الهم الوطني بين الصدق والادعاء
يرى أحدهم في أحد مقالاته، مؤخرا، ٱن “المعاندة والمكابرة المسيطرة على حركة حماس هي التي سببت الإضرار بالقضية الوطنية من خلال مغامرات كان ٱخرها عملية طوفان الأقصى التي أعطت المبرر للاحتلال الصهيوني-كما يقول-لتنفيذ ما كان يخطط له ل غزة وكل القضية الوطنية”.
هذا، ويقر الكاتب بأن “حركة حماس هي جزء من الشعب الفلسطيني له حضور شعبي، وأنها حركة مقاومة تقاتل الاحتلال على طريقتها وطبقا لأجندتها”(!!!)
وحيث حاول الكاتب أن يصل إلى مراده من خلال بنود أتى عليها، فقد رأينا أن ننجز ما نحن الٱن إليه, أيضا من خلال بنود، نوردها على النحو الٱتي:
(١) إذا كانت (المعاندة) تسيطر على حركة حماس فتدفعها هذه (المعاندة) إلى مقارعة الاحتلال العسكري الصهيوني ومواجهته, فإن الاسترخاء أو القعود عن مواجهة الاحتلال لدرء شروره وأطماعه والرد على اعتداءاته بالتصدي لها هو الذي ظل يسيطر على السلطة- على وجه العموم-طوال ثلاثين عاما، وعلى وجه الخصوص أثناء حرب الإبادة الجماعية الصهيو/أمريكية على غزة. فإذا كان ذلك كذلك، أليس (العناد) في سبيل الحق أفضل من (القعود والاسترخاء) أمام الباطل وأعدل؟!
(٢) إن من يدعي (اليوم) حمل هم الوطن، محذرا من الإضرار بالقضية الوطنية، قد كان عليه (بالأمس القريب) أن يحمل الهم نفسه، دفاعا عن قضيتنا حينما تواصلت أفعال الإضرار بها طويلا، دون محاسبة أو مراقبة، ودون ذرة من وطنية أو من خجل أو حياء!
(٣) إن صح القول عن تزامن مريب لخروج جيش الاحتلال عام 2005, وانتخابات كانت الإدارة الأمريكية قد أملتها عام 2006 على عباس, فتحت أي نوع او أي بند من الإضرار بالقضية الوطنية يمكن لهذا الفعل أن يدرج؟! وأي نوع من النقد قد تمت ممارسته إزاء ذلك الفعل المعيب والمريب والمضر والخطير على المستوى الوطني؟!
(٤) هل صنعت أوسلو لشعبنا وطنا؟! وهل حققت له خيرا أم جلبت عليه شرا؟! وإزاء ذلك، هل من دور ما(في تلك الأيام) قد مارسه–ناقدا أو مهاجما– أولئك الذين نراهم (اليوم) يهاجمون ولا ينتقدون؟!
(٥) هل كان توقيع قيادتنا على أوسلو نتاج تكليف او تفويض أو استفتاء شعبي، أو إجابة لرغبة شعبنا وخياره؟!
(٦) هل كان التنسيق الأمني خيارا شعبيا، أم كان تصرفا وطنيا مسؤولا على المستوى الرسمي، أم كان تصرفا عبثيا وخطيرا ومضرا؟ وهل كان ثمة دور انتقادي وطني (في تلك الأيام) لمن يحشرون (اليوم) أنفسهم في جبهة الهجوم حبا في الهجوم، وليس في واحة النقد، حبا للوطن وانتماء له، ودفاعا عن قضيته؟!
(٧) هل من أي دور قد اضطلع به من-في هذه الأيام-يهاجمون ولا ينتقدون, حين تم الانقلاب على الحكومة العاشرة التي تم بالتوافق إنجازها حتى سميت (حكومة الوفاق او التوافق الوطني)؟!
(٨) هل كلف شعبنا قيادته أو فوضها بحذف أي بند من بنود الميثاق الوطني، ما أدى إلى نسفه نسفا أفقده كل ما كان له من أهميةوبريق وإجلال؟!وهل استفتي شعبنا على شطب بند “الكفاح المسلح” من قاموس نضاله الوطني المعمد بدماء الشهداء وأغلى التضحيات؟! وهل تم ذلك التنازل المذل رغم أنف الشعب، أو دون علمه ومن وراء ظهره؟!وهل ثارت (ٱنذاك) الحمية الوطنية عند من نراهم(اليوم) يهاجمون ولا ينتقدون؟!
(٩) وهل كلف شعبنا قيادته أو تم استفتاؤه حين انتهى الأمر إلى هوة سحيقة هي “اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بدولة الاحتلال وحقها في الوجود، مقابل اعتراف دولة الاحتلال بمنظمة التحرير؟!”
وعليه، ألا يحق لأي من أبناء شعبنا أن يتساءل مستنكرا:
“أين كان هؤلاء المهاجمين أو المنتقدين حينما كان ذلك الانهيار المخزي والكبير وذلك السقوط المدوي والخطير الذي يسفه نضالات شعبنا ليكومها في نتيجة حقيرة مخزية ومهينة مفادها: “اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بدولة إسرائيل ((التي تحتل كامل فلسطين احتلالا عسكريا هو ٱخر احتلال في الدنيا)) وحقها في الوجود، مقابل اعتراف دولة إسرائيل بمنظمة التحرير الفلسطينية”. حقا إنها نتيجة تافهة، بل إنها قمة في التفاهة.
أما ٱخر الكلام، فزيادة على ما سبق، فإن لنا أن نتساءل، وباستنكار شديد: هل قام أولئك الذين نراهم (اليوم) يهاجمون ولا ينتقدون, بأي دور وطني، حتى وإن كان من قبيل النقد اللطيف والخفيف حيال تقاعس السطة الكبير والمخزي عن القيام بما كان- وما يزال-واجبا عليها أن تنهض به على الفور، ودون أي تأجيل او مراوغة، حيال حرب الإبادة التي ما انفكت دولة الاحتلال –على مدى 143 يوما–وهي تواصل صبها صبا، لا هوادة فيه، على قطاع غزة بكامله، فتقتل فيه البشر, وتجرف الأرض وتجتث الشجر، وتهدم المستشفيات ومراكز الثقافة والمساكن والمساجد ومراكز الإيواء ومعظم المؤسسات المدنية والخدمية والمكتبات والمدارس والجامعات?!
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر