بنوك مركزية خليجية تخفض الفائدة 25 نقطة أساس | الخليج أونلاين

تأتي قرارات البنوك المركزية دائمًا تحت مجهر الاهتمام الاقتصادي، خاصةً عندما يتعلق الأمر بالاحتياطي الفيدرالي الأمريكي وتأثيره على الأسواق العالمية. في خطوة ملحوظة، أعلن مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي عن خفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، وهو ما أثار موجة من التوقعات حول مستقبل السياسة النقدية، بما في ذلك توقّع الفيدرالي خفضاً إضافياً في السنوات القادمة. هذا القرار، الذي جاء في ظل بيانات اقتصادية متباينة، دفع أيضًا البنوك المركزية الخليجية إلى اتخاذ خطوات مماثلة.
قرار الفيدرالي الأمريكي: نظرة عامة وتحليل
بعد سلسلة من الاجتماعات التي أبقى خلالها على السياسة النقدية دون تغيير، قرر الفيدرالي الأمريكي خفض النطاق المرجعي للفائدة إلى ما بين 3.5% و3.75%. هذا التحول الطفيف يعكس تقييمًا دقيقًا للوضع الاقتصادي الحالي، حيث يشهد الاقتصاد الأمريكي نموًا “بوتيرة معتدلة” بينما تباطأت وتيرة خلق فرص العمل وارتفع معدل البطالة بشكل طفيف. على الرغم من ذلك، يؤكد الفيدرالي أن معدلات التضخم لا تزال مرتفعة نسبيًا، مما يضيف تعقيدًا إلى المشهد الاقتصادي.
تأثير الإغلاق الحكومي على القرار
من الجدير بالذكر أن هذا القرار اتخذ في ظل ظروف استثنائية، وهي فترة الإغلاق الحكومي الأطول في تاريخ الولايات المتحدة. هذا الإغلاق أدى إلى تأخير نشر بيانات اقتصادية حيوية، مثل تقارير التضخم والوظائف لشهر أكتوبر، مما أثر على عملية صنع القرار داخل لجنة السياسة النقدية. الغموض الناتج عن نقص البيانات ساهم في الانقسام بين أعضاء اللجنة حول المسار الأمثل للفائدة.
توقعات مستقبلية لأسعار الفائدة
على الرغم من الخلافات الداخلية، تشير التوقعات السائدة في الأسواق إلى أن الفيدرالي قد يواصل مسار التيسير النقدي. فقد رجّحت الأسواق، بنسبة تزيد عن 90%، إمكانية خفض أسعار الفائدة مرة أخرى، خاصةً بعد تصريحات رئيس الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، جون ويليامز، حول وجود “مجال لخفض قريب”. توقّع الفيدرالي خفضاً إضافياً بمقدار 25 نقطة أساس في عامي 2026 و2027، مع توقع ارتفاع معدل البطالة إلى 4.4% في 2026 و4.2% في 2027، يعزز هذه النظرة. ويرى المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض، كيفن هاسيت، أن هذا الخفض هو “خطوة صغيرة” قد تتطلب المزيد من الإجراءات في المستقبل.
ردود فعل البنوك المركزية الخليجية
لم يكن رد فعل البنوك المركزية الخليجية على قرار الفيدرالي مفاجئًا، حيث أعلنت أربع منها – قطر والإمارات والبحرين والسعودية – عن خفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس بالتزامن مع قرار الفيدرالي. هذا التزامن يعكس الترابط الوثيق بين هذه الاقتصادات والاقتصاد الأمريكي، بالإضافة إلى سياسة ربط العملات.
تفاصيل قرارات البنوك المركزية
- مصرف قطر المركزي: خفض أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض وإعادة الشراء اعتبارًا من 11 ديسمبر 2025، لتصبح فائدة الإيداع 3.85% وفائدة الإقراض 4.35%.
- مصرف الإمارات المركزي: خفض “سعر الأساس” على تسهيلات الإيداع من 3.90% إلى 3.65%، مع الإبقاء على أسعار الاقتراض قصيرة الأجل عند 50 نقطة أساس فوق سعر الأساس.
- مصرف البحرين المركزي: خفض سعر الفائدة على ودائع الليلة الواحدة من 4.50% إلى 4.25%.
- البنك المركزي السعودي: خفض معدل اتفاقيات إعادة الشراء المعاكس (الريبو العكسي) بمقدار 25 نقطة أساس من 400 نقطة أساس إلى 375 نقطة أساس، وخفض معدل اتفاقيات إعادة الشراء (الريبو) بمقدار 25 نقطة أساس أيضًا، من 450 نقطة أساس إلى 425 نقطة أساس.
أهمية ربط العملات وتأثيرها على السياسة النقدية
ترتبط البنوك المركزية الخليجية عادةً بقرارات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بسبب ربط عملاتها بالدولار الأمريكي بأسعار صرف ثابتة تقريبًا. هذا الربط يفرض على دول الخليج الحفاظ على فارق فائدة مقبول مع الدولار لتجنب الضغوط على أسعار الصرف أو خروج رؤوس الأموال. لذلك، عندما يقوم الفيدرالي بتعديل أسعار الفائدة، فإن البنوك المركزية الخليجية تتحرك في نفس الاتجاه للحفاظ على استقرار اقتصادي ومالي. السياسة النقدية في هذه الدول تتأثر بشكل كبير بالظروف الاقتصادية العالمية.
الآثار المحتملة على الاقتصاد
إن خفض أسعار الفائدة من قبل الفيدرالي والبنوك المركزية الخليجية له آثار متعددة على الاقتصاد. من المتوقع أن يشجع هذا القرار على الاستثمار والإنفاق الاستهلاكي، مما قد يدعم النمو الاقتصادي. كما يمكن أن يساعد في تخفيف الضغوط على الشركات والأفراد المثقلين بالديون. ومع ذلك، يجب مراقبة تأثير هذا القرار على التضخم، حيث أن أسعار الفائدة المنخفضة قد تؤدي إلى زيادة الطلب وبالتالي ارتفاع الأسعار. بالإضافة إلى ذلك، فإن استمرار حالة عدم اليقين الاقتصادي والسياسي قد يحد من فعالية هذا الإجراء. تحليل الأسواق المالية سيظهر مدى استجابة المستثمرين لهذه القرارات.
في الختام، يمثل قرار الفيدرالي الأمريكي بـ توقّع الفيدرالي خفضاً إضافياً في المستقبل، بالإضافة إلى ردود فعل البنوك المركزية الخليجية، تطورًا هامًا في المشهد الاقتصادي العالمي. يتطلب هذا التطور مراقبة دقيقة وتحليلًا معمقًا لتقييم آثاره المحتملة على النمو الاقتصادي والتضخم والاستقرار المالي. من المهم متابعة التطورات الاقتصادية والسياسية لتقييم مدى فعالية هذه الإجراءات وتعديل السياسات النقدية وفقًا لذلك.

