«قسد»: تأجيل زيارة عبدي إلى دمشق «لأسباب تقنية»

تأجلت زيارة كان من المقرر أن يقوم بها القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية “قسد” مظلوم عبدي إلى دمشق، وذلك لأسباب وصفها مدير المركز الإعلامي للقسد، فرهاد شامي، بأنها “تقنية”. الزيارة، التي كانت تهدف إلى استئناف الحوار مع الحكومة السورية حول مستقبل المناطق التي تسيطر عليها القسد، تثير تساؤلات حول مسار المفاوضات والتوترات المستمرة في المنطقة. هذا التأجيل يمثل تطوراً مهماً في سياق الجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار في سوريا، خاصةً فيما يتعلق بملف قسد.
أعلن شامي عن التأجيل عبر منشور على منصة “إكس” (تويتر سابقاً) دون تحديد موعد جديد للزيارة. الخطوة تأتي بعد فترة من التكهنات حول إمكانية حدوث لقاء مباشر بين قيادة القسد ومسؤولين حكوميين سوريين، وهو ما لم يحدث منذ بداية الصراع السوري. وتشير التقارير إلى أن وساطات متعددة، بما في ذلك روسية، كانت تعمل على تسهيل هذا الحوار.
تأجيل زيارة مظلوم عبدي و مستقبل قوات سوريا الديمقراطية
يأتي تأجيل زيارة عبدي في وقت حرج بالنسبة للقسد، التي تواجه ضغوطاً متزايدة من عدة أطراف. تشمل هذه الضغوط التهديدات التركية المتكررة بشن عمليات عسكرية جديدة في شمال وشرق سوريا، بالإضافة إلى المطالب المتزايدة من الحكومة السورية باستعادة السيطرة على هذه المناطق. كما أن الوضع الاقتصادي المتردي في المناطق التي تسيطر عليها القسد يزيد من التحديات التي تواجهها.
خلفية العلاقات بين قسد والحكومة السورية
لطالما كانت العلاقة بين قسد والحكومة السورية معقدة. في بداية الصراع، تجنبت القسد بشكل عام المواجهة المباشرة مع قوات النظام، وركزت على محاربة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش). ومع ذلك، تصاعدت التوترات في بعض الأحيان، خاصةً في المناطق المتنازع عليها.
بعد سنوات من القتال، بدأت تظهر مؤشرات على رغبة في الحوار بين الطرفين، مدفوعة بالضغوط الإقليمية والدولية. تهدف هذه المحادثات إلى التوصل إلى اتفاق سياسي يضمن حقوق السكان في المناطق التي تسيطر عليها القسد، ويحدد دورها في الدولة السورية المستقبلية. وتعتبر قضية الحكم الذاتي الإداري من أبرز القضايا الشائكة في هذه المفاوضات.
الأسباب التقنية وراء التأجيل
لم يقدم شامي تفاصيل حول “الأسباب التقنية” التي أدت إلى التأجيل. وتتراوح التفسيرات المحتملة بين صعوبات لوجستية تتعلق بالترتيبات الأمنية للزيارة، إلى خلافات غير معلنة حول جدول الأعمال أو المشاركين.
يُرجح أن يكون التنسيق مع الجانب الروسي، الذي يلعب دوراً مهماً في الوساطة بين قسد والحكومة السورية، قد واجه بعض التعقيدات. كما أن التطورات الأخيرة في المنطقة، بما في ذلك التصعيد الإقليمي، قد تكون أثرت على الظروف المحيطة بالزيارة. وتشير بعض المصادر إلى أن هناك محاولات لإعادة تقييم الأهداف من الزيارة قبل المضي قدماً.
من الجانب السوري، لم يصدر أي تعليق رسمي حول تأجيل الزيارة حتى الآن. ومع ذلك، فإن الصمت الرسمي قد يشير إلى أن الحكومة السورية كانت على علم بالتأجيل، أو أنها تفضل عدم الخوض في التفاصيل في هذه المرحلة.
الوضع الأمني في سوريا بشكل عام لا يزال هشاً. تستمر الاشتباكات بين مختلف الأطراف المتنازعة، بما في ذلك قوات النظام والمعارضة وتنظيم الدولة الإسلامية. بالإضافة إلى ذلك، فإن التدخلات الخارجية في الشأن السوري تعقد المشهد السياسي والأمني. هذه العوامل تزيد من صعوبة التوصل إلى حلول سياسية مستدامة.
تعتبر قضية الوضع الأمني في شمال وشرق سوريا من القضايا الرئيسية التي تثير قلق الأطراف الإقليمية والدولية. تخشى تركيا من وجود تهديد أمني ينبع من هذه المناطق، وتطالب بإنشاء “منطقة آمنة” على طول حدودها مع سوريا. في المقابل، تعتبر القسد أن تركيا تسعى إلى تغيير التركيبة السكانية للمنطقة، وتقويض جهود تحقيق الاستقرار.
بالإضافة إلى ذلك، فإن قضية اللاجئين السوريين في تركيا تثير توترات إضافية. تسعى تركيا إلى إعادة توطين بعض اللاجئين في المناطق التي تسيطر عليها القسد، وهو ما يرفضه العديد من السكان المحليين.
تأجيل زيارة مظلوم عبدي يمثل بالتأكيد انتكاسة للجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار في سوريا. ومع ذلك، فإنه لا يعني بالضرورة فشل المفاوضات. من المرجح أن تستمر الجهود الدبلوماسية في الأيام والأسابيع القادمة، بهدف إيجاد حلول سياسية تضمن حقوق جميع السوريين.
في الوقت الحالي، من غير الواضح متى سيتم إعادة جدولة الزيارة. يعتمد ذلك على تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في سوريا، وعلى نتائج المشاورات بين قسد والحكومة السورية والجهات الوسيطة. من المتوقع أن تشهد المنطقة مزيداً من التوتر وعدم اليقين في الفترة القادمة، وهو ما قد يعقد جهود تحقيق السلام والاستقرار. يجب مراقبة التطورات المتعلقة بـالمفاوضات السورية عن كثب، بالإضافة إلى أي تحركات عسكرية أو دبلوماسية من قبل الأطراف المعنية.

