تباين مصري إسرائيلي جديد يهدد فتح معبر رفح ويزيد التوترات

شهدت حركة عبور معبر رفح البري توتراً جديداً، مع إغلاقه من الجانب الفلسطيني الخاضع للسيطرة الإسرائيلية، وتصاعد الخلافات بين مصر وإسرائيل حول آليات إعادة فتحه. وتتركز الأزمة حول مزاعم إسرائيلية تفيد بأن المعبر سيفتح لعبور الفلسطينيين للخارج فقط، وهو ما ترفضه مصر بشدة. هذا الخلاف يعيق وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة المحاصر، ويزيد من معاناة سكانه.
بدأ التصعيد في 7 مايو 2024، بعد سيطرة الجيش الإسرائيلي على الجانب الفلسطيني من معبر رفح، وهو المعبر البري الرئيسي الذي يربط قطاع غزة بالعالم الخارجي. وقد أدى الإغلاق إلى توقف حركة الأفراد والبضائع، مما فاقم الأزمة الإنسانية المتفاقمة في القطاع. وتتزايد الدعوات الدولية لإعادة فتح المعبر بشكل كامل وفوري.
أزمة معبر رفح: خلافات مصرية إسرائيلية وتداعيات إنسانية
تكمن الخلافات الجوهرية بين مصر وإسرائيل في الرؤية المتعلقة بإدارة المعبر بعد إعادة فتحه. وفقاً لمصادر إسرائيلية، فإن الخطة المقترحة تقتصر على السماح للفلسطينيين بالخروج من غزة إلى مصر، دون السماح بدخول أي شخص أو بضائع إلى القطاع. هذا الإجراء، بحسب وجهة النظر الإسرائيلية، يهدف إلى منع وصول الأسلحة والمواد التي يمكن استخدامها لأغراض عسكرية إلى غزة.
الموقف المصري الرافض
تعتبر مصر هذا المقترح غير مقبول، وتصر على ضرورة إعادة فتح المعبر بشكل كامل، مع السماح بحركة الأفراد والبضائع في كلا الاتجاهين. وتشدد مصر على أن إغلاق المعبر بشكل كامل يشكل عقاباً جماعياً على سكان غزة، ويتعارض مع القانون الدولي. كما ترى مصر أن التحكم الإسرائيلي الكامل في المعبر يهدد أمنها القومي.
تداعيات الإغلاق على الوضع الإنساني
أدى إغلاق معبر رفح إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، حيث يعاني أكثر من 2.3 مليون فلسطيني من نقص حاد في الغذاء والدواء والمياه والكهرباء. وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن الوضع الإنساني في غزة وصل إلى مستويات كارثية، وأن هناك خطرًا حقيقيًا من حدوث مجاعة. بالإضافة إلى ذلك، يعيق الإغلاق وصول المساعدات الإنسانية من مصر والدول الأخرى إلى القطاع.
تعتمد غزة بشكل كبير على معبر رفح في استيراد المواد الأساسية، بما في ذلك الأدوية والمواد الغذائية ومواد البناء. كما يعتمد الفلسطينيون على المعبر للسفر إلى الخارج لتلقي العلاج أو الدراسة أو زيارة عائلاتهم. إغلاق المعبر يعزل غزة عن العالم الخارجي، ويزيد من شعور السكان بالعزلة واليأس.
بالإضافة إلى ذلك، أثر إغلاق معبر رفح على حركة الشاحنات المحملة بالبضائع من وإلى غزة. وقد أدى ذلك إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية، ونقص في المعروض منها في الأسواق. كما أثر الإغلاق على القطاع الخاص في غزة، حيث توقفت العديد من الشركات عن العمل بسبب عدم قدرتها على استيراد المواد الخام أو تصدير منتجاتها.
الجهود الدولية لإعادة فتح المعبر
تبذل العديد من الدول والمنظمات الدولية جهودًا مكثفة لإعادة فتح معبر رفح. وتشمل هذه الجهود الضغط على إسرائيل ومصر للتوصل إلى اتفاق بشأن إدارة المعبر، وتقديم المساعدات الإنسانية لسكان غزة. وقد دعت الأمم المتحدة إلى إجراء تحقيق مستقل في مزاعم إسرائيل بوجود أنفاق تحت معبر رفح.
وقد أعربت الولايات المتحدة عن قلقها العميق بشأن إغلاق معبر رفح، ودعت إلى إعادة فتحه في أقرب وقت ممكن. كما دعت الاتحاد الأوروبي إلى إجراء تحقيق مستقل في مزاعم إسرائيل، وإلى ضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة. إعادة فتح معبر رفح يمثل أولوية قصوى للمجتمع الدولي، نظراً للتداعيات الإنسانية الكارثية لإغلاقه.
الوضع الأمني في المنطقة يمثل تحدياً إضافياً. تخشى إسرائيل من أن إعادة فتح المعبر قد يؤدي إلى زيادة تدفق الأسلحة إلى غزة، مما يهدد أمنها. في المقابل، ترى مصر أن إغلاق المعبر يعزز التطرف والإرهاب في المنطقة. إيجاد حل يوازن بين هذه المخاوف المتناقضة يمثل تحدياً كبيراً.
المفاوضات جارية بوساطة دولية، ولكنها تواجه صعوبات بسبب التباين في المواقف. وتتركز الجهود الحالية على التوصل إلى اتفاق بشأن آلية تفتيش الشحنات التي تدخل إلى غزة، وضمان عدم وصول أي أسلحة أو مواد يمكن استخدامها لأغراض عسكرية. المساعدات الإنسانية ضرورية بشكل عاجل، ولكنها لا يمكن أن تصل إلى غزة بشكل فعال ما دام المعبر مغلقاً.
من المتوقع أن تستمر المفاوضات خلال الأيام القادمة، بهدف التوصل إلى اتفاق بشأن إعادة فتح معبر رفح. ومع ذلك، لا يزال هناك الكثير من الغموض حول مستقبل المعبر، وما إذا كان سيتمكن من استئناف عمله بشكل كامل في القريب العاجل. يجب مراقبة التطورات على الأرض، والجهود الدبلوماسية الجارية، لتقييم الوضع بشكل دقيق.

