اتفاق غزة |

يوم 19 يناير 2025 جرى الإعلان عن اتفاق غزة في العاصمة القطرية الدوحة، بعد رحلة مفاوضات غير مباشرة استمرت فترة طويلة نسبياً بين حركة حماس والمستعمرة الإسرائيلية، وتعد أخر محطة في عهد الرئيس الأمريكي بايدن وبداية عهد ترامب، في ظل تطور الاحداث والمجريات على الصعيدين، الفلسطيني والعربي، وترافق ذلك غياب القرار الفلسطيني المستقل الذي يجعله في موقع المناورة والقدرة والقوة.
طرفا المعادلة الفلسطينية والمستعمرة يمتلك كل منهما برنامج تصادمي، فالبرنامج الاستعماري التوسعي الاسرائيلي نقيض البرنامج الوطني الديمقراطي الفلسطيني على أرضة، لقد حققت المستعمرة ما سعت له من احتلال كامل الأراضي الفلسطينية وطرد جزء كبير من الشعب الفلسطيني إلى البلدان المجاورة لفلسطين المحتلة، ولكن لم تسطيع التخلص من الفلسطينيين وخاص من بقيى منهم في فلسطين، رغم الاجراءات التنفيذية التي إتخذتها ضد السكان الأصليين من قتل ودمار وخراب واستيلاء على ممتلكاتهم وأراضيهم، مع إنها أصابها الإخفاقات والفشل في تحقيق أهدافها العدوانية التي مارستها بطرق مقصودة وممنهجة ضد الفلسطينيين، بينما يمتلك الفلسطينيون عوامل عديدة ومحدودة تساعدهم في مواجهة تلك المخططات والبرامج الاحتلالية، منها الصمود والنضال والكفاح والتضحية والبسالة والثبات، رغم قلة الامكانات ومحدودية الأدوات، يعملون على توظيفها في مواجهت عدوهم المتفوق عليهم.
لم يقتصر الخيارات الفلسطينية في مواجهة المستعمرة باستعمال وسائلهم الكفاحية، بل يمارسون المفاوضات مع عدوهم، وباستخدام وسائل تعبيرية ضد ممارساتهم وسلوكياتهم العدوانية وما يقترفة بطرق سلمية، عبر كشف وفضح وتعرية تلك الجرائم وحقيقة العنصرية المقيتة، أمام المجتمع الدولي وشعوب العالم لمعرفة حقيقة المستعمرة الاسرائيلية.
استطاعت حكومات المستعمرة العمل على توظيف الانقسام الفلسطيني عبر تقديم تسهيلات جزئية على حساب أحدهما، حيث برز الانقسام بين الضفة الغربية وقطاع غزة، بين حركتي حماس وفتح، من خلال الاستئثار في السلطة والحكم، لان الهدف الاستعماري الإسرائيلي تفتيت وتقسيم وإضعاف التماسك الجغرافي والسياسي، حتى لا يتحقق للفلسطينيين من إقامة دولتهم على أرضهم وينالوا الحرية والاستقلال وانتزاع حقوقهم المشروعة.
جرت المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية على ثلاث عهود في عهد الرئيس الراحل ياسر عرفات ورئيس حكومة الاحتلال السابق إسحاق رابين وما نتج عنها من اتفاق أوسلو نتيجة الانتفاضة الأولى التي جرت عام 1987، وما حققتة من انجازات لصالح الفلسطينيين، وأهمها الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني على صعيدين العمل السياسي وعودت بعض الفلسطينيين الى أرض الوطن، ومع بوادر فلسطينية لستكمال المفاوضات حتى يجلب المزيد من الانجازات والتطلعات في عهد الرئيس الفلسطيني محمود عباس لم يتجاوب رئيس الوزراء لحكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو وانسحب منها بحجة “غياب دور السلطة الفلسطينية وحضورها في قطاع غزة” وانسحب من المفاوضات والتنصل من التزامات اتفاقية أوسلو عام 2014، وها نحن نشهد اتفاق غزة بين حماس والمستعمرة، ليست بجديد ولكن عهد جديد ونتائجها غير محسومة في مسار إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس وحق العودة.
فهل اقتصرت المفاوضات بين الجانبين لاستعادة الامور على ما كان عليه قبل السابع من أكتوبر؟ وتبيض السجون الاسرائيلية فقط؟!.
فلسطين التي دفعت أثمان باهضة ومكلفة من أجل استعادة الأراض ونيل الحرية والكرامة، نحو غدا مشرق مليئ بالأمال والمستقبل الأفضل، الخيار الفلسطيني الداخلي بإنهاء الانقسام وتوحيد المؤسسات وتقبل التعددية، من المؤكد ستحل جميع المشاكل والمتاعب، وسيتوج هذه الانتصارات لصالح فلسطين والفلسطينيين، بشكل أفضل.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر