تجربة أمّ مع تأديب طفلها المتعثر في المدرسة؟
في هذا الموضوع لن نركز فقط على طريقة عقاب الطفل المتعثر في المدرسة، فهو أمر قد يلجأ إليه الآباء والأمهات، بعد تجربة العديد من الطرق الدبلوماسية، وأساليب التعامل المرنة، لذلك سنركز على تجربة أمّ سردت فيها قصتها مع عقاب ابنها، بسبب سوء سلوكه في المدرسة، وطرده ليوم كامل، وهي تصرح بعدم خبرتها في التعامل مع مدير المدرسة، أو حتى مع ابنها، فكيف تصرفت، وما هي أهم الطرق لتأديب الطفل المتعثر في المدرسة، كما يؤكد عليها الاختصاصيون التربويون؟.
تقول الأم التي مرت بتجربة تأديب ابنها: “لقد كان أسبوعاً متوتراً في منزلي. فقد طُرد أحد أطفالي من المدرسة في ظهر أحد الأيام، وحُكِم عليه بالإيقاف عن الدراسة لبقية اليوم، بعد أن ضُبط وهو يرتكب بعض المشاغبات مع أصدقائه، الذين يرافقهم بسبب شقاوتهم، بحيث أصبح المعلمون حذرين من هذه المجموعة.
لقد تم استدعاؤنا إلى اجتماع مع نائب المدير قبل المدرسة، في اليوم التالي لإيقاف ابني عن الدراسة. وفي السيارة التي كنا في طريقنا إلى هناك، شعرنا وكأننا جميعاً في ورطة. لقد تحدثنا أنا وزوجي بالفعل حول استراتيجيتنا، واتفقنا على أننا لا نريد تعريض علاقتنا الجيدة بابننا لأي نوع من الخطر. ولكن في الوقت نفسه، لم نرغب في أن نكون مجرد بساط للقدمين. كنا نعلم أننا سنبقيه في المنزل طوال عطلة نهاية الأسبوع بلا أصدقاء ولا خطط. ولكننا أيضاً لم نرغب في الشعور وكأننا حراس سجن. لذلك كنت أتساءل: “ماذا يفعل الوالد غير المستبد عندما يحين وقت ممارسة سلطته”؟
داخل مكتب نائب المدير، بدا الأمر وكأنه فيلم مدرسي ثانوي من الثمانينيات، ولم أشعر بأنني أكثر نضجاً من ابني المراهق إلا قليلاً. وأثناء اطلاعي على تفاصيل أفعال ابننا السيئة، تحدث زوجي نيابة عنه في إحدى المرات، متسائلاً عما إذا كان أطفال آخرون يشاركونه نفس الذنب. شعرت بالانزعاج قليلاً لقد أتينا إلى هنا للتكفير عن خطايانا، وليس للدفاع عن أنفسنا! ولكن في وقت لاحق، شكره ابني. أدركت أنه كان نوعاً من الخداع لتذكير ابننا بالجانب الذي نقف معه.
في طريق العودة من المدرسة، كنت أتأرجح بين الرغبة في الاحتجاج والرغبة في طمأنته. لم أستطع أن أحدد بالضبط أين أقف، وهو شعور غير مألوف بالنسبة لي. أنا معجبة بالآباء الذين يتسمون بالحكمة في فرض الانضباط، لكنني لست واثقة تماماً من قدرتي على ممارسة هذا النوع من السلطة دون أن أبدو تعسفية وغير عادلة. من السهل جداً بالنسبة لي أن أرى نفسي من خلال عيون ابني. قد يكون هذا أحد تلك المواقف التي كلما فكرت فيها أقل، كان وضعك أفضل، وهو مسار لن أسلكه أبداً للأسف. كان الأمر مرهقاً، في الواقع. شعرت بحاجة قوية للاستلقاء وإغلاق عيني.
في تلك الليلة، قررنا جميعاً في المنزل الاحتفال بهذه المناسبة بمشاهدة فيلم The Breakfast Club، وهو تحفة فنية رائعة تدور أحداثها، جول مجموعة أصدقاء، في دور احتجاز في المدرسة، والشيء الرئيسي الذي يوحد المجموعة بأكملها هو الكراهية المبررة لوالديهم. الآباء في هذا الفيلم منافقون قساة ومسيئون ينفثون عيوبهم الشخصية، وهم غير قادرين على حماية الأطفال. يتفق جميع الأطفال على أنهم سيكونون أشخاصاً أفضل وأسعد إذا تمردوا على والديهم. ومن خلال هذا التمرد يجتمعون جميعاً، وفي النهاية تظهر رسالة الفيلم المفعمة بالأمل.
إن هذه الرسالة قد تصل إلينا اليوم بطريقة محرجة بعض الشيء. إن كل الآباء الذين أعرفهم يركزون على بناء علاقة حب مع أطفالهم. وهذا هو المبدأ الذي يقوم عليه أساس كل النصائح التربوية الشائعة اليوم، بدءاً من مرحلة الطفولة المبكرة. إن أغلب خبراء التربية الذين يوجهون النصائح التربوية يؤكدون لنا أن جعل أطفالنا يشعرون بالأمان العاطفي لا يقل أهمية عن سلامتهم الجسدية. وأعتقد أنني أتحدث باسم العديد من الآباء الذين أعرفهم عندما أقول إن كره أطفالي لي سيكون بمثابة اتهام كبير لشخصيتي. ولكن ماذا لو كان طفلي مخطئاً في التعامل معي؟
لقد أمضينا عطلة نهاية أسبوع لطيفة أثناء تواجد ابني في المنزل، جميعنا ألغى مشاغله، وتفرغ لهذه الجلسة، أعتقد أن أحد الأخطاء التي ارتكبتها والتي أدت إلى إيقاف ابني عن الدراسة كان تخفيف قبضتي على دوري كأم قليلاً خلال الأشهر القليلة الماضية. أنا فخورة بتربية ابني الاستقلالية، وأشعر أن قضاء المزيد من الوقت معه هو مكافأة أحصل عليها الآن ولكن ما يؤلمني كثيراً أنني تعلمت بأن طفلي لا يحتاج سوى إلى قدر من الرعاية، والوقت، الكافي لسماعه، وهذا ما حصل بالفعل عندما تفرغت له أنا ووالده في عطلة نهاية الأسبوع.”
تأثير العواقب السلبية
قد يكون من الصعب على الأطفال والآباء إجراء محادثات في المنزل حول سلوك الطفل في المدرسة. وقد يخشى الأطفال التحدث إلى والديهم بعد أن تلقوا بالفعل عقوبة على سلوكهم في المدرسة. كما قد يكافح الآباء لإيجاد طريقة لشرح لطفلهم أن ما فعله في المدرسة غير مقبول من دون إفساد أمسية الأسرة بأكملها في المنزل.
وفي أغلب الحالات، يضع المعلمون استراتيجيات تأديبية للتعامل مع سوء السلوك. وعادة ما يتضمن التأديب في المدرسة حرمان الطفل من استراحة اليوم، أو القيام بواجب إضافي أو مهمة صفية، أو البقاء بعد المدرسة للاحتجاز. كما يقوم معظم المعلمين بإخطار والدي الطفل بشكل روتيني عندما يخالف الطفل قاعدة من قواعد المدرسة.
وعندما يعلم الآباء بسوء سلوك طفلهم، فإنهم على الأقل يريدون التحدث معه حول هذه المسألة، وربما يرغبون حتى في معاقبته مثل حرمانه من امتياز في المنزل.
إن النتيجة المقصودة من استخدام العواقب في المدرسة والمنزل هي مساعدة الأطفال على تعلم هذا الدرس: “عندما أخالف قاعدة في المدرسة، فسوف أتعرض للعقاب أيضاً عندما أعود إلى المنزل. لذلك، لا أريد أن أخالف القواعد في المدرسة”.
ورغم ذلك فإن الأطفال قد يجدون صعوبة في تغيير سلوكهم في المدرسة، لذا فإن العقاب والمحاضرات في المنزل لسوء السلوك الذي يحدث في المدرسة غالباً ما يخلق فرصاً للتواصل السلبي بين الآباء والأبناء.
علاوة على ذلك، فإن حرمان الطفل من الامتيازات في المنزل بشكل متكرر بسبب سوء السلوك في المدرسة قد يقلل من دافع الطفل لاتباع أي قواعد لأنه ينتهي به الأمر فقط إلى الحصول على المزيد من العواقب السلبية.
أمور يجب التأكد منها قبل فرض العقاب
قبل معالجة مشكلة سوء السلوك المدرسي مع طفلك، تأكدي من حصولك على جميع المعلومات التي تحتاجينها من مدرسة طفلك.
متى حدث السلوك السيء؟
هل حدث ذلك خلال وقت فصل الرياضيات، أو في فترة الاستراحة؟
ماذا كان يحدث قبل الحادث؟ هل كان طفلك يتجادل مع أحد أقرانه؟ هل قيل له “لا”؟ هل أخذ طالب آخر شيئاً من طفلك؟ هل حاول طفلك مخالفة تعليمات شخص بالغ؟
هل كان طفلك على علم بالتوقعات أو القاعدة التي خالفها؟
كيف تعاملت المدرسة مع سلوك طفلك؟ هل تلقى أي عقوبة؟
ماذا ستفعل المدرسة/المعلم في المستقبل لمنع هذا السلوك؟
كيف تتصرفين لعقاب طفلك؟
- بمجرد حصولك على هذه المعلومات، اشكري معلم طفلك أو المسؤول لإخبارك بما حدث وأخبريه كيف تنوين تنمية مهارات حل المشكلات مع طفلك.
- اجلسي مع طفلك وتحدثي معه، واعرفي منه إذا كان سوء السلوك عبارة عن حادثة منعزلة تتضمن مخالفة بسيطة (على سبيل المثال، التحدث خارج الدور، أو نسيان الواجبات المنزلية، أو عدم المشاركة، أو تسمية طالب آخر باسم ما).
- أخبري طفلك بنبرة هادئة وواقعية، “أخبرني معلمك بما حدث اليوم في المدرسة، وإن عاقبك”.
- أخبريه أنك تشعرين بخيبة أمل لأن هذا حدث، وتأملين أن يكون الغد أفضل.
- اجعلي هذه المحادثة قصيرة ومباشرة!
- إذا كان ذلك مناسباً، فيمكنك أنت وطفلك إجراء جلسة عصف ذهني موجزة حول طرق محددة تمكنه من تجنب وقوع حوادث مماثلة في المستقبل.
- إذا كان السلوك السيء خطيراً أو حدث مرتين أو ثلاث مرات في الماضي، فقومي بتطوير نظام لإدارة هذا السلوك في المنزل والمدرسة وإعداد إجراء للتواصل بانتظام مع معلم طفلك.
- امدحي طفلك في الأيام التي يُظهر فيها سلوكاً إيجابياً طوال اليوم الدراسي، امدحيه في المنزل ودعيه يختار مكافأة خاصة من “قائمة المكافآت”. قد تشمل المكافآت الذهاب إلى الحديقة مع الأم أو الأب، أو اللعب على جهاز iPad أو اختيار حلوى خاصة للعشاء. تأكدي من أن طفلك يختار مكافأة كل يوم يقضي فيه يوماً جيداً.
- لا تقدمي لطفلك مكافأة عندما لا يحظى بيوم جيد في المدرسة، اشرحي له السبب باختصار بقولك: “أرى أنك لم تحقق هدفك في المدرسة اليوم. لا يحق لك اختيار مكافأة. دعنا نحاول مرة أخرى غداً لنحظى بيوم جيد”.
- قومي بإجراء محادثة قصيرة حول ما يحتاج طفلك إلى القيام به ليحظى بيوم جيد، ولكن اجعلي المحادثة قصيرة ولطيفة!
كيف تعاقبين طفلك بطريقة صحيحة حسب عمره؟
*ملاحظة من «سيدتي»: قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص.