Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
الاخبار

العودة للعدوان تضع المنطقة على حافّة الهاوية

بعد أن استنزف بنيامين نتنياهو أشهراً طويلة، من التفاوض تحت النار خلال مرحلة جو بايدن، وجد نفسه مضطراً، وما كان عليه أن يخالف القرار الأميركي الذي اتخذته إدارة دونالد ترامب بضرورة التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار.

من يفهم السبب خلف توقيع نتنياهو ذلك الاتفاق، كان يدرك أنه سيحاول وسيجد الفرصة، بغضّ النظر عن الذريعة للعودة والانقلاب على الاتفاق، أن يعود عن أيّ اتفاق يتجاوز شروطه ومقاساته، فهو أمر معلوم، لكل من يعرفه، ذلك أن تاريخه في العمل السياسي لم يقدم أيّ سابقةٍ لاحترام أيّة اتفاقيات أو تعهُّدات لا تناسب أهدافه وسياساته.

وفي الأساس فإن التوجّه الأميركي لفرض صيغة الاتفاق لم يكن يستند إلى رؤية، ذات أبعاد سياسية إستراتيجية، تتجاوز تحقيق إنجاز من خلال الإفراج عن الرهائن الإسرائيليين، ثم لكلّ حادثٍ حديث.

منذ وصوله إلى البيت الأبيض، لم يتوقّف ترامب وأعضاء طاقمه عن إصدار تصريحات ومواقف معادية للفلسطينيين والعرب بل وتنطوي على تطابق إستراتيجي مع سياسة نتنياهو إزاء القضية الفلسطينية، وإزاء ما ينتظر منطقة الشرق الأوسط التي يعلن الأخير جهاراً نهاراً هدفه لإعادة رسم خارطة الشرق الأوسط.

إن كانت هناك خلافات بين الإدارتين الأميركية والإسرائيلية فإنها مجرّد خلافات تكتيكية مؤقّتة، تتفق على الأهداف، وربما تختلف حول التكتيكات، وكيفية تحقيق تلك الأهداف.

وجد نتنياهو ضالّته في رفض حركة حماس القبول بمقترح المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، الذي سعى لتمديد المرحلة الأولى لمدة 50 يوماً، مقابل الإفراج عن نصف عدد الرهائن من الأحياء والأموات.

منح رفض “حماس” اقتراح ويتكوف السبب الذي وقف خلف قرار نتنياهو للعودة إلى القتال، واستمرار الإعلان عن أنه سيعود للمفاوضات تحت النار.

المفاوضات تحت النار، لم تجلب للإسرائيليين سوى قتل أعداد أخرى من الرهائن، وبالرغم من أن جيشه واصل عملياته البرّية والجوّية والبحرية، واستمرّ في حرب الإبادة الجماعية والتجويع إلّا أنّ صمود المقاومة أفشل كلّ تلك المحاولات.

منذ فجر الثلاثاء الماضي، قام الطيران الحربي الإسرائيلي، وأثناء فترة السحور، بمئات الطلعات والقصف العدواني العنيف، الذي أدّى إلى سقوط أكثر من 400 شهيد، واكثر من 500 جريح.

هذه هي جهنّم التي هدّد بها نتنياهو وترامب، اللذان اتفقا على شنّ هذا العدوان المتوحّش، في محاولة لإرغام “حماس” على التنازل عن شروطها.

لجوء جيش الاحتلال إلى استخدام سلاح الجوّ، مع تحرّك برّي محدود لتوسيع منطقة “الحزام الأمني”، تشير بالإضافة إلى مؤشّرات أخرى، إلى أن الجيش غير جاهز للعودة إلى الاجتياح البرّي.

المؤشّرات تعود إلى نقصٍ كبير في القوى البشرية، فـ”الحريديم” لا يزالون يرفضون الخدمة في الجيش، وأعداد كبيرة من الاحتياط يرفضون العودة للقتال، بالإضافة إلى الخلافات الصعبة التي تعصف بالعلاقة بين المستوى السياسي، والمستوى الأمني، وجملة الاستقالات والإقالات التي وقعت خلال فترة الحرب العدوانية، على أنّ العودة إلى القتال، لا يمكن فقط تفسيرها، بالرغبة الدائمة لنتنياهو وحكومته في استمرار حالة الحرب الدموية، باعتبارها السبب الأكيد في إطالة عمر حكومته الفاشية.

في الـ 31 من آذار الجاري، تنتظر الحكومة استحقاقاً خطيراً يهدد بقاءها، وسط شروط مختلفة لأطراف التحالف، ستواجه الحكومة خطر سقوط الائتلاف، ما لم تحظ بموافقة الأغلبية على مشروع قانون الموازنة.

من جهة، يهدّد بتسلئيل سموتريتش بعدم التصويت لصالح الموازنة ما لم يعد نتنياهو إلى الحرب وسياسة التهجير، ويتفق معه في ذلك إيتمار بن غفير، ومن جهة أخرى تهدد “يهودوت هتوراة” و”شاس” بضرورة التصويت على قرار إعفاء “الحريديم” من الخدمة العسكرية.

العودة إلى الحرب الإبادية كانت بالنسبة لنتنياهو هي الطريق لإرضاء سموتريتش، وبن غفير الذي أعلن أن حزبه سيعود إلى الحكومة بعد أن أثبت نتنياهو بالملموس استعداده للعودة إلى الحرب.

نتنياهو الذي برع في إيجاد الحلول، لضمان بقاء ائتلافه الحكومي، سيجد الطريقة، أيضاً، لمعالجة خلافه مع المطالبين بإقرار إعفاء “الحريديين”، بعد كل هذا الوقت من التهرُّب من الإجابة عن هذا الاستحقاق.

العودة إلى الحرب تمكّن نتنياهو من الحصول على 68 صوتاً لصالح تمرير مشروع الموازنة، وبذلك فإنه يفوّت الفرصة على “المعارضة” التي تعدم الوسائل لإسقاط حكومته، بالرغم من اتساع الاحتجاجات، والكثير من التناقضات التي تقصّر حتى الآن عن التأثير في المسار الذي تنتهجه حكومته.

العودة إلى الحرب الإبادية، التي قد تؤجّج الصراعات في المنطقة، بعد عودة جماعة “أنصار الله” “الحوثيين” اليمنية، للعمل إسناداً لغزّة، هي عودة للتوتّر في المنطقة بأسرها.

عودة “الحوثيين” للعمل، وفق ما أعلنوا الالتزام به، يخلق حالةً من التوتّر والقلق الإقليمي، والمخاوف من أنّ الضربات الأميركية البريطانية القاسية للجماعة، قد تؤدّي إلى استهداف القواعد الأميركية في منطقة الخليج، من شأنها أن تحدّ من مغامرات الأميركيين، الذين عادوا لإطلاق التهديدات لـ”الحوثيين” وإيران و”حزب الله”، و”حماس” وكلّ من يناصرهم.

كما أن العودة للقتال بمبادرة إسرائيلية ومباركة أميركية تجعل الطرفين شركاء في الجرائم التي تتواصل ضد الفلسطينيين.

على أنّ عودة القتال تضع الوسطاء العرب، في حالة حرجٍ، وتُضعف دورهم في الوساطة لأن هذه العودة تفقدهم الوزن، والتأثير، بما يجعل المفاوضات حصرياً ومباشراً، بين الأميركيين و”حماس”، مع دور شكلي للوسطاء الآخرين. 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *