تخيل بأنك تقوم بتسلق جبل بدون معرفة لماذا تقوم بتسلقه. هل تتوقع بأنك سوف تتخطى المصاعب والتحديات بكل تصميم وإرادة للوصول إلى قمة الجبل بدون أي دافع أو سبب واضح لفعل ذلك؟!. هكذا هو المستقبل الذي قد يبدأ باختيار الدراسة الجامعية.
معرفة الشغف هو من حق أي إنسان بأن يكتشفه، حتى يعيش بطريقة تناسب قيمته، وبناء على ذلك يتم اتخاذ القرارات الصحيحة في مجالات عدة سواء في الحياة أو العمل أو الدراسة.
من أين يأتي الشغف؟
ترى الدكتورة دانة محمد صافتلي، مدربة بالقيادة و ريادة الأعمال ومؤسسة يوفجن YouVision للتنمية الذاتية وعضو مجلس إدارة الاتحاد العالمي للكوتشنغ WeCF في حديث لـ “سيدتي”: “قد يكون معظم الناس لا تعلم السبب الحقيقي والدافع من وراء اختيارهم لمجال معين أو مهنة، لكن التعرف على الشغف يساعدنا لفهم دوافعنا الداخلية وراء اختياراتنا، وعادة ما يتصل الأمر بشعور الشخص بقيمته، والمتصلة بقيمنا وشخصيتنا لاختيار التخصص الذي نريده أو نعمل به مستقبلاً”. وتضيف: “الوضوح في معرفة السبب والدوافع لأعمالنا هو أساس نجاح أي عمل نقوم به؛ لأنه سيكون لدينا رغبة واستجابة عالية في تأديته”.
فإن اكتشاف الشغف هو جزء من اكتشاف الذات ويأتي من خلال اكتشاف الأسباب التي تجعلنا نقوم بعمل معين بشكل فعال وحب وانتماء.
كيف يعمل الشغف على إعادة برمجة العقول؟
وتصف المدربة صافتلي الشغف بالقول: هل سبق لك أن وجدت نفسك منغمسًا في عمل ما لدرجة أنك تفقد الإحساس بالوقت والعالم من حولك؟ تلك اللحظات التي تصبح فيها طاقتك مركزة بشكل كامل على ما تقوم به تُعرف بـ”حالة التدفق” أو Energy Flow. إنها الحالة التي يصبح فيها عقلك منسجمًا تمامًا مع العمل، حتى أنك قد تجد نفسك بعد مرور ثلاث أو أربع ساعات لم تدرك كم من الوقت قد مضى. أمثلة على ذلك تشمل قراءة كتاب، ممارسة الرياضة، أو الاستماع بانتباه إلى صديق من دون النظر إلى عقارب الساعة.
الدماغ بين المنطق والعاطفة
وتوضح صافتلي أن الشغف ليس مجرد شعور عابر، بل ترتبط ببرمجة الدماغ النيورولوجية. فالإنسان يستخدم الجزء المسؤول عن المنطق لفهم وتفسير الأمور بشكل لغوي، وهو الجزء الذي يساعدنا على التواصل الفعّال مع الآخرين. ولكن عندما يتعلق الأمر بالشغف والدوافع العاطفية تجاه عمل معين، فإننا نعتمد بشكل كبير على الجزء المسؤول عن المشاعر في الدماغ.
خطوات اكتشاف الشغف
لأن الشغف مرتبط بالمشاعر أكثر من المنطق فدائمًا يصعب على الأشخاص فهمه أو تحليله بسهولة. لتبدأ رحلتك في اكتشاف ذاتك من خلال الخطوات التالية:
اكتب مشاعرك
قم بتجميع قصص نجاحاتك والمواقف الصعبة والتحديات التي تخطيتها وكتابتها، لتقرأ من خلالها نقاط القوة والسلوك وردود الأفعال المتكررة، على أن تكون هذه القصص من تجارب لها معنى، تركت أثرًا أو بصمة في حياتك. هذا التمرين سيساعدك على اكتشاف شغفك ونقاط قوتك والأسباب التي دفعتك لاتخاذ معظم قراراتك؛ لأنه في معظم القصص التي نعيشها ينبع شغفنا والسبب الذي يبقينا في تطلع دائم للحياة.
التأمل
التأمل سيساعدك لتتذكر القصص المؤثرة والمحطات الملهمة في حياتك. تذكر الإنجازات التي قمت بها في حياتك والتي تجعلك تشعر اليوم بالإيجابية والسعادة والفرح والقيمة كلما تذكرتها. علماً بأن هذه القصص يمكن أن تكون من أي مرحلة في حياتك مثلاً من فترة الطفولة أو من فترة قريبة.
اختيار الصديق
اختر صديقًا يمكنك التحدث معه لمدة أكثر من ساعة أو ساعتين؛ لتحليل نقاط قوتك في كل قصة تذكرها ومناقشتها واكتشاف السلوك المتكرر في حياتك والمتكرر في معظم القصص، أو طريقة تفاعلك مع الأحداث. وهذا مهم لأننا كبشر من الصعب أن ننظر إلى الأمور بشكل موضوعي من دون تحيز، لذا التكلم مع شخص نثق به مهم لرؤية الأشياء بمنظور آخر ووضوح أكثر.
كتابة جملتك الوصفية
وهي خطوة من خلالها يستطيع الشاب أو الفتاة قبل المرحلة الجامعية من تحديد ماذا يريدون فعله في المستقبل. كتابة جملتك الوصفية تمثل شغفنا بناءً على القيمة التي نقدمها في العالم وللآخرين، علماً بأن من المهم أن تكون مقسمة إلى قسمين لتكون صيغتها توضح فيها ما هي مساهمتك للآخرين، وما هو التأثير الذي تتركه فيهم.
وتقول صافتلي: “أود التنويه إلى أهمية مراجعة الجملة من وقت لآخر للتوضيح أكثر في كل مرة، ويمكنكم طباعتها أو كتابتها على اللوح أو في المذكرات للرجوع إليها وتعديلها حسب مشاعرك وإيمانك عن ما تؤمن به ورسالتك في الحياة”.
القيم الشخصية
تشير الدكتورة صافتلي إلى أنه يجب “من بعد تحديد الجملة الوصفية التي تحدد سبب عملنا والدوافع لما ننجزه ونقدمه في حياتنا، أن نحدد قيمنا على أن لا يكونوا أكثر من خمسة. تحديد القيم أيضًا يضيف وضوحًا لاتجاهاتنا واختياراتنا في الحياة. ولكن اليوم لا نحدد القيم فقط بالكلمات ولكن أيضًا بالأفعال.
فإذا كانت أحد قيمك هي الأمانة فيجب أن تحددها بشكل فعل أي أن أقوم بالشيء الصحيح؛ لأن معنى الأمانة يمكن أن يختلف من شخص لآخر، فيمكن أن يكون الحفاظ على حقوق الآخرين. وعندما نحدد قيمنا كأفعال لها معنى هذا سيساعدنا على ترسيخ قيمنا في عقولنا ومحاسبة أنفسنا كمرجع لك عندما تفقد السيطرة وتتذكر المعنى.
ما رأيك الاطلاع على كيف تكتسبين عادات إيجابية تغير حياتكِ للأفضل؟
