Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
الاخبار

الحوثيون يؤجّرون متحف إب ويقتطعون جزءاً منه لشرطتهم

أقدمت جماعة أنصار الله الحوثية على استئجار جزء من مبنى متحف محافظة إب واستخدامه مقراً لأجهزتها الأمنية، في خطوة أثارت قلقاً واسعاً بشأن مستقبل الآثار اليمنية. يأتي هذا الإجراء بالتزامن مع تقارير متزايدة عن عمليات عبث وتدهور متعمد في المواقع الأثرية اليمنية الواقعة تحت سيطرة الجماعة، مما يهدد بتدمير تراث البلاد الثقافي والتاريخي. وقد بدأت هذه الإجراءات في وقت مبكر من شهر مارس الحالي.

يقع متحف إب في قلب المدينة القديمة، وهي منطقة مدرجة على قائمة التراث العالمي لليونسكو. ويعتبر المتحف من أهم المؤسسات الثقافية في المحافظة، حيث يضم مجموعة واسعة من القطع الأثرية التي تعود إلى عصور مختلفة من تاريخ اليمن. هذا التأجير يمثل تصعيداً في المخاوف المتعلقة بحماية التراث اليمني في ظل استمرار الصراع.

تأجير المتحف وتهديد الآثار اليمنية

أكدت مصادر محلية في إب أن الجماعة الحوثية استأجرت جزءاً كبيراً من مبنى المتحف، وقامت بتحويله إلى مقر لشرطتها. لم يتم الإعلان عن تفاصيل الاتفاقية أو قيمة الإيجار، ولكن المصادر أشارت إلى أن هذا الإجراء تم دون أي اعتبار للقيمة التاريخية والثقافية للمبنى والمقتنيات الموجودة فيه.

هذا التحول في استخدام مبنى تاريخي يثير تساؤلات حول التزام الجماعة بالحفاظ على التراث اليمني. وتشير التقارير إلى أن المساحات المخصصة للشرطة أدت إلى ازدحام في المتحف، مما يعرض القطع الأثرية للخطر. بالإضافة إلى ذلك، هناك مخاوف من أن الأنشطة الأمنية قد تؤثر سلباً على حالة المبنى نفسه.

تاريخ المتحف وأهميته

تأسس متحف إب في عام 1986، ويضم مجموعة متنوعة من القطع الأثرية التي تعكس تاريخ المنطقة الغني. تشمل هذه القطع مخطوطات قديمة، وأدوات منزلية، وأسلحة، ومجوهرات، بالإضافة إلى تماثيل ومنحوتات حجرية. يعتبر المتحف وجهة سياحية مهمة، ويساهم في تعزيز الوعي الثقافي والتاريخي لدى السكان المحليين.

تعتبر محافظة إب من أغنى المناطق اليمنية بالتراث المعماري والثقافي. وتضم المدينة القديمة العديد من المساجد والمدارس والقصور التاريخية التي تعود إلى عصور مختلفة. هذه المعالم التاريخية تجعل إب وجهة جذابة للباحثين والمهتمين بالتاريخ اليمني.

العبث بالآثار في مناطق سيطرة الحوثيين

لم يقتصر الأمر على تأجير متحف إب، بل تشير تقارير متعددة إلى عمليات عبث وتدمير واسعة النطاق في المواقع الأثرية الأخرى الواقعة تحت سيطرة الجماعة الحوثية. وتشمل هذه التقارير أعمال تنقيب غير قانونية، وتهريب للقطع الأثرية، وتشويه للمعالم التاريخية.

أفادت وزارة الثقافة اليمنية بأنها تلقت بلاغات عن عمليات بناء عشوائية في محيط بعض المواقع الأثرية، مما يهدد بانهيارها أو إخفائها. كما ذكرت الوزارة أن هناك نقصاً حاداً في الموارد اللازمة لحماية هذه المواقع، وأنها غير قادرة على الوصول إليها في ظل الظروف الأمنية الحالية.

بالإضافة إلى ذلك، هناك اتهامات للحوثيين باستخدام المواقع الأثرية كمخازن للأسلحة أو مقرات عسكرية، مما يعرضها لخطر القصف أو الاشتباكات. هذه الممارسات تتعارض مع القوانين الدولية التي تحظر استخدام الممتلكات الثقافية لأغراض عسكرية.

تداعيات العبث على التراث اليمني

يمثل العبث بالتراث اليمني خسارة فادحة للبلاد وللإنسانية جمعاء. فالآثار اليمنية ليست مجرد صخور أو مبانٍ قديمة، بل هي شهادة حية على حضارة عريقة تمتد لآلاف السنين. تدمير هذه الآثار يعني فقدان جزء من الذاكرة الجماعية للشعب اليمني، وتقويض هويته الثقافية.

كما أن العبث بالآثار يؤثر سلباً على قطاع السياحة، الذي يعتبر مصدراً مهماً للدخل القومي. فالمواقع الأثرية تجذب السياح من جميع أنحاء العالم، وتساهم في توفير فرص عمل وتحسين مستوى المعيشة.

هناك أيضاً مخاوف من أن عمليات تهريب الآثار تمول الأنشطة الإرهابية والجريمة المنظمة. فالقطع الأثرية المسروقة تباع في السوق السوداء بأسعار باهظة، ويتم استخدام الأموال الناتجة عنها في تمويل الجماعات المتطرفة.

ردود الفعل الدولية والمحلية

أثارت هذه التطورات موجة من الإدانات من قبل المنظمات الدولية المعنية بحماية التراث الثقافي. وحثت منظمة اليونسكو الجماعة الحوثية على احترام التزاماتها الدولية، والتوقف عن العبث بالآثار اليمنية. كما دعت المنظمة إلى إرسال بعثة تقييم إلى اليمن لتقييم الأضرار التي لحقت بالمواقع الأثرية.

على الصعيد المحلي، أعربت الحكومة اليمنية عن قلقها العميق إزاء هذه التطورات، واتهمت الحوثيين بتعمد تدمير التراث اليمني. ودعت الحكومة المجتمع الدولي إلى التدخل لحماية الآثار اليمنية، ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم.

كما أصدرت العديد من المنظمات غير الحكومية اليمنية بيانات تدين فيها العبث بالآثار، وتطالب بوقف هذه الممارسات. وشددت هذه المنظمات على أهمية حماية التراث اليمني للأجيال القادمة.

من المتوقع أن تقدم وزارة الثقافة اليمنية تقريراً مفصلاً إلى اليونسكو في غضون الشهر القادم، يتضمن تفاصيل الأضرار التي لحقت بالآثار في مناطق سيطرة الحوثيين. كما من المحتمل أن يتم طرح هذا الموضوع في مجلس الأمن الدولي. يبقى الوضع غير مؤكد، ويتوقف على تطورات الأوضاع الأمنية والسياسية في اليمن، وعلى مدى استجابة المجتمع الدولي لهذه القضية الحساسة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *