ترامب: على “إسرائيل” أن تحافظ على حوار جيد مع دمشق | الخليج أونلاين

في تطور لافت، أعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن دعمه المستمر لرؤية سوريا مزدهرة، داعياً في الوقت ذاته إلى الحفاظ على قنوات الحوار بين دمشق و”إسرائيل”. تأتي هذه التصريحات في ظل تعقيدات إقليمية وتصعيد إسرائيلي مستمر في الجنوب السوري، مما يثير تساؤلات حول دوافع ترامب وتوقيت هذه الدعوة. يهدف هذا المقال إلى تحليل تصريحات ترامب، السياق الإقليمي، والجهود الأمريكية الحالية في المنطقة، مع التركيز على مستقبل العلاقات السورية الإسرائيلية والفرص المتاحة لتحقيق الاستقرار والازدهار في سوريا.
دعم ترامب لـ سوريا المزدهرة: تحليل التصريحات
أعرب ترامب عن رضاه عن التطورات الأخيرة في سوريا، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة تبذل جهوداً لتمكين الحكومة السورية من بناء دولة “حقيقية ومزدهرة”. كما أشاد بجهود الرئيس السوري أحمد الشرع، واصفاً إياه بأنه يعمل بجد لتحقيق هذه الغاية.
أحد أبرز جوانب تصريحاته هو إشارته إلى أنه ساعد في تخفيف العقوبات القاسية المفروضة على سوريا، معتبراً أن هذا الإجراء قد لاقى تقديراً من القيادة والشعب السوريين. ويرى ترامب أن هذه الخطوة تمثل “فرصة تاريخية من أجل السلام في الشرق الأوسط”.
هذه التصريحات تثير الدهشة بالنظر إلى السياسات الأمريكية السابقة تجاه سوريا، والتي اتسمت بالدعم للمعارضة وفرض عقوبات اقتصادية مشددة. إلا أن ترامب لطالما تميز بنهج غير تقليدي في السياسة الخارجية، وقد يكون دعمه لـ سوريا مزدهرة جزءاً من استراتيجيته الأوسع لتحقيق الاستقرار في المنطقة من خلال التعامل المباشر مع القوى الفاعلة.
أهمية الحوار السوري الإسرائيلي من وجهة نظر ترامب
شدد ترامب على أهمية الحفاظ على “حوار قوي وحقيقي” بين سوريا و”إسرائيل”، محذراً من أي تصرفات قد تعيق تطور سوريا نحو الازدهار. ويعتقد أن وجود علاقة جيدة بين البلدين ضروري لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.
هذه الدعوة للحوار تأتي في وقت تشهد فيه الحدود السورية الإسرائيلية توتراً متزايداً، حيث تتهم “إسرائيل” سوريا بتقديم الدعم لحزب الله اللبناني وتنفيذ عمليات عسكرية داخل الأراضي السورية. في المقابل، تتهم سوريا “إسرائيل” بانتهاك سيادتها وتقديم الدعم للجماعات المسلحة.
السياق الإقليمي والتصعيد الإسرائيلي في الجنوب السوري
تصريحات ترامب تتزامن مع تصعيد إسرائيلي مستمر في الجنوب السوري. فقد نفذت قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال الأيام الماضية عمليات توغل في ريف دمشق والقنيطرة، واشتبكت مع الأهالي، مما أدى إلى سقوط ضحايا.
هذه العمليات الإسرائيلية تهدف، وفقاً لتصريحات إسرائيلية، إلى منع تهريب الأسلحة إلى حزب الله، وإلى استهداف البنية التحتية العسكرية التابعة للحرس الثوري الإيراني في سوريا.
الاستقرار في سوريا يظل قضية معقدة تتأثر بالعديد من العوامل الإقليمية والدولية. وجود قوى خارجية متعددة في سوريا، مثل روسيا وإيران وتركيا والولايات المتحدة، يزيد من صعوبة تحقيق الاستقرار والازدهار.
الجهود الأمريكية في الجنوب السوري
بالإضافة إلى تصريحات ترامب، تركز الجهود الأمريكية الحالية على صياغة اتفاق أمني جديد يخص الجنوب السوري. تهدف هذه التحركات إلى تعزيز الاستقرار ونزع السلاح الثقيل في المنطقة، وتعد جزءاً من استراتيجية واشنطن الأوسع في المنطقة.
وتشمل هذه الجهود محادثات مع الأطراف السورية والإسرائيلية والأردنية، بهدف التوصل إلى تفاهمات حول آليات التعاون الأمني ومنع التصعيد.
من المرجح أن يركز الاتفاق الأمني على ضمان عدم استخدام الأراضي السورية كمنصة لشن هجمات على “إسرائيل”، وعلى منع تهريب الأسلحة إلى حزب الله. كما قد يتضمن بنوداً تتعلق بتبادل المعلومات الاستخباراتية وتنسيق الجهود لمكافحة الإرهاب.
مستقبل العلاقات السورية الإسرائيلية والفرص المتاحة
على الرغم من التحديات الكبيرة، لا تزال هناك فرصة لتحسين العلاقات السورية الإسرائيلية. فقد أظهرت بعض التطورات الأخيرة، مثل دعوة ترامب للحوار، وجود رغبة في استكشاف سبل جديدة للتعاون والتواصل.
الازدهار الاقتصادي في سوريا يمكن أن يكون عاملاً مهماً في تعزيز الاستقرار وتحسين العلاقات مع الدول المجاورة، بما في ذلك “إسرائيل”. فقد يؤدي تطوير البنية التحتية السورية وتنويع الاقتصاد إلى خلق فرص عمل وتحسين مستوى المعيشة، مما يقلل من دوافع العنف والتطرف.
ومع ذلك، فإن تحقيق هذه الرؤية يتطلب جهوداً كبيرة من جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك الحكومة السورية والمعارضة والدول الإقليمية والدولية. كما يتطلب التزاماً حقيقياً بالحوار والتفاوض، وتجنب التصعيد والعمليات العسكرية.
في الختام، تمثل تصريحات ترامب حول دعمه لـ سوريا مزدهرة تطوراً مهماً يستحق المتابعة. فقد تشير إلى تحول في السياسة الأمريكية تجاه سوريا، وإلى رغبة في استكشاف سبل جديدة لتحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة. ومع ذلك، فإن تحقيق هذه الرؤية يتطلب جهوداً متضافرة من جميع الأطراف المعنية، وتجاوز العقبات والتحديات الكبيرة التي تواجه سوريا والمنطقة. نأمل أن تساهم هذه التطورات في فتح فصل جديد من الحوار والتعاون بين سوريا و”إسرائيل”، مما يعود بالخير على شعبي البلدين وعلى المنطقة بأسرها.

