اليوم الوطني السعودي.. الدرعية وجهة جامعة بين التاريخ والحداثة
تعدُّ الدرعيَّة أقدمَ وجهةٍ سياحيَّةٍ في المملكة العربيَّة السعوديَّة، إذ يعود تاريخُ تأسيسها إلى عام 1446م. في هذا المكانِ، يمتزج الماضي العريقُ بالحداثةِ، والحضارةُ بالثقافةِ، ويكثرُ عددُ المعالمِ التراثيَّة.
يمكن لزائري الدرعيَّة، التي تُعرَفُ أيضاً باسم «لؤلؤة المملكة العربيَّة السعوديَّة»، الاستمتاعُ بأكثر من 600 عامٍ من الثقافةِ والتاريخِ النجدي الأصيل، وعيشُ رحلةٍ تراثيَّةٍ وثقافيَّةٍ فريدةٍ، وتجربةُ إقامةٍ من الطرازِ العالمي.
تبعد الدرعيَّة 15 دقيقةً فقط عن شمال غربي الرياض، وهي مدينةٌ مبنيَّةٌ من الطوبِ اللبن، ومحفوظةٌ بشكلٍ جميلٍ، ومسقطُ رأس المملكة العربيَّة السعوديَّة، إن صحَّ القول.
في هذا الإطار، تطَّلعُ «سيدتي» من فيصل محمد الأحيدب، المرشدُ السياحي في الرياض والدرعيَّة، على أبرزِ المعلوماتِ السياحيَّة الخاصَّة بالدرعيَّة، الوجهة الثقافيَّة الجاذبة.
الدرعية شاهدة على التراث السعودي
يوضح المرشدُ السياحي، أن «الدرعيَّة التاريخيَّة تحتضن حي الطريف التاريخي المسجَّل في قائمةِ التراث العالمي، العائدةِ لمنظَّمة «يونسكو»، منذ عام 2010». بدوره يضمُّ حي الطريف قصرَ سلوى التاريخي، أحدُ أهمِّ قصورِ حكَّام الدولةِ السعوديَّة الأولى، وبُني عام 1766 على الطرازِ النجدي التراثي الجميل.
وعن سببِ بروزِ الدرعيَّة، في إطارِ السياحةِ السعوديَّة، يقولُ الأحيدب: «المنطقةُ تزخرُ بآثارٍ مسجَّلةٍ في قائمةِ يونسكو، وتحتوي على أهمِّ مشروعٍ لرؤيةِ المملكة العربيَّة السعوديَّة 2030، تحت إشرافِ هيئةِ تطويرٍ، وهو بوابةُ الدرعيَّة، كما أنها قريبةٌ من العاصمةِ الرياض». ويزيد: «هناك عديدٌ من المقوِّماتِ السياحيَّة للدرعيَّة، تتمثَّل في موقعها الاستراتيجي على ضفافِ وادي حنيفة الجميل، الذي يتميَّز بوفرةِ النخيل، وكثرةِ الأشجار. في المكانِ أيضاً مشروعُ المسارِ الرياضي الهادفُ إلى تطويرِ جودة الحياة».
تجدرُ الإشارةُ إلى وفرةِ الفعالياتِ الثقافيَّة في الدرعيَّة التاريخيَّة مثل العرضةِ السعوديَّة المسجَّلة بوصفها تراثاً غير مادي، وفعالياتِ سوقِ موسمِ الدرعيَّة الذي يمتدُّ من ديسمبر إلى يناير.
عناوين سياحية في الدرعية
من العناوين السياحيَّة الجديرةِ بالزيارةِ في الدرعيَّة، يذكرُ الأحيدب:
- وادي حنيفة: هو وادٍ جميلٌ، يمرُّ عبر ثلاثِ مدنٍ، عرقة والعيينة والدرعيَّة. يمكن للسائحين الاستمتاعُ بالمشي مسافاتٍ طويلةً فيه خلال زيارةِ مدينةِ الدرعيَّة، ومشاهدةُ بعض الطيورِ التي تهاجرُ إلى وادي حنيفة في فصلِ الشتاء.
- متحف الدرعيَّة: يقع داخلَ قصر سلوى، وهو غني بالتراثِ والتاريخِ، ويلقى اهتمامَ الزائرين من هواةِ الثقافة.
- حي البجيري: يتميَّز حي البجيري التاريخي بجماله الطبيعي، وتنوُّعِ أشجارِ النخيل فيه، ويقع شمالَ الرياض، وشرقَ وادي حنيفة، ويتَّسم ببنيةٍ معماريَّةٍ فريدةٍ، تجذبُ انتباه الزائرين. تبلغ مساحةُ الحي 60 ألف مترٍ مربَّعٍ، ويعرض آثاراً، تعود إلى بدايةِ المملكة العربيَّة السعوديَّة. ومع عديدٍ من الخدماتِ الترفيهيَّة، تتمتَّع المنطقةُ بمساحةٍ خضراءَ مورقةٍ، يمكن للعائلاتِ الجلوسُ فيها خلال فصلِ الشتاء. كذلك يضمُّ المكانُ مساجدَ تاريخيَّةً، ومزارعَ، ومحلاتٍ تجاريَّةً، تعرض ملابسَ تقليديَّةً، وقطعاً فنيَّةً، تصوِّر تاريخَ البلاد.
نشاطات في الدرعية
تشتمل النشاطاتُ، التي يُنصَح بتجربتها في الدرعيَّة، على التجوُّلِ في أحياءٍ تراثيَّةٍ، بُنيت فيها بيوتٌ، وقصورٌ للعائلةِ المالكةِ السعوديَّة، إلى جانبِ متاحفَ، تحكي قصَّة نشأةِ السعوديَّة في الدرعيَّة. ولا يغفل عن بعض الفعالياتِ المصاحبةِ لموسمِ الدرعيَّة مثل سباقاتِ فورمولا E، وسوقِ الموسمِ التاريخي، والعرضةِ السعوديَّة، أحد أهمِّ مظاهرِ الفلكلور الوطني، والحياةِ الاجتماعيَّة القديمة في البلاد.
وبحسب المرشدِ السياحي، فإنَّ الوقتَ المفضَّل لزيارةِ الدرعيَّة، هو قبل غروبِ الشمسِ للاستمتاع بمشاهدةِ وقتِ المغيب على أطلالِ وادي حنيفة الجميل في مطلِّ البجيري التاريخي. وفي الدرعيَّة، لا تستقيم الزيارةُ دون استكشافِ منطقةِ البجيري التاريخيَّة الغنيَّة بالمطاعمِ العالميَّة الفاخرة التي تلبِّي جميع الأذواق، وتقدِّم أيضاً الوجباتِ السعوديَّة التقليديَّة مثل الكبسة والجريش والقرصان.
الدرعية في عيني مصورة هولندية
قضت المصوِّرةُ الهولنديَّة Maxime Seltenrijch أشهراً عدة، تصوِّر على متنِ يختٍ، يُبحِر في منطقةِ البحر الأحمر، ويتنقَّل من جزيرةٍ إلى أخرى.
عن ذلك، تقولُ المصوِّرةُ لـ «سيدتي»: «أعتقدُ أن هذا ما ألهمني زيارةَ السعوديَّة في نهايةِ عامِ 2019. أوَّلُ رحلةٍ، كانت إلى صحراءِ الربع الخالي، ثم عشتُ في العُلا بهدفِ العمل، وأقيمُ حالياً في الرياض». وتضيفُ: «لناحيةِ الدرعيَّة، زرت المنطقةَ مرَّاتٍ عدة، شتاءً وصيفاً. تجذبني هناك الألوانُ الترابيَّة، والخضرةُ العائدةُ لأشجارِ النخيل، والتباينُ بينهما».
وتتوسَّع المصوِّرةُ في حديثها عن الدرعيَّة محدِّدةً أهمَّ مقوِّماتها: «لهذا المكانِ قصَّةٌ، تستحقُّ التعبيرَ عنها من خلال التصوير. المشي في الدرعيَّة، يعطي لمحةً عن الماضي، وكيف كان شكلُ الحياةِ في ذلك الوقت». وتقولُ: «لكلِّ مبنى، وكلِّ شارعٍ قصَّةٌ، وبصفتي مصوِّرةً فوتوجرافيَّةً، أستلهم على الدوامِ من التراثِ الأثري، والطبيعي، والثقافي للأماكنِ التي أمرُّ فيها». وتضيفُ: «حي الطريف، كان بالتأكيدِ واحداً من أبرزِ الأماكنِ التي لفتت انتباهي، لا سيما المباني الجميلةُ المشيَّدةُ من الطوبِ الطيني على الطرازِ النجدي التقليدي. قصدت المكانَ هرباً من وسطِ المدينة لغرض الاسترخاءِ تحت أشجارِ النخيل، وتناولِ العشاء، واحتساءِ القهوةِ في أحدِ المطاعم، وما أكثرها هناك، خاصَّةً في شرفةِ البجيري. والأخير مكانٌ رائعٌ، يوفِّر الاستجمامَ، ومجموعةً من التجاربِ الحديثةِ والغنيَّة ثقافياً». وتستطردُ: «يجب أن أعترفَ بأن هناك عديداً من الأماكنِ الفريدةِ والجاذبةِ في المملكة العربيَّة السعوديَّة التي تستحقُّ الزيارةَ من قِبل المصوِّرين الفوتوجرافيين. أمَّا لناحيةِ الدرعيَّة، فهي مكانٌ، يثيرُ الخيال».