنفسي العلوي مثل الرشح ونزلات البرد والتهاب الأذن الوسطى.
علامات شبع الطفل من الرضاعة الطبيعية
- لاحظي أن طفلك الرضيع ينام نوماً عميقاً بعد انتهاء الرضعة الكاملة؛ أي الرضاعة من كل ثدي لمدة ربع ساعة، كما أن عدد رضعات الطفل يرتبط بدرجة شبع الرضيع ومدة النوم بين الرضعات، ومن الطبيعي أن يتراجع معدل نوم الطفل الرضيع حين يتقدم عمره، ولكنه عندما يحصل على عدد رضعات مشبعة؛ فالطفل لن يستمر في طلب الرضاعة على فترات متقطعة على الإطلاق، وسوف تلاحظين أنه يمارس أنشطة تدل على شبعه ونموه بشكل سليم غير نومه بعد كل رضعة، مثل اللعب وتحريك الساقين واليدين والمناغاة.
- توقعي أن يبلل رضيعك عدداً معيناً من الحفاضات؛ حيث إن مولودك وابتداءً من اليوم الرابع من عمره سوف تقومين بتغيير حفاضه عدداً من المرات يتراوح ما بين 5 و6 مرات يومياً، وهو المعدل اليومي والطبيعي الذي يجب ألا يزداد عنه كثيراً، أما في حال وجود نقص في عدد المرات التي تقومين فيها بتغيير الحفاض؛ فمعنى ذلك أن طفلك لا يشبع بصورة كافية، وتجب مراجعة الطبيب.
- لاحظي أن وزن طفلك يزداد حسب المعدل الشهري الذي تضعه المنظمات والمؤسسات العالمية بوصفه مؤشر نمو صحي ونموذجي للرضع بحيث يكون وزنه حول هذا المعدل، ويجب أن تعرفي معدل زيادة وزن الرضيع ومتى يجب القلق؟ لأن وزن الرضيع يزداد بمعدل ما يقارب الـ28 غراماً يومياً خلال الأشهر الثلاثة الأولى من ولادته.
- توقعي أن يكون طفلك متمتعاً بمزاج رائق وقليلاً ما يتعرض للبكاء والغضب وسرعة التهيج إضافة إلى أنه لا يُصاب بالأمراض بكثرة؛ لأنه يتمتع بمناعة قوية يحصل عليها من خلال حليبك، وذلك في فترة الأشهر الستة الأولى من عمره؛ أي النصف الأول من عامه الأول في الحياة، وحيث تُعد هذه الفترة هي الفترة الذهبية التي من المفترض أن يقل تعرض الطفل فيها للأمراض.
قد يهمك أيضاً: 5 قواعد ذهبية يجب أن تعرفها كل أم عن الرضاعة الطبيعية
* ملاحظة من “سيدتي نت”: قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص.