«أطباء بلا حدود»: وضع الأطباء في غزة «لا يزال صعباً جداً» رغم الهدنة

أكد رئيس منظمة أطباء بلا حدود، كريستوف ليو، يوم الأحد أن الوضع الإنساني في قطاع غزة لا يزال كارثيًا، وأن الوضع في غزة بالنسبة للمسعفين والمرضى لم يشهد تحسنًا ملموسًا رغم الهدنة الحالية. يأتي هذا البيان في ظل استمرار المخاوف بشأن محدودية وصول المساعدات الإنسانية إلى السكان المدمرين، وانهيار النظام الصحي في القطاع.
تصريحات ليو جاءت خلال مؤتمر صحفي عقده في جنيف، حيث أوضح أن التحديات التي تواجه الفرق الطبية في غزة لا تزال هائلة. وتشمل هذه التحديات نقص الأدوية والمعدات الطبية الأساسية، بالإضافة إلى صعوبة الوصول إلى المناطق المحتاجة بسبب القيود المفروضة على الحركة. الهدنة، التي دخلت حيز التنفيذ في أواخر نوفمبر الماضي، كان من المفترض أن تسمح بزيادة المساعدات، لكن الواقع على الأرض يشير إلى خلاف ذلك.
تدهور مستمر في الوضع في غزة مع محدودية تأثير الهدنة
على الرغم من وقف إطلاق النار المؤقت، يواجه العاملون في المجال الطبي في غزة ظروفًا بالغة الصعوبة. وتشمل هذه الظروف استهداف المرافق الصحية، ونقص الوقود لتشغيل المستشفيات، وتزايد أعداد المصابين الذين يفوقون قدرة النظام الصحي المنهك. كما تعرقل القيود المفروضة على حركة الموظفين والمساعدات وصول الرعاية الطبية الضرورية إلى المحتاجين.
تأثير النزاع على المرافق الصحية
تعرضت البنية التحتية الصحية في غزة لأضرار بالغة خلال الاشتباكات المستمرة قبل الهدنة. فقد دمرت العديد من المستشفيات والعيادات، وأصبحت أخرى غير قابلة للتشغيل بسبب نقص الموارد أو الأضرار التي لحقت بها. وبحسب تقارير منظمة الصحة العالمية، فإن أكثر من نصف المستشفيات في غزة أصبحت خارج الخدمة.
نقص حاد في الإمدادات الطبية
يشهد القطاع نقصًا حادًا في الأدوية الأساسية، والمواد الجراحية، ومعدات الإسعافات الأولية. هذا النقص يعيق بشكل كبير قدرة الأطباء والممرضين على تقديم الرعاية المناسبة للمرضى والجرحى. الأمر يتطلب تدخلًا عاجلًا لضمان حصول جميع السكان على الأدوية الضرورية للبقاء على قيد الحياة.
أشار ليو إلى أن الهدنة سمحت بوصول بعض المساعدات الإنسانية، لكنها لا تزال غير كافية لتلبية الاحتياجات الهائلة للسكان. وأضاف أن هناك حاجة ماسة إلى زيادة كبيرة في كمية المساعدات، وإلى إزالة جميع العوائق التي تحول دون وصولها إلى من يحتاجونها. ويركز المجتمع الدولي حاليًا على إيجاد طرق لزيادة كفاءة توزيع المساعدات وضمان وصولها إلى المناطق الأكثر تضررًا.
بالإضافة إلى ذلك، سلط ليو الضوء على الأزمة النفسية المتفاقمة في غزة. فقد شهد السكان مستويات غير مسبوقة من العنف والصدمات، مما أدى إلى تفاقم مشاكل الصحة النفسية. العديد من الأشخاص يحتاجون إلى دعم نفسي واجتماعي لمساعدتهم على التعامل مع هذه التجارب الصعبة. وتُعدّ مبادرات الدعم النفسي جزءًا ضروريًا من الاستجابة الإنسانية الشاملة.
وتشير التقارير الميدانية إلى أن الوضع المعيشي للسكان يزداد سوءًا. مع تدمير المنازل والبنية التحتية، يواجه عشرات الآلاف من الأشخاص صعوبة في العثور على مأوى آمن ومياه نظيفة وغذاء كاف. وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن أكثر من 80% من سكان غزة يعيشون الآن في فقر مدقع. إن تدهور الوضع الاقتصادي في غزة يزيد من حدة الأزمة الإنسانية.
وفي سياق متصل، صرح مفوض الأمم المتحدة لشؤون حقوق الإنسان، فولكر تورك، بأن جميع الأطراف المتحاربة تتحمل مسؤولية حماية المدنيين، والالتزام بقواعد القانون الإنساني الدولي. ودعا إلى إجراء تحقيقات مستقلة في جميع مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان التي وقعت في غزة.
كما أعربت العديد من المنظمات الدولية عن قلقها البالغ إزاء الأزمة الإنسانية في غزة، ودانت القيود المفروضة على وصول المساعدات. وطالبت بفتح جميع المعابر الحدودية، والسماح بدخول الإمدادات اللازمة دون تأخير. ودعت هذه المنظمات إلى وقف دائم لإطلاق النار، وإلى إيجاد حل سياسي للصراع.
وفي الوقت الحالي، تتوقف المفاوضات حول تمديد الهدنة أو توسيعها على عدة قضايا معلقة، بما في ذلك الإفراج عن المزيد من الأسرى الفلسطينيين والإسرائيليين. وتبقى آفاق تمديد الهدنة غير واضحة، مما يثير مخاوف من تجدد العنف في أي لحظة. ينتظر المجتمع الدولي نتائج المفاوضات، ويراقب عن كثب التطورات على الأرض.
من المتوقع أن تستمر الأمم المتحدة والجهات المانحة في جهودها لتقديم المساعدة الإنسانية لسكان غزة وإن كان ذلك بشكل محدود. سيظل الوضع الإنساني معتمداً على التطورات السياسية والأمنية في المنطقة، مع التركيز على الحاجة إلى حلول مستدامة تضمن حماية المدنيين وتلبية احتياجاتهم الأساسية. وما زال مصير المساعدات الإنسانية لغزة رهنًا بالتطورات القادمة.
