المصممان الفرنسيان سيمون ميمون وميريل موتيكا: نعشق العمل على ديكورات الشقق الصغيرة

يمكن وصف لقاء “سيدتي” بالثنائي الباريسي سيمون ميمون وميريل موتيكا بالسهل الممتنع، فالزوجان اللذان يتشاركان الحياة والعمل في مجال التصميم الداخلي، وتحديداً لمشاريع سكنية تتمركز غالبيتها في فرنسا من خلال MERSI، استديو التصميم الذي أسساه منذ بضع أعوام، يعبران عن أفكارهما ببساطة مطلقة، وفلسفتهما قائمة على الجماليات والعملية. لكن، عند التمعّن في أعمالهما، يُلاحظ أن الرغبة بجعل الخلود يصفها واضحة، وأن قول ليورنادو دافنشي “البساطة هي قمة التعقيد” يعبر عنها، فالقدرة على التبسيط والاخترال في التصميم الداخلي فن يحتاج إلى مهارة وتفكير عميق.
مصممان وزوجان لا يفترقان
حدّثانا عن العلاقة التي تربطكما ببعضكما؛ ومتى تأسّست الشراكة بينكما؟ وما هي رؤية كل منكما للتصميم الداخلي؟ وكيق يؤثر كل منكما على الآخر؟
نحن متزوجان، لا نفترق، ونتكامل. بدأنا العمل سويّاً خلال جائحة كورونا؛ لطالما كنا على يقين بأننا سنعمل معاً، كان ذلك بديهيّاً، وكان الإغلاق اتقاء من الوباء فرصة مثاليّة للانطلاق. نتشارك شغفاً بالأشياء الجميلة، ونعبّر عنه من خلال التصميم الداخلي. نحن مختلفان تماماً، وبفضل هذا الاختلاف نجد التوازن المثالي في مشاريعنا. نقول دائماً لبعضنا البعض إن من يختلف معي في الرأي هو على حق، وهذا يسمح لنا باتخاذ القرارات.
هل يتولى كل منكما قسماً مُحدّداً في العمل، أم تتشاركان في كل المراحل؟
نعمل دائماً على المفاهيم معاً؛ نفكر معاً في التوجه الرئيسي للمشروع، والجوّ العام، واختيار المواد. ثم، لدينا أدوار مختلفة. لدينا رؤيتان مختلفتان لمهنتنا: ميريل ذات الرؤية الفنية، وسيمون ذو الرؤية التجارية. هذا التكامل هو ما يسمح لنا بتنفيذ المشاريع من الفكرة إلى الإنجاز.
تصاميم داخلية بسيطة

في فلسفتكما التصميمية، تتخذ الجماليات أهمية، بالإضافة إلى ربط الحاضر بالماضي؛ هل يمكن الحديث عن أسلوب معاصر خاصّ بكما يقدر الحرفية؟
نعمل بحسب أساس بسيط وألوان محايدة مُتمثّلة في: البيج، والأبيض العاجي، والرمادي الداكن، والبني، فنُضفي عليها لمسةً من التفاصيل. نستمتع بالتنويع في القوامات والمواد، ونتعاون مع حرفيين يقدمون أعمالاً فريدة. يكمن التحدي في ابتكار تصاميم داخلية بسيطة، حيث تُراعى كل التفاصيل بعناية، على أن تكون التصاميم مختلفةً عن أي شيء رأيناه.
ديكورات داخلية خالدة

ما هو تأثير التوجهات العالمية في التصميم على عملكما؟ وما هي التحديات الأبرز؟
نسعى جاهدين لتجنّب مواكبة الصيحات، لأن كل ما هو دارج يفقد رونقه مع مرور الوقت، ونهدف إلى ابتكار ديكورات داخلية خالدة، بالمقابل. علماً أن الشقة، إذا صُممت جيداً، ستدوم لأكثر من عشر سنوات. يكمن التحدي في توعية العميل بحاجته إلى تصميم داخلي يعكس شخصيته، لا ما يراه على مواقع التواصل الاجتماعي، فالموضة مؤقتة وتتلاشى مع مرور الوقت.
الاستفادة القصوى من المساحة

من المُلاحظ أن الشقق في باريس ضيّقة؛ هل تمثل المساحات الضيقة تحدياً لكما؟

نادراً ما نقول الآتي: نعشق الاشتغال على المساحات الصغيرة، فهذه الأخيرة تحتاج إلى الإبداع والابتكار؛ كل سنتيمتر مهم، وكل شيء ويجب أن يكون له مكان محدد. على المصمم أن يكون ذكياً للاستفادة القصوى من المساحة. ولهذا، نستمتع بإعداد تصاميم مخصصة لا تجدها في المساحات الأكبر. عندما تصميم شقق صغيرة، نهدف إلى تقليل الشعور بضيق المساحة قدر الإمكان. كلفنا أحد عملائنا أخيراً بتجديد أستوديوهين بصورة تامة. قمنا بتوسيع كل منهما، دون تحريك الجدران. وتمكنا من تصميم غرف نوم وغرف طعام، ليسهل على العميل استقبال الضيوف في المنزل.
العملية والجمالية

تركزان على المشاريع السكنية؛ ماذا يعني المنزلّ لكل منكما؟
صُمّم المنزل للعيش فيه، والاسترخاء، ولمّ شمل العائلة والأصدقاء. بناءً على هذه الركائز الثلاث، نُصمّم الديكورات الداخلية. أولويتنا عند التصميم هي العملية، مع السعي إلى إضفاء لمسة جمالية بالاستناد إلى تجربة العميل.
مواد ديكور نبيلة وطبيعية

لاحظتُ أن دمج الخشب بالحجر تدبير يتكرّر في مشاريعكما؛ ماذا تعني المواد الطبيعية لكما؟
نكره السطحية، ولهذا السبب نستخدم مواد نبيلة وطبيعية: الخشب لتدفئة المكان، والحجر لعمق الملمس، والأقمشة للاستمتاع، والإضاءة لخلق الجو المناسب.
تصميم شقة سان جيرمان

حدثانا أكثر عن شقة سان جيرمان المبينة في الصور المرفقة مع هذه المقابلة، لنواحي المميزات والعوائق والتحديات والنتيجة النهائية؟
عندما اكتشفنا ورشة النحات (هكذا كانت طبيعة الشقة قبل الاشتغال على تصميمها) هذه، انبهرنا على الفور بأجواء المكان المُفعمة بطابع فريد. كان التحدي يكمن في الحفاظ على روح الورشة، مع إضافة الراحة اللازمة للحياة العصرية. وكان الهدف الرئيسي هو إعادة الإضاءة التي كانت تفتقر إليها المساحة. لذا، استُبدل بنافذة السقف الباريسية القديمة، سقف زجاجي يُفتح آلياً، مما أدى إلى إعادة تصميم منطقة الاستقبال بالكامل. نجحنا في ابتكار تصميم داخلي بسيط وعصري، معدّ بعناية فائقة، لا مثيل له.
الطراز الباريسي في التصميم الداخلي
كيف تصفان الأسلوب الباريسي في العمارة الداخلية المعاصرة، اليوم؟
يتميز الطراز الباريسي في التصميم الداخلي المعاصر بتوازن دقيق بين الأناقة الخالدة والحداثة، فهو يحتفظ بالعناصر الكلاسيكية التي تُجسّد العمارة الهوسمانية (جورج أوجين هوسمان؛ عيّنه نابليون الثالث في منتصف القرن الـ19 لإصلاح باريس وتحويل شوارعها ومبانيها إلى حديثة)، مثل القوالب الزخرفية، والأرضيات الباركيه ذات النمط المتعرج، والمدافئ الرخامية، مع دمج جميع وسائل الراحة العصرية دون المساس بالطراز القديم.
مدينة باريس
ما الأمور التي تلهمكما في العمل؟
وُلِدنا وما زلنا نعيش في باريس، وكل ما يتطلبه الأمر هو أن نفتح أعيننا لنجد الإلهام. نستمد الإلهام أيضاً من قصصنا وثقافاتنا وأسفارنا. في الواقع، عندما نسافر، فإن الفنادق هي التي ترشدنا في اختيار وجهتنا.
أول مجموعة أثاث قريباً
ما هي مشاريعكما للبقية من هذا العام (2025)؟
نعمل على تصميم شقق رائعة في باريس؛ سيتم تسليمها في صيف 2025. ولأول مرة، نخوض تجربة في مجال تصميم أماكن الضيافة من خلال علامة تجارية لمقهى، وستة فروع له في باريس ولندن ودبي. بالتوازي مع أعمالنا المعمارية الداخلية، نعمل على تطوير أول مجموعة أثاث لدينا، والتي سيتم إطلاقها هذا العام أيضاً.
في سطور
- سيمون ميمون، باريسي، علّمه والده، رائد الأعمال في مجال الأزياء، منذ صغره ثقافة الجمال، والمواد الفاخرة، والقوام. في الثانية والعشرين من عمره، جهّز شقته الأولى كمصمم عصامي، متعلماً كل شيء في مواقع البناء.
- ميريل موتيكا، باريسية، تخرجت عام 2017 في “إيكول سبسيال دارشيتكتور باري” École Spéciale d’Architecture Paris. بعد العمل في وكالات فرنسية وأمريكية مرموقة، اكتشفت شغفها بالتصاميم الداخلية الاستثنائية، وأدق التفاصيل، وذلك في موانار بيتاي (وكالة لتصميم الداخلي في باريس)، عندما كانت مسؤولة عن متاجر كارتييه.