تأثير بيئة الأصدقاء على قرارات الشباب

الصديق هو الرفيق الذي يشاركك أيامك بحلوها ومرها، فرحها وأتراحها، ومن يرافقك برحلة الحياة الطويلة يصدقك القول ويدلك على فعل الخير ويردك عن الشر، وكان الأقدمون ينصحون بالرفيق قبل الطريق، فالصديق يؤثر بصاحبه ويصبغه بأخلاقه وقيمه بمرور الوقت، ومن ثم ينبغي أن يحرص الشخص على اختيار صديقه، بالسياق التالي “سيدتي” تعرفك إلى تأثير بيئة الأصدقاء على قرارات الشباب.
الصداقة أمر مهم في حياة الشباب
تقول استشاري التنمية البشرية والعلاقات الأسرية هند محمد جاد لسيدتي: الصداقة أمر مهم في حياة الشباب ولا يوجد إنسان بدون صداقات، ففعل الصداقة نفسه مهم جداً لصحة الإنسان النفسية والاجتماعية، ومرحلة الشباب هي أكثر مراحل الإنسان التي يكتسب فيها علاقات وصداقات، لما تتسم من حيوية وديناميكية، على أن صداقات الشباب من الممكن أن تكون مؤثرة للغاية، حيث يتأثر الشاب بأولئك الموجودين في مجموعته ومحيطه، وعلى الرغم من أن بعض العلاقات قد تكون مؤقتة و غير مستمرة، فالشباب في هذه المرحلة يكونون ما بين الدراسة الجامعية وبداية الحياة العملية والبحث عن وظيفة، أو السفر أو مواصلة التعلم أو السعي لتكوين أسرة للفتيات (اللواتي يفضلن الزواج)، ومن ثم فكثير من الأصدقاء يذوبون ويختفون، وكثير من الصداقات لا تصمد مع الزمن ومتطلبات الحياة، فالكل يبحث عن مستقبله وعن تنمية ذاته وقدراته، إلا أننا وعلى الرغم من ذلك لا ننكر أن هناك صداقات حقيقية تصمد مع الزمن وتعيش وتستمر لعقود طويلة.
البيئة تؤثر بشكل أساسي على أخلاقيات الأصدقاء وتعاملاتهم
تؤكد هند أن الصداقة عادة ما تؤثر على سلوكيات الطرفين بشكل متبادل، فأنت قد تشعر وكأنك تستطيع قراءة أفكار صديقك، أو أنكما تستطيعان إنهاء جمل بعضكما البعض. هذا ليس خيالاً فأنت تميل إلى التفكير والتصرف مثل أصدقائك، ومن ثمّ فالصديق الذي يتبع سلوكيات وأخلاقيات طيبة يؤثر بصديقه وتصرفاته واختياراته، والصديق الذي يتبع سلوكيات سيئة يجر صديقه لطريق سيىء أو يعلمه سلوكيات سيئة وأخلاقيات فاحشة، فبحسب رسولنا الكريم ” مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة. ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة”، وهذا الأمر معروف فالصديق الصالح يقود صديقه لطريق الخير والأخلاق والبر، وصديق السوء يقود صديقه لطريق الرذائل والخبائث.
تقول هند: بيئة وتنشئة الشخص لا بد أن تؤثر به وتؤثر بالآخرين حيث اختيارات الأصدقاء غالباً ما تؤثر على نمط حياة كل منهم، فعلى سبيل المثال، إذا نشأ الصديق في بيئة سيئة تعتمد الكذب والنميمة سيتصف بذات الصفات ويسبغها على أقرانه، والصديق الذي ينشأ في بيئة متدينة طيبة سيضرب المثل لأصدقائه، كذلك فالأصدقاء الذين يمارسون الأنشطة البدنية بانتظام، ويحافظون على نظام غذائي متوازن، ويتجنبون العادات الضارة مثل التدخين سيحفزون أقرانهم على تبني سلوكيات مشابهة، بينما هؤلاء الذين يضيعون أوقاتهم في النميمة والغيبة أو في أفعال سيئة كالتنمر والسخرية من الآخرين يسوقون أصدقاءهم لاتباع ذات النهج، فالصداقة كعلاقة إنسانية تؤثر بوضوح على سلوكيات طرفي العلاقة وبشكل متبادل، لذلك فاتباع صديق ما طريقة ما في التعامل والتفاعل والتواصل ونمط معين من الحياة لا شك أنه سيؤثر وبقوة كما ذكرنا على صديقه أو على مجموع أصدقائه.
قد ترغبين في التعرف أكثر إلى: تأثير الأصدقاء على بعضهم البعض
كيف يؤثر الأصدقاء على بعضهم البعض؟
تقول: إن الصداقة لها تأثير كبير والأمر لا يتعلق بالشعور بالسعادة لقضاء الوقت معاً، ولكن لأن الأصدقاء يؤثرون على ما تفعله ولماذا تفعله (كما ذكرنا آنفاً)، وهذه بعض السياقات التي يظهر فيها تأثير الأصدقاء على بعضهم البعض.
أنت تفكر مثل أصدقائك
لا يمكنك أن تنكر أن دماغك يعمل حرفياً مثل أدمغة أصدقائك. وهذه أكثر من مجرد ملاحظة عابرة فطريقة التفكير الواحدة هي من أكثر ما يجمع بينكما ويوطد صداقتكما، كذلك فإنه من الملاحظ أنك تميل إلى الاستجابة بطرق مماثلة عاطفياً فيما يزعجك أو يسعدك. كما تميل أيضاً إلى توجيه انتباهك على نحو مماثل إلى نفس التفاصيل في قصة أو مقطع فيديو. كما تميل أيضاً إلى اتباع نهج مماثل في التفكير في حل مشكلة أو مواجهة تحدٍ ما. هذه التشابهات موجودة بين الأصدقاء بغض النظر عن العمر أو النوع، والدراسات تؤكد هذا الأمر فلكل منا نشاط عصبي مشابه لأصدقائنا في مناطق الدماغ من حيث معالجة الأشياء بطرق مماثلة والتوصل إلى استنتاجات مماثلة. حيث يؤثر الأصدقاء عليك لأنك تفكر على نحو مماثل (وهذا هو ما جمعك بهم وجعلكم أصدقاء)
أنت تختار أصدقاءً يشبهونك
فأنت تميل إلى اختيار الأصدقاء المشابهين لك عندما تتاح لك الفرصة. في مجموعة صغيرة، ستجد أصدقاءً قد يكونون أكثر أو أقل شبهاً بك. ولكن عندما تكون جزءاً من مجموعة أكبر مع مجموعة متنوعة أكبر من الأشخاص، ستميل إلى تكوين صداقات مع أشخاص يشبهونك أكثر وتتشارك معهم المزيد من القواسم المشتركة، ويؤثر الأصدقاء عليك لأنك تشعر بقرابة معهم. وكلما شعرت بتشابه أكبر مع صديقك، زاد تأثيره عليك.
الأصدقاء يؤثرن بهويتك
هناك جانب آخر مثير للاهتمام للصداقة، وهو كيف تؤثر على هويتك (التي تتبلور من مصادر عديدة مثل عائلتك وعملك وإنجازاتك وأصدقائك) وعلى الرغم من أنك قد لا تفكر في الأمر بوعي، لكنك تميل إلى ربط هويتك بهوية أصدقائك وطرق اتخاذ القرار. على سبيل المثال، إذا كان لديك صديق يتمتع بإنجازات عالية، و إذا كان لديك صديق مثقف وقارئ فستحاول أن تحذو حذوه لإيجاد سياق مشترك يربطكما، فإذا كان صديقك ناجحاً فإنك تعتبر نفسك ناجحاً أيضاً. أو إذا كان لديك صديق يتمتع بوعي اجتماعي، فستحاول أن تكون مثله، وإذا كانت لديك مجموعة أصدقاء مهتمين بصحتهم فستسعى لتهتم بصحتك لتكون بدائرتهم ومثلهم، وغالباً ما سيحدث هذا بدون تخطيط منك بل ستجد نفسك تدور في سياقاتهم وتقلدهم وتذوب بهم برغبتك وإرادتك.
وبالنهاية نظراً لأهمية علاقة الصداقة فلا بد لكل منا أن يختار أصدقاءه بحرص ودقة.
والسياق التالي يعرفك لماذا يُعتبر تأثير الأصدقاء قوياً في مرحلة المراهقة؟