طفلي لا يتقبل الآخرين .. ماذا أفعل؟ وكيف أغير من طباعه؟
قد تأتي جملة ابنك، الذي لم يتجاوز 4 سنوات، صادمة عندما يقول: “أنا لا أحب ابن الجيران سعيد لأن جلده أسود”، هنا ستتساءلين عن السبب الذي أثار تعليقه، وهو منذ كان في السنة الأولى من المدرسة يتعلم في مدرسة مختلفة الجنسيات والأعراق والألوان. هذا ما يكشف لك أسبابه وعلاجه الدكتور محمد بن جرش، باحث وكاتب إماراتي.
يلاحظ الأطفال اختلافات جسدية، بما في ذلك لون البشرة، منذ أن يبلغوا الـ 6 أشهر. وبعد السنة الأولى من عمر الطفل يبدأ تأكيد الهوية الجنسية وتقسيم العالم إلى “أشياء للفتيات” مقابل “أشياء للأولاد ” فهو سلوك نموذجي للأطفال في سن ما قبل المدرسة.
وقد أظهرت الدراسات أنه في سن الخامسة، يمكن أن يظهر الأطفال علامات التحيز العنصري، مثل معاملة الناس من مجموعة عرقية أكثر إيجابية من الأخرى. وهنا فإن تجاهل الموضوع أو تجنبه لا يحمي الأطفال، بل يتركهم عرضة للتحيز الموجود حيثما نعيش. فيما سيواجه الأطفال الآخرون العنصرية ويشعرون بالضياع أثناء محاولتهم، فهم سبب معاملتهم بطريقة معينة، الأمر الذي يمكن أن يؤثر بدوره على نموهم ورفاههم على المدى الطويل.
ابدئي بنفسك
من الناحية التربوية تركز هذه المادة في البداية على افتراض أنك لست أماً عنصرية، وقد وصلت إلى مرحلة “عمى الألوان”، كما يعبر المتخصصون، وفي هذه المرحلة أنت تركزين على معاملة الأفراد على قدم المساواة لإنهاء التمييز، لكن الأطفال لا يمكن معاملتهم على مبدأ “عمى الألوان”، لذلك فإن صمتك وعدم الرد على أسئلتهم، حول العرق واللون سيعزز العنصرية لديهم. ولتجنب ذلك ابدئي بنفسك:
اسألي نفسك: “كيف أفكر أنا”؟
أي هل أنت متحيزة، هل تعتقدين أن أفكارك تؤثر على سلوكك؟ هل من تتعاملين معهم يمثلون مختلف الألوان والعرقيات؟ قد تكون هذه الخطوة غير متوفرة من حولك، ولكنها ضرورية. فأنت المثال الذي يتبعه طفلك، فهو يتعلم منك اللغة وعدم التحيز مع مرور الوقت.
نوعي شبكاتك الاجتماعية
سيكون من الصعب إقناع طفلك بأن الأشخاص الملونين “جيدون” عندما يكونون فقط حول الأشخاص الذين يشبهونهم، أو يرونك فقط حول الأشخاص الذين يشبهونك. وبالتالي، قد تحتاجين إلى إلقاء نظرة على مجموعتك الاجتماعية ومحاولة زيادة اختلاطك بأشخاص ملونين.
كوني مدافعة
يفهم الأطفال والمراهقون المفهوم العام القائل بأن “الأفعال تتحدث بصوت أعلى من الكلمات”. فلا تتصرفي عكس ما تدعينه، مثل أن تكوني متحيزة كما يفهمون وفجأة تنعتين الناس بجنسياتهم، على شكل شتيمة. أو تمنعين عنهم تقديم خدمة مثلاً.
ناقشي أطفالك
اخلقي معهم محادثات حماسية، فالأطفال يميلون إلى ملء الفراغات عندما يكون لديهم فجوات في فهمهم. وإذا لم تبتكري هذه المحادثات، سيبدأ طفلك بتشكيل أفكاره حول العرق من العالم الخارجي، الذي يمكن أن يكون متحيزاً، فاختاري حدثاً واحداً يعرضه مقطع فيديو قصير من YouTube وابدئي النقاش حوله.
غذي تجارب أطفالك
أي وسعي طفلك للثقافات المختلفة، وقد يتضمن هذا الذهاب إلى مهرجان ثقافي أو تسجيل طفلك في مخيم صيفي متنوع. وتوفير دمى بدرجات مختلفة من الألوان في البيت، كما يمكن اللجوء إلى بعض الكتب والأفلام التي تصور جميع العرقيات بكثير من التسامح، والبودكاست وألعاب الفيديو والأفلام ومقاطع الفيديو عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي. أو حتى الخرائط، للحصول على بعض الأفكار حول موارد وسائل الإعلام التي تتحدث عن التسامح.
نوعي وسائل الإعلام التي تتابعينها في المنزل
من المهم أن لا يكون لديك وسائل إعلام محددة تتناول العنصرية والعرق. ومن المهم أيضاً مشاركة القصص مع الأطفال التي تبرز الأشخاص الملونين التي تعكس الخصائص والقيم التي يريدها أطفالك (مثل اللطف والانفتاح والبراعة). وعندما تقرئين أو تشاهدين التلفزيون، أشيري إلى الإيجابيات: “إنه صيني، إنه أسود، وهو أبيض. انظروا إلى ذلك جميعهم يستمتعون معاً”.
تعليم مواجهة العنصرية حسب عمر الطفل
الأطفال تحت 5 سنوات
في هذا العمر، قد يبدأ الأطفال في ملاحظة الاختلافات في الأشخاص الذين يرونهم حولهم والإشارة إليهم. بصفتك أحد الوالدين، لديك الفرصة لوضع أساس رؤيتهم للعالم بلطف. شريطة استخدام لغة مناسبة للعمر وسهلة الفهم.
- قومي بكسر بيضة بيضاء ثم بيضة بنية، وأظهري لطفلك كيف يكون نفس الشيء في الداخل. أو يمكنك أن تقدمي له هديتين واحدة ملفوفة بشرائط وبريق، وأخرى في علبة مجعدة. املئي اللامعة بالأوساخ والأخرى بما يفضله أو يحلم به. ثم ابدئي النقاش: “هل يمكنك حقاً الحكم على ما بالداخل من الخارج.
- اسألي طفلك عن لون بشرة شخص ما، فيمكنك استخدامه كفرصة للاعتراف بأن الأشخاص يبدون مختلفين بالفعل، ولكن للإشارة إلى الأشياء المشتركة بيننا. يمكنك أن تقولي “كلنا بشر، لكننا جميعاً فريدون، أليس هذا رائعاً”؟
- إذا كانوا يشيرون إلى الأشخاص الذين يبدون مختلفين، وهو غالباً بسبب الفضول عند الأطفال، تجنبي توبيخهم بشدة، وإلا سيعتقدون أنه موضوع من المحرمات.
الأطفال من 6 11 سنة
الأطفال في هذا العمر أكثر رغبة في التحدث عن مشاعرهم، وهم متلهفون للحصول على إجابات. كما أنهم أصبحوا أكثر تعرفاًعلى المعلومات التي قد يصعب معالجتها.
- كوني فضولية واسأليهم عما يسمعونه في المدرسة ويتابعونه على التلفزيون وعبر وسائل التواصل الاجتماعي.
- ناقشي معهم ما تقرئينه على وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت، وهو أحد مصادر المعلومات الرئيسية لأطفالك. أظهري اهتماماً بما يقرأونه والمحادثات التي يجرونها عبر الإنترنت. ابحثي عن فرص لاستكشاف أمثلة عن التحيز العنصري في وسائل الإعلام، مثل “لماذا يتم تصوير أشخاص معينين على أنهم أشرار بينما لا يتم تصوير أشخاص آخرين؟”
- تحدثي بصراحة، فإن إجراء مناقشات صادقة ومفتوحة حول العنصرية متنوعة وشاملة يبني الثقة معهم. يشجعهم على عرض أسئلة ومخاوف الأطفال أمامك. إذا كانوا يرونك كمصدر موثوق به للمشورة، فمن المرجح أن يتفاعلوا معك في هذا الموضوع أكثر.
المراهقون في سن 12 14 سنة
في هذه المرحلة هم قادرون على استيعاب المفاهيم المجردة بشكل أكثر وضوحاً والتعبير عن آرائهم. قد يعرفون أكثر مما تعتقدين أنهم يعرفون ولديهم مشاعر قوية حول الموضوع.
- حاولي فهم ما يشعرون به وما يعرفونه، واستمري في المحادثة، حتى تتعرفي على ما يعرفه ابنك عن العنصرية والتمييز. ماذا سمع في الأخبار، في المدرسة، من الأصدقاء؟
- اطرحي الأسئلة على طفلك، وابحثي عن فرص مثل الأحداث في الأخبار لإجراء محادثات مع أطفالك حول العنصرية. اسألي عما يفكرون به وقدميلهم وجهات نظر مختلفة للمساعدة في توسيع فهمهم.
- شجعيهم على المشاركة في أنشطة عبر الإنترنت. والتي تتحدث عن القضايا العرقية، وهي فرصة لتعليمهم كيفية النقاش مع الناس بهدوء وأدب.
- ناقشي معهم قصص الماضي معاً لفهم الحاضر بشكل أفضل. مثل نهاية الفصل العنصري في جنوب إفريقيا وحركة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة، والحركات الأخرى من أجل المساواة في جميع أنحاء العالم، وهي رموز لماضي صادم لا تزال المجتمعات تتعافى منه. يمكن أن يؤدي فهمها معاً إلى تسليط الضوء على المسافة التي وصلنا إليها والمدى الذي لا يزال يتعين علينا قطعه.
- افهمي أن هذه التجارب تساعد ابنك على بناء الثقة والانفتاح على وجهات نظر مختلفة.
*ملاحظة من «سيدتي»: قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص