التمكين الاقتصادي لليمنيات… مكاسب محدودة وتحديات واسعة

على الرغم من التوسع الملحوظ في المبادرات الحكومية والدولية الرامية إلى تمكين المرأة اليمنية اقتصادياً، لا تزال تحديات التمويل وضعف التنسيق بين الجهات الفاعلة تعيق تحقيق أثر مستدام. يواجه هذا المسعى، الذي يهدف إلى تعزيز دور المرأة في الاقتصاد اليمني المتضرر، عقبات كبيرة تتطلب معالجة شاملة. وتأتي هذه التحديات في ظل أوضاع إنسانية واقتصادية صعبة يشهدها اليمن منذ سنوات.
تتركز الجهود حالياً في عدة محافظات يمنية، بما في ذلك عدن، وتعز، ومأرب، حيث تنفذ برامج تدريبية وقروض صغيرة لدعم المشاريع النسائية. ومع ذلك، تشير التقارير إلى أن نطاق هذه المبادرات لا يزال محدوداً مقارنة بحجم الاحتياجات، وأن الوصول إلى المستفيدات في المناطق النائية يمثل تحدياً كبيراً. وقد أعلنت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل عن خطط لتوسيع نطاق هذه البرامج خلال العام القادم.
تحديات تواجه تمكين المرأة اليمنية اقتصادياً
تعتبر قضية التمويل المحدود من أبرز العوائق التي تعترض طريق تمكين المرأة اليمنية اقتصادياً. فالعديد من المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تديرها نساء تواجه صعوبة في الحصول على قروض أو تمويلات كافية لتطوير أعمالها. بالإضافة إلى ذلك، يفتقر العديد من النساء إلى الضمانات المطلوبة للحصول على التمويل من البنوك والمؤسسات المالية.
نقص التنسيق بين الجهات المانحة
يعتبر ضعف التنسيق بين الجهات المانحة والمنظمات غير الحكومية والجهات الحكومية من التحديات الأخرى التي تواجه جهود تمكين المرأة اليمنية اقتصادياً. يؤدي هذا الضعف إلى تكرار الجهود وتبديد الموارد وعدم الاستفادة الكاملة من الخبرات المتاحة. ووفقاً لتقرير صادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فإن تحسين التنسيق بين الجهات الفاعلة يعتبر أمراً ضرورياً لتحقيق أثر مستدام.
القيود الاجتماعية والثقافية
تلعب القيود الاجتماعية والثقافية دوراً كبيراً في إعاقة مشاركة المرأة في الأنشطة الاقتصادية. ففي بعض المناطق اليمنية، لا تزال هناك تصورات سلبية حول دور المرأة في المجتمع، مما يحد من فرصها في الحصول على التعليم والتدريب والعمل. ومع ذلك، تشير بعض الدراسات إلى أن دعم المشاريع النسائية يمكن أن يساهم في تغيير هذه التصورات وتعزيز دور المرأة في المجتمع.
بالإضافة إلى التمويل والتنسيق والقيود الاجتماعية، تواجه المرأة اليمنية تحديات أخرى مثل نقص البنية التحتية، وعدم الاستقرار السياسي والأمني، وتأثيرات الحرب المستمرة. هذه التحديات تتطلب معالجة شاملة ومتكاملة لضمان تحقيق تمكين المرأة اليمنية اقتصادياً.
المبادرات الحكومية والأممية
أطلقت الحكومة اليمنية، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وصندوق تنمية المرأة، عدداً من المبادرات لدعم تمكين المرأة اليمنية اقتصادياً. وتشمل هذه المبادرات برامج تدريبية في مجالات مختلفة مثل ريادة الأعمال، والتسويق، والإدارة المالية. بالإضافة إلى ذلك، تقدم هذه المبادرات قروضاً صغيرة ومنحاً لدعم المشاريع النسائية.
وفي شهر سبتمبر الماضي، أعلنت وزارة التخطيط والتعاون الدولي عن تخصيص مبلغ 5 ملايين دولار لدعم المشاريع النسائية في المحافظات المتضررة من الحرب. يهدف هذا التمويل إلى توفير فرص عمل جديدة للنساء وتعزيز مساهمتهن في الاقتصاد الوطني. كما أطلقت منظمة المرأة العربية مبادرة لدعم رائدات الأعمال اليمنيات، وتقديم الاستشارات الفنية والمالية لهن.
تعتبر ريادة الأعمال النسائية من المجالات الواعدة في اليمن، حيث أظهرت العديد من النساء قدرة على إنشاء وإدارة مشاريع ناجحة في مختلف القطاعات. ومع ذلك، لا تزال رائدات الأعمال اليمنيات يواجهن تحديات كبيرة مثل نقص التمويل، وصعوبة الوصول إلى الأسواق، وعدم وجود بيئة أعمال مواتية. وتشير البيانات إلى أن المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تديرها نساء تساهم بنسبة 20% في الناتج المحلي الإجمالي لليمن.
بالإضافة إلى المبادرات الحكومية والأممية، تلعب المنظمات غير الحكومية دوراً هاماً في دعم تمكين المرأة اليمنية اقتصادياً. تقوم هذه المنظمات بتنفيذ برامج تدريبية وتوفير الدعم الفني والمالي للنساء، بالإضافة إلى الدعوة إلى تغيير السياسات والقوانين التي تعيق مشاركة المرأة في الأنشطة الاقتصادية. وتشير التقارير إلى أن هناك أكثر من 50 منظمة غير حكومية تعمل في مجال تمكين المرأة في اليمن.
في المقابل، يرى بعض الخبراء أن المبادرات الحالية تحتاج إلى مزيد من التنسيق والتركيز على بناء القدرات المحلية، بدلاً من الاعتماد على المساعدات الخارجية. ويرون أيضاً أن من الضروري معالجة الأسباب الجذرية للتحديات التي تواجه المرأة اليمنية، مثل الفقر والبطالة والتمييز.
من المتوقع أن يعقد مجلس الوزراء اليمني اجتماعاً في نهاية الشهر القادم لمناقشة خطة وطنية شاملة لتمكين المرأة اقتصادياً. وستركز الخطة على تعزيز دور المرأة في قطاعات رئيسية مثل الزراعة والصناعة والسياحة. ومع ذلك، لا يزال هناك الكثير من الغموض حول كيفية تمويل هذه الخطة وتنفيذها على أرض الواقع. وستظل مسألة التمويل والتنسيق من القضايا الرئيسية التي يجب معالجتها لضمان تحقيق أهداف الخطة.

