لورا كازي تروي حكايتها مع القفطان: “فقدان أمي جعلني مصممة”

من كازاخستان بلد النسيج وموطن الغرزات بالإبرة والتطريز اليدوي الغني المجبول بالحنين، ورثت لورا كازي Laura Kazi شغفها بالموضة، فحبها للقماش كان كبيراً ولكن عشقها للحكايات كان أكبر… هو عشق متأصل فيها ورثته من حكايات ألف ليلة وليلة المرتبطة بأرضها وشعبها، فحكايات الشرق والأساطير الغامضة استقت منه إلهامها لتروي كما إيف سان لوران Yves Saint Laurent للعالم قصص أميرات وسلطانات اشتهرن بأزياء مبهرة على طريقتها، ومن أبرز الشخصيات التي ألهمتها شهرزاد Sheherazad التي استمدت من أناقتها عشرات التصاميم، أما كيف امتهنت لورا التصميم؟ وما التحديات التي واجهتها؟ ففي تفاصيل ترويها المصممة بلسانها…
كيف بدأت وهل درست تصميم الأزياء؟
في العام 2012 سافرت إلى المغرب، وقد كانت هذه الرحلة نقطة تحول في مسار حياتي فعشقت تصاميم القفطان، فلقد نشأت في الولايات المتحدة الأمريكية وعشت فيها ولكن تصاميم العبايات والقفاطين كانت تستهويني وخطر لي إنشاء ماركة متخصصة بالعبايات والقفاطين باسمي، لقد أغرمت بسحر الألوان وخاصة سوق التوابل في المغرب، فقررت أن تكون محور تصاميمي من وحي تناغم الألوان الحيوية التي رأيتها، لقد عشت تجربة غنية بالتناقضات بدءاً بألوان التوابل مروراً بطبيعة الصحراء وتموج كثبانها وانتهاء بدفء الناس وعظمة القصور وروعة الجمال وهندسة المنازل والأحياء السكنية، لقد شعرت بأنني أخطو في الماضي خاصة عندما زرت فيلا المصمم إيف سان لوران التي وسعت آفاقي وحفزتني لمزيد من الإبداع في عالم الموضة، كنت أدخل الحروف العربية في هندسة منزلي الداخلية، ومع الوقت اختمرت الفكرة في رأسي وعندما أنهيت دراستي في معهد FIT في مدينة نيويورك، في البداية عملت في مجال التجميل ثم الديكور ولكنني كنت أشعر بنقص في أعماقي لأنني لا أستغل موهبتي الأساسية، فلقد كان عملي في التجميل مبنياً على الحسابات وعالم الديكور محدود يقيد موهبتي، وكنت أتخبط في الوسط إلى أن توفيت والدتي، لقد شكلت وفاتها نقطة تحول جعلتني أدرك أن الحياة قصيرة ويجب عدم تضييع الوقت للقيام بما نريد.

من شجعك على دخول هذا المجال؟
تستطيعين القول إن موت أمي حولني إلى مصممة فلقد جعلني أواجه مخاوفي وأسعى وراء تحقيق حلمي بإنشاء ماركتي الخاصة بالعبايات والقفاطين، بروح شرقية وأسلوب غربي هو مزيج مركب يلبي تطلعات المرأة العصرية الباحثة عن الأناقة والتصاميم الفريدة من نوعها، وفي بداياتي تأثرت بالصحافية وناقدة الموضة ديانا فريلاند Diana Vreeland فلقد كانت تتمتع برؤية مستقبلية وهي سابقة لعصرها في عالم الموضة، ففي زمنها كان عالم الموضة هادئاً ولكنني شعرت بحاجة إلى إضافة القليل من الأحلام التي تجسدها أساطير ألف ليلة وليلة وشكلت تصاميمي جزءاً من هذا الحلم أو الرغبة من التفلت من الواقع، كما أدين بالفضل في إلهامي إلى الكاتبة آنا رايد Anna Reid فقررت خلق عالم صديق للبيئة مستوحى من التراث الشرقي والعربي، وركزت على تصاميم العبايات والقفاطين.
بالنسبة لنا القفطان والعباية دليل رقي وبالنسبة لك ما تعني تلك الأزياء التراثية؟
العباية بالنسبة لي تجسد الرشاقة والأنوثة والجمال والسحر الغامض، فهي زي لا يختلف الشرق والغرب على جاذبيته، لذا أعتبرها جسراً بين الشعوب وهي ترمز إلى معتقداتي، وقد أطلقت اسم كازي على ماركتي تيمناً بجبال كازاخستان الغامضة والشامخة، العباية ليست مجرد زي تراثي بل اعتراف بالهوية وتصالح مع الذات.

اشتهرت بجودة التصاميم والتطريز المتقن، كم يستغرق منك تنفيذ قفطان؟
ما يميزني جودة التصاميم من القماش إلى التفصيل والتطريز والعناية بأدق التفاصيل التي قد لا نلاحظها من بعيد، ولكنها تجعل الزي جميلاً من دون تحديد السبب، وأنا أعتبر أن تصميم العبايات والقفاطين هو أول خطوة لي في مسيرتي المهنية، قد يستغرق الزي بضعة أيام أو يمتد لأسابيع، فهذا يعتمد على كمية التطريز التي تغني القطعة، فهذه التصاميم ليست مجرد لباس؛ لأنها تجمع الذكريات واللحظات الجميلة والتعب الذي نتشارك به ليبصر القفطان النور بالشكل الذي ترينه في النهاية.

أي خامات تفضلين وأي ألوان استعنت بها لمجموعتك الرمضانية الأخيرة؟
أحب التعامل مع قماش الحرير بالكامل بمختلف أشكاله، وأهوى الميكادو والكريب الحريري والساتان الفخم، فالحرير الخام يبرز جمال التصميم بلمعانه وحفيف القماش الرائع، ويرتقي بالزي إلى مصاف آخر فيجعله مناسباً للمناسبات الفخمة، أستعين بحرير من نوع Eri Silk في الشتاء أو المناطق الباردة والحرير الساتان الناعم على الجلد في الصيف، وأستورد الكريستال من اليابان والجمهورية التشيكية والهند، كما أذهب بنفسي لمعاينة إنتاج القماش وصبغه، فأختار اللون بنفسي والأحجار المصبوغة والخرز المموج، فأنا أتوخى الدقة والتميز في كل تفصيل للزي، وللربيع والصيف تتسم المجموعة بألوان ناعمة مثل الأخضر النعناعي والزهري الباستيل.
تساهم العلاقات مع النجمات والمدونات في الترويج للتصاميم، هل تحبذين هذه الطريقة؟
التعامل مع النجمات ومدونات الموضة يساهم في انتشار اسم الماركة، ولكن الجودة ومعايير التصنيف هي الأساس، لذا يجب اختيار أين تعرضين تصاميمك، ويجب تحديد النساء اللواتي تستهدفين وما الرسالة التي تريدين إيصالها من خلال تصاميمك، فتسويق الماركة يبدأ بالستوري تلينغ قبل أي شي آخر. يجب أن تجسد العباية أو القفطان تطلعات السيدات العصريات والراغبات في التميز، وليس فقط النجمات لأن أسلوب حياة الجانبين مختلف.
هل تنفذين تصاميمَ حسب الطلب؟
أنفذ تصاميمَ بألوان مختلفة ولكن ضمن الموديلات والخامات التي أطرحها لكل زي، لأنها تجسد هوية الماركة التي أطلقتها، لا يمكن تنفيذ كل الموديلات من أي خامة لتكون النتيجة نفسها.
أين تنفّذين تصاميمك؟
لقد بدأت أنفذ من منزلي ثم بات لدي مشغل خاص في الهند ننفذ فيه التصاميم من التفصيل والحياكة والتطريز اليدوي الذي تشتهر به البلاد، استوحي كثيراً من شكل الريش في التطريز وأدخل الألوان والخرز اللامع والمنمق، وأسعى إلى الترويج للقفطان والعباية من خلال تصاميمي، وأنا لا أعتبر أنها تصاميم محدودة بفئة من الناس، فكل النساء يفضلن تصميماً مريحاً وراقياً في الوقت نفسه.
هل يمكن اعتبار تصاميمك مستدامة؟
أجل فالقماش طبيعي لا يسبب حساسية وناعم على الجلد، والتطريز يتم باليد، ولا نستعين بمواد بلاستيكية أو غير قابلة لإعادة التدوير، والأهم من كل ذلك أنني أصمم أزياء عابرة للزمن، ولا تخضع لصيحات الموضة، لذا تستطيع السيدة أن تكررها بتنسيقات مختلفة مهما طال الزمن على وجودها في الخزانة.
وماذا تخبريننا عن مجموعتك لعيد الفطر؟
هي قيد الإنتاج والتنفيذ وهي مجموعة محدودة الإصدار، وأحرص على تفِاصيلها لذا نأمل في أن تكون جاهزة عند الموعد المطلوب.
وما هي رسالتك للمرأة التي ترتدي من تصاميمك؟
كوني قوية وناعمة كالحرير وشامخة كالجبال وخفيفة كالريشة التي تزدان بها تصاميمنا، فالجمال يجب أن يشع من الداخل لتتألقي ولا تفقدي الأمل بالمستقبل أو بقدراتك خاصة في الأزمات، وأمام التحديات التي تواجهك في الحياة.
تابعي المزيد واكتشفي أروع التصاميم الشرقية الحصرية بشهر رمضان 2025 من أشهر الماركات والدور العالمية