اجتماعات في مصر وتركيا… مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

تتصاعد الجهود الدبلوماسية المكثفة لإحياء اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، الذي يشهد تعثراً ملحوظاً. استضافت القاهرة وأنقرة على التوالي اجتماعات حاسمة بمشاركة وسطاء دوليين بهدف تجاوز العقبات التي تعترض طريق تنفيذ بنود الاتفاق، وذلك في ظل استمرار المعاناة الإنسانية المتفاقمة في القطاع. وتأتي هذه التحركات في وقت يواجه فيه المفاوضون صعوبات جمة في التوصل إلى تفاهمات حول قضايا رئيسية مثل تبادل الأسرى وانسحاب القوات الإسرائيلية.
عقدت الاجتماعات على مدار الأيام القليلة الماضية، بمشاركة ممثلين عن مصر وقطر والولايات المتحدة وتركيا، بالإضافة إلى إسرائيل وحركة حماس، بشكل غير مباشر. وتهدف هذه المساعي إلى بلورة رؤية واضحة لتجاوز الخلافات القائمة والعودة إلى مفاوضات جادة تضمن التوصل إلى اتفاق دائم ومستدام ينهي الصراع.
الجهود المصرية والتركية لإحياء اتفاق وقف إطلاق النار في غزة
تعتبر مصر وتركيا من الدول الرئيسية التي تلعب دوراً محورياً في الوساطة بين الأطراف المتنازعة. وقد استضافت القاهرة اجتماعاً ثلاثياً جمع مسؤولين من مصر وقطر والولايات المتحدة لمناقشة آخر التطورات في المفاوضات وسبل دفعها إلى الأمام. وتركزت المناقشات على مقترحات جديدة لتبادل الأسرى وتقديم المزيد من المساعدات الإنسانية لسكان غزة.
دور الوساطة القطرية والأمريكية
تواصل قطر جهودها الدبلوماسية المكثفة، مستفيدة من علاقاتها الجيدة مع جميع الأطراف المعنية. وتلعب الدوحة دوراً هاماً في نقل الرسائل بين إسرائيل وحماس، والعمل على تذليل العقبات التي تعترض طريق التوصل إلى اتفاق.
من جانبها، تضغط الولايات المتحدة على إسرائيل وحماس للعودة إلى طاولة المفاوضات وتقديم تنازلات متبادلة. وتدعو واشنطن إلى تحقيق تقدم ملموس في ملف تبادل الأسرى، وتوفير حماية كاملة للمدنيين في غزة. وتشمل الجهود الأمريكية أيضاً تنسيق المساعدات الإنسانية مع الدول المانحة لضمان وصولها إلى المحتاجين.
اجتماعات أنقرة ومساعي تركية جديدة
استضافت أنقرة اجتماعاً منفصلاً يهدف إلى استكشاف آفاق جديدة للتوصل إلى حل سياسي للصراع. وتركزت المناقشات على ضرورة إيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، يضمن حقوق الفلسطينيين في إقامة دولة مستقلة ذات سيادة.
أعربت تركيا عن قلقها العميق إزاء الوضع الإنساني المتدهور في غزة، ودعت إلى وقف فوري لإطلاق النار وفتح معابر الحدود أمام إدخال المساعدات الإنسانية. كما أكدت أنقرة على أهمية دور المجتمع الدولي في الضغط على الأطراف المتنازعة للعودة إلى المفاوضات الجادة.
ومع ذلك، لا تزال هناك خلافات جوهرية بين إسرائيل وحماس حول الشروط الأساسية لوقف إطلاق النار. وتصر حماس على ضمانات واضحة بشأن انسحاب القوات الإسرائيلية من غزة، ورفع الحصار المفروض على القطاع. في المقابل، تطالب إسرائيل بضمانات بشأن عدم استئناف حماس للعمليات العسكرية، ووقف تهريب الأسلحة إلى غزة. هذه الخلافات تعيق التقدم نحو اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.
تأتي هذه الجهود في ظل تدهور الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، حيث يعاني السكان من نقص حاد في الغذاء والدواء والمياه. وحذرت الأمم المتحدة من خطر حدوث مجاعة واسعة النطاق في القطاع، إذا لم يتم إدخال المزيد من المساعدات الإنسانية بشكل عاجل. وتشير التقارير إلى أن أكثر من 80% من سكان غزة يعتمدون على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة. الوضع الإنساني الكارثي يزيد من الضغوط على الأطراف المتنازعة للتوصل إلى حل سريع.
بالإضافة إلى ذلك، يراقب المجتمع الدولي عن كثب التطورات على الأرض، ويحث الأطراف المتنازعة على الالتزام بالقانون الدولي الإنساني، وحماية المدنيين. وتدعو العديد من الدول إلى إجراء تحقيق مستقل في الانتهاكات المزعومة لحقوق الإنسان التي ارتكبت خلال الصراع. الضغط الدولي المتزايد قد يدفع الأطراف المتنازعة إلى تقديم تنازلات والعودة إلى المفاوضات.
في سياق متصل، تتزايد الدعوات إلى إيجاد حل سياسي شامل للقضية الفلسطينية، يضمن حقوق الفلسطينيين في إقامة دولة مستقلة ذات سيادة. ويرى العديد من المحللين أن تحقيق السلام الدائم في المنطقة يتطلب معالجة الأسباب الجذرية للصراع، وإيجاد حل عادل ومنصف للقضية الفلسطينية. هذا يتطلب جهوداً دبلوماسية مكثفة ومشاركة جميع الأطراف المعنية.
من المتوقع أن تستمر الجهود الدبلوماسية المكثفة خلال الأيام القليلة القادمة، بهدف التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة. ومن المقرر أن تعقد اجتماعات أخرى في القاهرة وأنقرة، بمشاركة ممثلين عن الدول الوسيطة وإسرائيل وحماس. ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت هذه الجهود ستنجح في تحقيق تقدم ملموس. يبقى الوضع في غزة هشاً وغير مستقر، ويتطلب مراقبة دقيقة وتدخل دولي عاجل. التركيز الآن منصب على إمكانية التوصل إلى اتفاق قبل حلول عيد الأضحى، لكن تحقيق ذلك يظل أمراً غير مؤكد.

