كيف حاور الشعراء القمر وما أجمل الأشعار التي تغنت به؟
في السياق التالي، وفي ظل إطلاق السعودية على العام الحالي (2023) عام الشعر العربي، واحتفاءًا بدوره الحضاري وقيمته المحورية في الثقافة العربية، سيدتي جمعتِ لك بعض من أفضل القصائد التي نظمها الشعراء عن القمر مختالين به أو مستشهدين به أو متتبعين تقلباته وراصدين تغيراته، أو حتى مقحمينه بمختلف حالاتهم الشعورية وأحوالهم الحياتية وتطوراتهم الوجدانية.. أخبرينا رأيك بهذه المجموعة المنتقاة.. وأخبرينا بعض من الأشعار والأبيات التي تعرفينها عن القمر وكيف حاوره الشعراء.
• كيف تغزل الشعراء بالحبيبة؟
حتى اليوم إذا أردنا أن نصف جمال المرأة فهي تبدو كالقمر، وإذا أردنا أن نصف وجهها فهو البدر، وإذا أردنا التغزل ببهائها فطلتها كالضي وبياضه
يقول مجنون ليلى (قيسٍ بن الملوح)
بَيْضَاءُ باكَرَهَا النَّعِيمُ كَأنَّهَا قَمَرٌ تَوَسَّطَ جُنْحُ لَيْلٍ أسْوَدِ
مَوسومةٌ بالحٌسنِ ذات حواسد إنَّ الحِسانَ مظنة للحَسدِ
وتَرى مَدامِعهَا ترقرقُ مُقلةً سَوداءَ تَرغبُ عن سَوادِ الإثمِدِ
ويقول جميل بثينة
هي البـدر حسنا والنساء كواكب… وشتّان ما بين الكواكـب والبـدر
بقد فُضِّلتْ حُسْنا على الناس مثلما … على ألف شهرٍ فُضِّلتْ ليلة القدر
يقول أبو الطيب المتنبي
سَفَرَتْ وبَرْقَعَها الفِراقُ بصُفْرَةٍ سَتَرَتْ مَحاجرَها ولم تَكُ بُرْقُعَا
فكأنّها والدّمْعُ يَقْطُرُ فَوْقَها ذَهَبٌ بسِمْطَيْ لُؤلُؤٍ قد رُصّعَا
نَشَرَتْ ثَلاثَ ذَوائِبٍ من شَعْرِها في لَيْلَةٍ فَأرَتْ لَيَاليَ أرْبَعَا
واستَقْبَلَتْ قَمَرَ السّماءِ بوَجْهِها فأرَتْنيَ القَمَرَينِ في وقْتٍ مَعَا
رُدّي الوِصالَ سقَى طُلولَكِ عارِضٌ لوْ كانَ وَصْلُكِ مِثْلَهُ ما أقْشَعَا
يقول أبو تمام
قَمَرٌ تَبسَّمَ عَنْ جُمَانٍ نابتِ فَظَلِلْتُ أَرمُقُه بِعَينِ البَاهِتِ
ما زال يقصر كلُّ حُسنٍ دونه حتَّى تفاوَتَ عَن صِفاتِ النَّاعِتِ
سَجَدَ الجَمالُ لِوَجْهِهِ لمّا رَأَى دَهَشَ العُقُولِ لحُسنِهِ المُتفَاوتِ
إِنيّ لأَرجُو أَنْ أنالَ وِصَالَهُ بالعَطْفِ منهُ وَرَغْمَ أنْفِ الشَّامِتِ
ويقول ابن زيدون
ما جالَ بعدكِ لحظي في سنَا القمرِ إلاَّ ذَكَرْتُكِ ذِكْرَ العَيْنِ بِالأَثَرِ
ولا استطلْتُ ذماء اللّيلِ من أسفٍ إِلاَّ عَلى لَيْلَةٍ سَرَّتْ مَعَ القِصَرِ
ناهيكَ مِنْ سَهَرٍ بَرْحٍ تَأَلَّفَهُ شوقٌ إلى ما انقضَى من ذلك السَّمرِ
فليْتَ ذاكَ السّوادَ الجونَ متَّصلٌ لو استعارَ سوادَ القلبِ والبصرِ
ويقول أسامة بن منقذ
يا لائمِي انظرْ إلى قَمرٍ في الأَرضِ في وجناتِهِ شَفَقُ
وبخَدِّهِ وردٌ إذا نظرتْ عَيني إليهِ تَناثَر الوَرَقُ
سُبحانَ مَن أذكى بوجنَتِه نارَ الحَياءِ وليسَ يَحترِقُ
ويقول الشاعر بهاء الدين زهير عن القمر
حبيبي على الدُّنيا إذا غبتَ وحشةٌ فيا قَمري قلْ لي مَتى أنتَ طالعُ
لقد فنيتْ روحي عَليكَ صَبابةً فَما أنتَ يا روحي العزيزَة صانِعُ
سُروريَ أنْ تَبقَى بخَيرٍ ونِعْمَةٍ وإنيّ مِن الدُّنيا بِذلكَ قَانعُ
فما الحبُّ إنْ ضاعفتهُ لكَ باطلٌ ولا الدمعُ إنْ أفنَيْتُهُ فيكَ ضائِعُ
وغَيركَ إنْ وَافَى فَما أنا ناظِرٌ إليهِ وَإنْ نادَى فما أنا سامِعُ
كأني موسى حينَ ألقتهُ أمهُ وَقد حرمتْ قدْماً علَيْهِ المَراضِعُ
• قمر أبو نواس يظلمه بهجره
لطالما تحدث أبو نواس عن القمر بقصائده وأشعاره، وأبو نواس شاعر عراقي شهير، عُرف بفصاحته ودقة تعبيراته جزالة ألفاظه، وهو أول من نهج للشعر طريقته الحضرية وأخرجه من اللهجة البدوية، وقال عنه الجاحظ: ” ما رأيت رجلا أعلم باللغة ولا أفصح لهجة من أبي نواس”
يقول أبو النواس عن القمر
يا قَمَـرَ اللّيْـلِ إذا أظلَمَـا هـل يَـنْـقُصُ التَّـسليـمُ من سلَّمَـا
قد كنتَ ذا وَصْلٍ فمن ذا الَّذي عَـلَّمـكَ الهِـجْرَانَ لا علَّمَـا
إنْ كنتَ لي بينَ الوَرَى ظالِماً رَضيتُ أنْ تَبقى وأنْ تَظلِمَا.
• إبراهيم ناجي يناجي القمر
ابراهيم ناجي الشاعر الطبيب، هو شاعر وطبيب مصري تخرج بمدرسة الطب (1923) واشتغل بالطب والأدب وكانت فيه نزعة روحية “صوفية” من أجمل ما قال عن القمر
خُذني إليكَ ونجِّني مما أُعاني في الثَرى
مَهما تَسامَى مَوضعُكْ… وعلا مكانُكَ في الوجودْ
فأنا خيالُكَ أتبعُكْ… ظمآن أرشفُ ما تجودْ
قمرَ الأماني يا قمرْ، إنيّ بهمٍّ مُسْقِمِ
أنتَ الشفاءُ المدَّخرْ؛ فاسكب ضياءكَ في دَمي
• محمود درويش خائف من القمر
محمود درويش شاعر فلسطيني شهير عُرف بشاعر المقاومة، ويُعد أحد أهم الشعراء المعاصرين الذين ارتبط اسمهم بشعر والوطن والحنين له، لدرويش قصص مع حبيبته والقمر حكاها في قصيدته خائف من القمر وفيها يقول..
عندما يسقط القمر … كالمرايا المحطَّمة
يكبر الظلُّ بيننا … والأساطير تحتضر
لا تنامي.. حبيبتي… جرحنا صار أوسمة
صار ورداً على قمر…
خلف شباكنا نهار… وذراع من الرضا
عندما لفني وطار … خلتُ أني فراشةٌ
في قناديل جلنّار… وشفاهٌ من الندى
حاورتني بلا حوار لا تنامي..
حبيبتي خلف شباكنا نهار!
بدوي الجبل يُسامر حبيبته.. القمر
محمد سليمان الأحمد الملقب ببدوي الجبل، شاعر وسياسي سوري ولد في قرية ديفة في محافظة اللاذقية، سوريا، وأحد أعلام الشعر العربي في القرن العشرين.
هات حدِّثني فقد طابَ السَمر وأنِرْ ظلمةَ نفسي يا قمرْ
سور الحُسن فلا تبخل بها إنَّ للشاعر ألحانُ السورْ
آهٍ للأزهارِ مِن شاعرة تجهلُ الأوزانَ والشِّعر شعورْ
آهٍ للأزهارِ في أوراقها كتبَ الدَّهرُ رواياتِ العصورْ
هذه الأغصانُ هزَّتها الصَّبا نضرات كنَّ بالأمسِ خصورْ
وثغورُ الوردِ في أكمامهِ كنِّ للغيدِ المعاطيرِ ثغورْ
هذهِ أسرارُ جنَّاتِ الرُّبى فاسمع السرَّ وصنهُ يا قمرْ.
نزار قباني يكتب حبه على جدار القمر
نزار قباني شاعر المرأة والحب وشاعر الرومانسية المخملية، كان له العديد من حكايات الحب والغزل مع القمر رواها بكثير من قصائده ومنها يقول:
كتبتُ (أُحبّكِ) فوقَ جدار القَمَرْ
(أُحبّكِ جداً) كما لا أحبّكِ يوماً بشَرْ
ألمْ تقرأيها بخطِّ يدي فوق سُور القَمَرْ؟
وفوق كراسي الحديقةِ، فوقَ جذوع الشَجَرْ
وفوق السنابلِ، فوق الجداولِ، فوقَ الثَمَرْ..
وفوق الكواكب تمسح عنها غُبارَ السَفَرْ..
دوَّرنا القمر