نبذة تاريخية عن الجناح السعودي الوطني في بينالي البندقية

امتداداً لسعي وزارة الثقافة السعودية لمد جسور التعاون والتبادل الثقافي الدولي، وإبراز ملامح مختلفة من المشهد الفني السعودي في أهم الأحداث الثقافية الفنية الإبداعية العالمية، سجلت السعودية مشاركتها الرابعة عبر جناحها الوطني الخاص في الدورة الستين لمعرض الفنون الدولي بينالي البندقية المقام في الفترة من 20 أبريل إلى 24 نوفمبر 2024، تحت عنوان ” “أجانب أينما حللنا”. والذي يعد واحداً من أعرق المعارض الأوروبية للفنون المعاصرة، نظراً لما يشمله من تنوع لافت في أعمال التصميم، والنحت، والتشكيل، والعمارة.
وفي ثالث مشاركة للمرأة السعودية تُمثل الفنانة منال الضويان بلدها بعمل إبداعي بعنوان “نطقت الرمال فتحرك الصوت”.

الجناح السعودي في بينالي البندقية

تتولى هيئة الفنون البصرية وبتكليف من وزارة الثقافة الإشراف على الجناح السعودي المشارك بنسخة بينالي البندقية للفنون 2024م، وصناعة محتواه الإبداعي، ويوفر الجناح الوطني في منطقة الأرسنالي، مقراً للفنانين والمعماريين الموهوبين من مختلف مناطق السعودية، كما يتيح فرص التعاون بين الممارسين والمهتمين بالثقافة، ويوفر لهم منصة لممارسة الأنشطة الثقافية والإبداعية والبحثية في مجالات الفنون البصرية والعمارة. كما يقدّم الجناح الوطني السعودي دعمه الكامل للمجتمع الفنّي والمعماري في السعودية، حيث يحتفي بالطاقات الفنية والإبداعية ويوفر منصّة لتبادل الأفكار والحوار، كما يمثل مقراً للأصوات الثقافية السعودية الساعية للبحث والابتكار.

نبذة تاريخية عن الجناح السعودي

بينالي البندقية 2011

سجلت السعودية أول مشاركة لها في بينالي البندقية عام 2011 في العدد الرابع والخمسين في بينالي البندقية، ومثلت الشقيقتان رجاء وشادية عالم السعودية بعمل فني بعنوان “الفلك الأسود” والذي تدور فكرته حول عقد مقارنة فنية بين مدينة مكة المكرمة ومدينة البندقية. حمائم مكة المكرمة تقابلها طيور النورس في البندقية. وهدير المياه في البندقية، يعيدك إلى تهاليل ملايين الناس الذين يؤدون شعائرهم الدينية في مكة المكرمة. وتشترك كلتاهما في أجواء تتسم بالحميمية والسلام.
وتتميز الشقيقتان بأعمالهما التي تحمل الصبغة العالمية. فشادية شاركت في معارض فنية عدة في سيول ولندن وليل واسطنبول وبون. ونالت أعمالها الكثير من الاهتمام والتقدير حول العالم. في المقابل، ترجمت رواية “خاتم” لرجاء سليمان إلى الإسبانية، كما نقلت روايات عدة لها للإنجليزية، والفرنسية كفاطمة، وألف ليلة وليلة. وكانت القائمتان على المعرض منى خزندار وروبن ستارت.

بينالي البندقية 2019

وبدعم من وزارة الثقافة ومعهد مسك شاركت الفنانة السعودية زهرة الغامدي في بينالي البندقية عام 2019 بعمل بعنوان “بعد توهم” ، في النسخة الثامنة والخمسين للبينالي، والتي تشير إلى أننا قد نعيش في أوقات مثيرة للاهتمام (May You Live in Interesting Times). كما يشير العنوان إلى بيت في قصيدة عربية تاريخية كتبها زهير بن أبو سلمة يصف فيها الشاعر نِضاله للتعرف إلى منزله بعد غيابه لمدة 20 عاماً. الوهم وحده هو الذي استطاع أن يساعد الرجل البالغ من العمر ثمانين عاماً على التعرف على منزله. موضحّة أن الوهم حالة يعتقد بأنها تحجب الحقيقة، ولكنها في الواقع تمهد الطريق لها.
وعمل الفنانة زهرة الغامدي عبارة عن حوار بين الفنانة وبين خامات طبيعية ارتبطت بموطنها في محاولة للتعرف إلى شعور مألوف عن الزمن وإعادة التأويل، والاستسلام للمخيلة والاستمتاع بالرحلة نحو الأوهام، وتأمّل قيمة الريبة والغموض، سعياً منها لاستكشاف التناقض بين الجديد، والمألوف، وبين الوهم والحقيقة.
وغالباً ما تتسم أعمال الغامدي التركيبية بالدقة والصعوبة، إذ تقوم بتجميع جزئيات من الأرض، الطين، الأحجار، الجلد، والماء، وتتمحور أعمالها في الغالب حول الذاكرة والتاريخ، مستكشفة ذلك من خلال الهندسة المعمارية التقليدية.

بينالي البندقية 2022

وبعمل فني تركيبي ضخم يغطيه سعف النخيل المجفف والمطلي، وآليات تعمل بضغط الهواء، شارك الفنان مهند شونو في بينالي الدرعية عبر الجناح السعودي في الدورة 59 لمعرض الفنون الدولي في بينالي البندقية ”2022 منطق الشجر” الذي أبهر الحضور بتمدده وتقلصه بوتيرة متقطعة كما لو كان يتنفس. وتبنى مهند شونو الغموض، واستخدم الخط كأداة للإبداع؛ فصيغ عمله “منطق الشجر” بناءً على الدافع الجوهري لممارساته والمتمثل بالاستجابة لتجاربه الشخصية، وللتقاليد، والأساطير، وعالم الطبيعة؛ من خلال استكشافه للخط وقدرته على توفير احتماليات عديدة.
كان يشير “منطق الشجر” ملمّحاً إلى الطبيعة حين تتَلوَّث وكافحت للبقاء وتجرّدت من جلدها مبشرّة بأمل إعادة الولادة والبدايات الجديدة، كما نقل رسالة حكمة ووعداً بالتجديد؛ إذ تنمو الشجرة كتعبير عن الصمود في وجه القوى التي كانت تحاول الحدّ من امتدادها.

بينالي البندقية 2024

تُمثل الفنانة السعودية منال الضويان، بلدها في هذه التظاهرة الفنية الحاشدة، بعمل تركيبي فني متعدد الوسائط “نطقت الرمال فتحرك الصوت” تحت إشراف القائمتين الفنيتين جاسيكا سيراسي Jessica Cerasi، وهي أمينة مساعدة لمشروع جوجنهايم أبوظبي في متحف ومؤسسة سولومون آر جوجنهايم، وتمتلك خبرة متميزة من خلال مشاركاتها المتنوعة في العديد من المعارض والمحافل الفنية العالمية، بالإضافة للقيمة الفنية مايا الخليل، التي تملك خبرة من مساهمات محلية وإقليمية وعالمية عديدة مع مجموعة من الفنانين، ومقتني الأعمال الفنية، والمؤسسات الفنية، لتطوير الهوية وتسطير الأفكار، وتم تعيينها كمستشارة لتقييم معرض فنون جدة. هذا إلى جانب القيِّم الفني المساعد، شادن البليهد، الحاصلة على البكالوريوس في الهندسة المعمارية من كلية التصميم والعمارة بجامعة دار الحكمة في جدة، تم اختيارها من قِبل مؤسسة مسك للعمل في الجناح السعودي الأول لبينالي العمارة في فينيسيا 2018م، كما كانت القيِّم المساعد للنسخة الثامنة من معرض 21,39 فنون جدة.
ويشير عمل منال الضويان إلى دور المرأة السعودية في المجال العام بالسعودية، ورحلتها المستمرة لإعادة تعريف كلٍّ من الفضاء المادي الذي تعيش فيه، والسرديات التي حدّدت هذا الدور تاريخياً، وذلك من خلال مجسّمات وأصوات وقصاصات تُترجم هذا الصعود والتطور الذي أصبحت تعيشه المرأة السعودية، وتركز الفنانة السعودية في عملها على المرأة ومكانتها وصوتها مع التغيرات الحاصلة في السعودية. وتعرف الضويان بأعمالها التركيبية والتشاركية الاجتماعية التي أثرت بشكل كبير في تعزيز الترابط والتفاعل والمشاركة .

وتُعد “الضويان” واحدة من أهم الفنانين المعاصرين السعوديين الذين يعملون على المستوى الدولي وتستخدم مختلف الوسائط الفنية كالتصوير الفوتوغرافي، والتسجيلات الصوتية، والمجسّمات، والتشارك الاجتماعي، وتتناول في أعمالها قضايا التقاليد، والذاكرة الجماعية، ومكانة المرأة، وتمثيلها وتُلقي نظرةً نقديةً على التحولات الثقافية والاجتماعية التي تشهدها المملكة، كما وتجوب في عملها عبر المساحات التي تتداخل فيها الأبعاد الشخصية والمجتمعية، مستكشفةً موضوعات الاختفاء والنسيان المتعمَّد والذاكرة الجماعية. وفازت منال الضويان بجائزة الفنون البصرية عام 2023 كجزء من الجوائز الثقافية الوطنية، وهي مبادرة سنوية تنظمها وزارة الثقافة بالسعودية.
لتفاصيل أكثر عن الفنانة منال الضويان يمكن الاطلاع على لقائها الخاص في سيدتي : الفنانة البصريَّة منال الضويان:الفن مساحة تبحث في الأسئلة الصَّعبة

زيارة وزير الثقافة للجناح السعودي

يشار إلى زيارة وزير الثقافة الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان بينالي البندقية للفنون 2024، المُقام بمنطقة أرسينالي، والذي يُشارك بعملٍ فنيٍّ تحت عنوان: “نطقت الرمال فتحرك الصوت”، بحضور نائب وزير الثقافة حامد بن محمد فايز، ومساعد وزير الثقافة راكان بن إبراهيم الطوق، والرئيس التنفيذي لهيئة الفنون البصرية دينا بنت محمد أمين .

كما سجل وزير الثقافة زيارة أخرى لمعرض “رحلات في فن الأرض .. نحو وادي الفن .. العُلا” الذي تُنظّمُه الهيئة الملكية لمحافظة العُلا بالتعاون مع وزارة الثقافة خلال الفترة من 16 إلى 30 أبريل الجاري في مبنى الأبازييا في البندقية، برفقة كل من نائب وزير الثقافة حامد بن محمد فايز، ومساعد وزير الثقافة راكان بن إبراهيم الطوق، والرئيس التنفيذي المكلف للهيئة الملكية لمحافظة العلا عبير العقل. ويُعدُّ المعرض تعريفاً بأحد أهم الأصول الثقافية “وادي الفن” في العُلا، ويركز على فن الأرض، في موقعٍ يمتد على مساحة 65 كيلو متراً مربعاً في “العلا” التي تزخر بتراثٍ طبيعيٍ وتاريخيٍ وثقافيٍ فريد.
ويحتضن المعرض سلسلة من الصور، وعروض الفيديو للمواقع الخمسة المُعلَن عنها في “وادي الفن”، للفنانين: منال الضويان، وأجنيس دينيس، ومايكل هايزر، وأحمد ماطر، وجيمس توريل.وكما يقدم المعرض على مدى أيامه باقةً من حلقات النقاش لعددٍ من المهتمين؛ لمناقشة ما يخص فن الأرض والفن في المساحات العامة وتجربة الزائر، وتنظيم المتاحف والفن وعلم الآثار؛ لتقديم وجهات نظر متنوعة.