«اتفاق غزة»: 4 عقبات تعرقل تحركات الوسطاء نحو المرحلة الثانية

أقرّ وسطاء وضامنون لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة، في اجتماع عُقد في القاهرة، بوجود “تحديات” تعيق استمراره. يأتي هذا الإقرار بعد أيام من تعليق إطلاق النار مؤقتًا في 7 يونيو، واستمرار الاشتباكات المتقطعة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل. الاجتماع، الذي شاركت فيه دول مصر وقطر وإيران وحزب الله، غابت عنه الولايات المتحدة، ركز على سبل إحياء المفاوضات وتبادل الأسرى، وتهدف إلى استعادة الهدوء في القطاع المحاصر. يواجه اتفاق وقف إطلاق النار في غزة عقبات متزايدة، مع تباين الرؤى حول شروطه النهائية.
الاجتماع الذي استضافته القاهرة، يوم الأحد الموافق 9 يونيو 2024، جمع ممثلين عن الدول التي لعبت دورًا رئيسيًا في التوسط للاتفاق، وشهد مناقشات مكثفة حول الخلافات العالقة. وتشمل هذه الخلافات المطالبات الإسرائيلية بمواصلة العمليات العسكرية المحدودة والضمانات التي تطالب بها حركة حماس فيما يتعلق بوقف دائم للعدوان وانسحاب القوات الإسرائيلية من معبر رفح. الهدف الأساسي هو تجنب مزيد من التصعيد ووضع آلية فعالة لتبادل الأسرى.
تحديات استدامة وقف إطلاق النار في غزة
تتعدد التحديات التي تواجه استدامة وقف إطلاق النار في غزة، حيث يمثل التوصل إلى اتفاق دائم وشامل العقبة الأكبر. تتمثل إحدى هذه العقبات في الاختلاف حول آليات الضمانات اللازمة لالتزام الطرفين بالاتفاق، خاصة بعد اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق السابق.
الخلافات حول الانسحاب الإسرائيلي
تصر حركة حماس على الانسحاب الكامل وغير المشروط للقوات الإسرائيلية من جميع مناطق قطاع غزة، بما في ذلك معبر رفح. في المقابل، تشترط إسرائيل أي انسحاب بضمانات أمنية قوية لمنع استئناف الهجمات الصاروخية من القطاع. هذا التباين الجوهري يعيق التقدم نحو اتفاق دائم.
مطالب تبادل الأسرى
لا يزال ملف تبادل الأسرى يشكل نقطة خلاف رئيسية. تطالب حماس بإطلاق سراح جميع الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، في حين ترفض إسرائيل الإفراج عن الأسرى الذين ارتكبوا جرائم قتل. يتطلب حل هذه القضية تنازلات من كلا الطرفين.
بالتوازي مع المفاوضات، يشهد قطاع غزة أزمة إنسانية خانقة. تعاني السكّان من نقص حاد في الغذاء والدواء والمياه النظيفة، بسبب الحصار الإسرائيلي المستمر ومنع إدخال المساعدات الإنسانية بكميات كافية. تفاقمت هذه الأزمة مع استئناف الاشتباكات وانعدام الأمن.
غياب الولايات المتحدة عن اجتماع القاهرة أثار تساؤلات حول الدور الذي ستلعبه في استئناف المفاوضات. لطالما لعبت واشنطن دورًا رئيسيًا في الوساطة بين إسرائيل والفلسطينيين، ولكنها اتهمت بالتحيز لإسرائيل. ويرى البعض أن غيابها يعكس عدم رغبة الإدارة الأمريكية في التدخل في الوقت الحالي.
من جهة أخرى، تشير جهود الوساطة الجديدة إلى رغبة إقليمية قوية في استعادة الهدوء في غزة. تعتبر مصر وقطر وإيران من أبرز الدول التي تسعى إلى التوصل إلى اتفاق يرضي جميع الأطراف. إضافة إلى ذلك، يتزايد الضغط الدولي على إسرائيل وحماس لوقف إطلاق النار والبدء في عملية إعادة الإعمار.
الوضع الأمني في غزة يشكل تحديًا آخر. حتى خلال فترة الهدنة، استمرت الاشتباكات المتقطعة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، مما يعيق جهود بناء الثقة. ويخشى المراقبون من أن أي خرق للهدنة قد يؤدي إلى تصعيد أكبر وعودة إلى الحرب الشاملة.
وبحسب شهود عيان وتقرير للأمم المتحدة ، لا يزال الوضع الإنساني في غزة كارثيًا، حيث يعاني أكثر من مليون شخص من التهجير القسري ونقص الخدمات الأساسية. وتدعو المنظمات الدولية إلى توفير حماية عاجلة للمدنيين وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى جميع أنحاء القطاع.
درجت أنباء عن مبادرة جديدة لتبادل الأسرى، تتضمن إطلاق سراح عدد محدود من الأسرى الإسرائيليين مقابل إطلاق سراح عدد أكبر من الأسرى الفلسطينيين. لم يتم تأكيد هذه الأنباء بشكل رسمي، ولكنها تعكس الرغبة في إيجاد حل وسط يرضي الطرفين. تعتمد نجاح هذه المبادرة على مدى استعداد كلا الطرفين لتقديم تنازلات.
في سياق متصل، تتحدث بعض المصادر عن محاولات لإشراك قوى إقليمية ودولية أخرى في جهود الوساطة، بهدف تعزيز الضغط على إسرائيل وحماس. However, لم يتم الكشف عن تفاصيل هذه المحاولات.
كما أن مستقبل الهدنة في غزة مرتبط بشكل وثيق بالتطورات السياسية الإقليمية. الوضع المتوتر في المنطقة، وخاصة في لبنان وسوريا، قد يؤدي إلى تصعيد إضافي وتقويض جهود استعادة الهدوء في غزة.
المستقبل القريب لالأزمة في غزة يتركز على المفاوضات الجارية و جهود الوساطة. ومن المتوقع أن تستأنف المباحثات في الأيام القليلة المقبلة بمشاركة جميع الأطراف المعنية، بهدف التوصل إلى اتفاق نهائي و شامل. ومع ذلك، يبقى تحقيق هذا الهدف غير مؤكد، نظرًا للتباينات العميقة و التحديات المتعددة. يجب مراقبة تطورات الوضع الإنساني و الأمني في غزة عن كثب، بالإضافة إلى التطورات السياسية الإقليمية.

