طرق تعليم الأطفال حل مشاكلهم بأنفسهم وبناء شخصياتهم
إن حل المشكلات مع الأطفال أمر حيوي للتعامل مع تعقيدات الحياة، ومن الأفضل تنميته منذ سن مبكرة. حتى لو رددت عبارة “عليك أن تكتشف الأمر بنفسك” أكثر من مرة، أمام طفلك، عندما يحتاج لمساعدة في حل واجباته المدرسية، أو مساعدة لفك شجار بينه وبين إخوته، أو لردع تنمر يقع عليه في المدرسة، قد لا يستطيع إيجاد الحل بنفسه، طفلك بحاجة لمساعدتك، فهناك استراتيجيات معينة تمكن الطفل من حل مشاكله بنفسه، وإليك كيفية القيام بذلك، كما ينصحك الخبراء والمتخصصون.
الاستراتيجية 1: حلّي المشاكل اليومية أمام طفلك
اظهري مهاراتك في حل المشكلات في الحياة اليومية أمامهم لتعليم الأطفال كيفية التعامل مع التحديات، واعلمي أن الطفل
يتعلم من خلال ملاحظة والديه. فعندما يواجه أحد الوالدين تحدياً ويعبر عن عملية تفكيره، فإن هذا يوفر مثالاً عملياً وواقعياً لحل المشكلات.
وعندما يوضح الآباء خطوات حل المشكلات، يتعلم الأطفال التفكير النقدي والتحليلي. حيث تساعد هذه العملية في تطوير مهاراتهم المعرفية. لذلك قومي بالتعبير عن أفكارك لفظياً عند مواجهة مشكلة. على سبيل المثال، إذا كان عليك الاختيار بين شراء منتجات مختلفة، فيجب عليك شرح إيجابيات وسلبيات كل خيار بصوت عالٍ، ومن المفيد التعبير عن مشاعرك تجاه بعض المشكلات وكيفية إدارة هذه المشاعر. وهذا يعلمك كيفية تنظيم المشاعر إلى جانب حل المشكلات، وفي المقابل
قومي بإشراك الأطفال في الحلول، بالنسبة للمشاكل المناسبة لأعمارهم، اشركي الأطفال في عملية اتخاذ القرار. واطلبي آراءهم وناقشي النتائج المحتملة، فهذا يعزو الثقة لديهم عندما يرون والديهم يعالجون المشاكل بفعالية، كما تعمل هذه الطريقة على تعزيز التفكير النقدي ومهارات اتخاذ القرار لدى الأطفال، وتجعلهم أكثر استعداداً لمواقف الحياة الواقعية، ويفهمون أن المشاكل هي جزء طبيعي من الحياة ويمكن التعامل معها بشكل منطقي وهادئ.
يمكنك تجربتها.. أهم الطرق لتدريب الأطفال على تحمل المسؤولية
الاستراتيجية الثانية: شجّعي أطفالك على اللعب الإبداعي
اللعب الإبداعي، يؤدي إلى التفكير الإبداعي، والمشاريع اليدوية ليست مجرد أشكال من الترفيه للأطفال؛ بل هي أدوات أساسية لتطوير مهارات حل المشكلات. فهي تحفز من خلال المشاركة في أنشطة مثل بناء الحصون، أو الحرف اليدوية، أو سيناريوهات اللعب الخيالية وتشجع الأطفال على التفكير خارج الصندوق، وهو جانب أساسي من حل المشكلات. وغالباً ما يتضمن اللعب الإبداعي التجربة والخطأ، مما يعلم الأطفال أنه من الجيد الفشل والمحاولة مرة أخرى، وهو عنصر أساسي في حل المشكلات. فعندما يقوم الأطفال بالإبداع والاستكشاف في بيئة غير منظمة، فإنهم يتعلمون التكيف وتغيير أساليبهم، وهو أمر حيوي في حل المشكلات.
يمكن الاستعانة بمشاريع DIY كأدوات تعليمية، حيث توفر مشاريع “اصنعها بنفسك” فرصاً عملية للأطفال لمواجهة وحل مشكلات العالم الحقيقي. يتعلمون من خلالها اتباع الخطوات واستخدام الأدوات وفهم عملية إنشاء شيء ما من البداية إلى النهاية. كما أن العمل على المشاريع مع الآخرين، بما في ذلك الآباء أو الأشقاء، يعزز قدرتهم على العمل كفريق واحد وحل المشكلات معاً، وإكمال مشروع ما بنجاح يغرس شعوراً بالإنجاز والثقة في قدراتهم على حل المشكلات.
بهذا يتعلم الأطفال التفكير النقدي حول كيفية استخدام المواد والخطوات التي يجب اتخاذها لتحقيق النتيجة المرجوة.
كما يتعلمون المثابرة و أن ليس كل محاولة تؤدي إلى النجاح الفوري، وهذا يعزز التفكير المستقل ومهارات اتخاذ القرار.
الاستراتيجية الثالثة: اتبعي طرقاً منظمة لحل المشكلات
تساعد الطريقة المنظمة لحل المشكلات عند الأطفال على التعامل مع التحديات بطريقة أكثر تنظيماً وفعالية، وإليك طريقة حل المشكلات خطوة بخطوة:
تحديد المشاعر:
ابدئي بمساعدة الأطفال على التعرف إلى مشاعرهم المرتبطة بالمشكلة وتسميتها (على سبيل المثال، الإحباط، والارتباك). هذه الخطوة ضرورية لتنظيم المشاعر والتفكير الواضح.
حدّدي المشكلة:
قومي بتوجيه الأطفال إلى التعبير عن المشكلة بوضوح. شجعيهم على التعبير عن المشكلة بكلماتهم الخاصة، مما يساعد في فهم التحدي بشكل أعمق.
استخدموا العصف الذهني للحلول:
شجعي الأطفال على التفكير في أكبر عدد ممكن من الحلول، دون الحكم على الأفكار في البداية. تعمل مرحلة العصف الذهني عند الأطفال هذه على تعزيز الإبداع والانفتاح الذهني.
تقييم الحلول:
ارشدي الأطفال إلى التفكير في إيجابيات وسلبيات كل حل. اطرحي عليهم أسئلة مثل “ماذا يمكن أن يحدث إذا حاولت هذا؟” لمساعدتهم على التفكير في النتائج.
اختاري الحل:
شجّعي الأطفال على اختيار الحل بناءً على تقييمهم. هذه الخطوة تمكنهم من اتخاذ القرارات وتولي مسؤولية عملية حل المشكلات.
قوموا بتنفيذ الحل:
إن توجيههم في وضع الحلول التي اختاروها موضع التنفيذ. خطوة تترجم فهمهم النظري إلى تطبيق عملي.
تأملوا في النتيجة:
بعد تنفيذ الحل، ناقشي مع الأطفال ما نجح وما يمكن تحسينه. يساعد هذا التأمل في التعلم من التجربة.
هل تدربتِ على أنشطة تنمية مهارات التفكير عند الأطفال؟
الاستراتيجية الرابعة: قومي بقراءة ومناقشة القصص التي تساعد على حل المشكلات
القصص والكتب، أدوات فعّالة لتعليم حل المشكلات. فهي تقدم سيناريوهات يمكن التعامل معها حيث يواجه الشخصيات التحديات ويتغلبون عليها، وتوفر دروساً من الحياة الواقعية في بيئة خيالية. لذلك اختاري الكتب المناسبة، التي تركز على الشخصيات التي تحل المشكلات. الكتب مثل “Ladybug Girl and Bumblebee Boy” لجاكي ديفيس و”The Curious George Series” لمارجريت وHE Rey هي أمثلة رائعة حيث تواجه الشخصيات المعضلات وتحلها.
وقومي بإشراك الأطفال في المناقشات حول القصة. اطرحي أسئلة مثل “ما المشكلة التي تواجهها الشخصية؟” و”كيف حلها؟” يساعد هذا الأطفال على فهم عملية حل المشكلات، وخلال هذه الأسئلة شجّعي الأطفال على ربط أحداث القصة بحياتهم الخاصة. وناقشي معهم كيف يمكنهم التعامل مع مواقف مماثلة، مما يعزز التعاطف والتواصل الشخصي، واطلبي منهم أن يتنبأوا بالنتائج أو يقترحوا حلولاً بديلة للشخصيات. وهذا يحفز التفكير النقدي لدى الأطفال وخيالهم، عن طريق تمارين لعب الأدوار المستندة إلى القصص. يساعد تمثيل السيناريوهات المختلفة على ترسيخ أساليب حل المشكلات التي تستعرضها الشخصيات.
الاستراتيجية الخامسة: عزّزي استقلالية الطفل وجهّزيه للتعلم من الفشل
إن تعزيز الاستقلالية لدى الأطفال يشكل جانباً بالغ الأهمية من نموهم. ويتطلب ذلك السماح لهم باتخاذ القرارات والمجازفة، والأهم من ذلك، التعلم من أخطائهم، لكن تجنبي التسلط المفرط لأنه قد يعيق قدرة الطفل على تطوير مهارات حل المشكلات. إن السماح للأطفال بمواجهة التحديات والفشل أحياناً يعلمهم المرونة والاعتماد على الذات، كما أن الأخطاء والفشل هي فرص تعلم قيمة. فهي تعلم الأطفال أن كل محاولة لن تكون ناجحة وأن المثابرة هي المفتاح.
وفي خضم هذا شجعي الأطفال على خوض المخاطر المدروسة. فهذا يساعدهم على تعلم كيفية تقييم الخيارات واتخاذ القرارات بناءً على أحكامهم، في بيئة داعمة، حيث يشعر الأطفال بالأمان عند الفشل. شجّعيهم على المحاولة مرة أخرى ووجّهيهم إذا ما حدث خطأ. وقدّمي ملاحظات بناءة تركز على الجهد والاستراتيجية وليست النتيجة. يساعد هذا النهج الأطفال على فهم أن الفشل جزء من عملية التعلم.
الاستراتيجية السادسة: استخدمي الأسئلة المفتوحة
تُعد الأسئلة المفتوحة أداة فعّالة في تشجيع التفكير النقدي وحل المشكلات لدى الأطفال. لا تحتوي هذه الأسئلة على إجابة محددة مسبقاً، مما يسمح للأطفال باستكشاف أفكارهم وآرائهم بحرية.
اطرحي أسئلة لا يمكن الإجابة عليها ببساطة بـ “نعم” أو “لا”. ومن الأمثلة على ذلك، “كيف يمكننا حل هذه المشكلة معاً؟” أو “ما الذي تعتقد أنه سيحدث إذا …؟”، واطلبي من الأطفال شرح تفكيرهم من خلال أسئلة مثل، “كيف توصلت إلى هذا الاستنتاج؟” أو “هل يمكنك أن تخبرني المزيد عن عملية تفكيرك؟”، واستخدمي الأسئلة التي تشجع الأطفال على استخدام خيالهم، مثل “ماذا ستفعل إذا كنت في هذا الموقف؟” أو “كيف ستتعامل مع هذا بشكل مختلف؟”
هذه الأسئلة تجعل الأطفال يفكرون في جوانب مختلفة من المشكلة والحلول المحتملة، مما يعزز قدراتهم على حل المشكلات. حيث تتطلب الأسئلة المفتوحة من الأطفال التعبير عن أفكارهم بوضوح، ما يؤدي إلى تحسين مهارات التواصل لديهم. وعندما يعبر الأطفال عن أفكارهم ويتم الاستماع إليهم، فإن ذلك يعزز احترامهم لذواتهم وثقتهم في قدراتهم. كما أن الرد على إجاباتهم بطريقة غير حتمية، تشجعهم على المشاركة بحرية أكبر. وعلى استكشاف إجابات ووجهات نظر مختلفة، مما يؤكد على أنه غالباً ما تكون هناك طرق متعددة للتعامل مع المشكلة.
*ملاحظة من «سيدتي»: قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص