الصداقات أساسية لنمونا. إنها توفر الثقة والقرب والحميمية، وهو أمر ذو قيمة لرفاهيتنا النفسية والعاطفية، وحيث تؤثر جودة الصداقة بشكل كبير على حياتنا، كما أنها ترتبط بالسعادة واحترام الذات وما يكتسبه كل صديق من صديقه، على أن قوة وقيمة العلاقة بين الأصدقاء ترتبط بالحدود التي تتم صياغتها بين الأصدقاء، فلا يصح أن نجعل أصدقاءنا يتدخلون بحياتنا لدرجة كبيرة أو يزجون بأنفسهم في خصوصياتنا؛ ولكي تكون العلاقة صحية ولا نتأذى منها لا بد من مشاركة حدودنا، حتى نعزز ثقافة التعاطف والتفاهم. بالسياق التالي “سيدتي” التقت خبير التنمية البشرية نجوان عبد الفتاح لتخبرك عن كيفية وضع الحدود الصحية في الصداقات.
ما هي الحدود الصحية بالصداقات؟
تقول نجوان: الحدود الصحية في الصداقات هي مبادئ توجيهية للسلوكيات المقبولة بين الأصدقاء أو هي ضوابط وقواعد شخصية تضعها لنفسك بحيث لا يتجاوزها الآخرون في التعامل معك، حيث توضح هذه الحدود للأصدقاء مدى وجودهم المسموح به في حياتك، ما تريده وما تقبله، وما ترفضه من سلوكيات غير مقبولة بالنسبة لك مثل التنمر أو السخرية أو الكذب أو حديث السوء أو انتقاد ما ترتديه أو جعلك تشعر بالسوء (مثلاً) تجاه هدفك المتمثل في المشاركة في سباق ما أو مسابقة ما، ودون أن يدركوا قد يكونون قد تجاوزوا الحدود فأساءوا لك بحسن نية، ومن ثمّ يمكنك منع هذه الأمور من خلال إيصال حدودك للآخرين.
تقول نجوان: في بعض الأحيان يكون لدينا أصدقاء نحبهم حقاً، لكنهم يضعون افتراضات حول علاقتنا تجعلنا غير مرتاحين. فمثلاً قد يأتون للزيارة دون سابق إنذار أو بوقت غير مناسب أو يتوقعون أن يتم تضمينهم في كل ما نقوم به. بدلاً من الشعور بالاستياء أو التخلي عن صديق رائع، فإن الشيء الأكثر احتراماً الذي يمكننا القيام به هو معالجة اختلافاتنا، وفرض حدودنا حتى لا يتجاوزها أحد فتندم ويندم الطرف الآخر.
قد ترغبين في التعرف إلى: كيفية إحياء الصداقات القديمة؟
أهمية وضع حدود في الصداقات
تقول نجوان: لا يمكن أن ينكر أي منا أهمية الصداقة في حياتنا وتأثيرها بصحتنا النفسية وكيف يمكن أن تزدهر الحياة بالأصدقاء، ولكن ينبغي علينا الانتباه ألا نترك الأمر منفتحاً، وللصديق حرية أن يصول ويجول ويتحكم بحياتنا لأن ذلك ولا شك سيصيبنا بالأذى، مما يتسبب في كثير من المشاكل والخلافات، وقد يضعف من أواصر العلاقة ومن ثمّ لا بد من وضع حدود صحية في الصداقات.
- وضع الحدود بالعلاقات خاصة الصداقة سيعمل على حماية هويتك ومساحتك الشخصية.
- وضع الحدود بالصداقات يمكنه أيضاً منع الآخرين من استغلالك أو تقييد ما تريد القيام به.
- وضع الحدود بالصداقات يؤدي لتحسين صحتك العقلية والعاطفية وتعزيز صداقاتك.
- وضع الحدود بالصداقات يجنب العلاقة التوتر والقلق، ويجنبك الاستياء والضيق من العواقب الشائعة الأخرى لعدم وجود حدود.
تؤكد نجوان أن رفض السلوك الذي يتجاوز الحدود قد يكون أسهل من مواجهته، على أن تجنبه يكون غير مناسب، على أن مناقشة حدودك يمكن أن تساهم في فتح التواصل والتفاهم المتبادل بينك وبين أصدقائك، وعلى الرغم من أن فكرة إجراء مثل هذه المناقشة قد تثير مشاعر التوتر أو التوجس، إلا أنه عملياً مستويات التوتر تكون أقل بين الأصدقاء الذين يعرفون حدود تعاملاتهم مع بعضهم البعض.
كيفية وضع هذه الحدود؟
تقول نجوان: الحدود الصحية في الصداقات لا بد أن تكون واضحة وموجزة ومتسقة. وإذا كنت تعتقد أن المحادثة ستكون محرجة عند مناقشة حدود تعاملك وتقبلك لصديقك، فيمكنك من الاستعانة ببعض المهارات مثل الاستماع بنشاط، وطرح الأسئلة، والصدق، وحتى استخدام الفكاهة لتخفيف المناقشة.
- خلال إجراء المحادثة حول حدود العلاقة بينك وبين صديقك:
- تذكر استخدام “أنا” وتجنب الاتهامات أو الإهانات.
- ابدأ بالقول كم تقدر صداقتك مع صديقك.
- قم بتوصيل حدودك ببساطة ووضوح.
- عبّر عن احتياجاتك ورغباتك وحدودك.
- لا تعتذر أو تختلق الأعذار.
- كن حازماً، لكن لطيفاً أيضاً.
- ذكّر صديقك أنك تهتم به.
- يمكنك استخدام عبارات مثل “هذا يؤذيني أو يضايقني”، “أريد أن يتوقف هذا التصرف” أو “هذا ما أحتاجه”، أو “أفهم أنك تحاول مساعدتي، ولكنني أريد أن أجعله قراري الخاص”.
- بعد مناقشة الحدود، سيحتاج صديقك إلى فهم ما تطلبه منه، ولذلك فالتواصل المباشر سيجنبك أنت وصديقك سوء الفهم ويعمل على تحسين العلاقة.
- من المهم أثناء إجراء النقاش حول حدود العلاقة تحديد ما تريد.
- لا بد من امتلاك مشاعرك والتأكيد على ما تقدره في شخص صديقك.
- اعلم أنه على الرغم من صعوبة هذه المناقشات، إلا أننا نمنح أصدقاءنا فرصة لتغيير السلوك الذي يسبب لك القلق والأذى، والذي قد لا يعتبرونه غير مرغوب فيه.
تقول نجوان: بالنهاية إذا قاوم أصدقاؤك حدودك:
- استمر في تذكيرهم.
- انصحهم بلطف.
- إذا لزم الأمر، استخدم تواصلاً أكثر حزماً.
- إذا رفضوا احترام الحدود التي حددتها، قرر ما إذا كانت الصداقة تستحق الحفاظ عليها أو تسطيحها.
وإذا كنا ننصحك بوضع الحدود في التعاملات مع الأصدقاء، فبمتابعتك للسياق التالي ستتعرف إلى: دروس في الحياة تتعلمها ولكن بعد فوات الأوان
