Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
الاخبار

تـوأمـة الـحـزن ..! |

هو الخط المتصل للحزن أينما يممت وجهك في هذه اللحظة السوداء في تاريخ الشعب الفلسطيني .. خيام البؤساء في غزة تغرق بطوفان مياه الأمطار ليصل بكاء الناس الصاعدين للنهايات أو يتأهبون لها حد السماء، كم هي موجعة التفاصيل التي لا تتوقف عن أشكال الموت المنهمر، فلا تكفي الصواريخ القادمة من السماء كأن ما كان ينقص غزة لتكتمل المأساة هو المطر والصقيع ليموت الناس برداً … وبلا سلام.

ومنها ين فتح الجرح هناك في جنين التي شاء قدرها ألا تشهد بطالة الحزن كتاريخها الطويل، فهي تشبه غزة بتفاصيلها وأزقتها وبؤسها وفقرها واندفاعها الزائد بكثير من التهور والإرادة وقليل من الحسابات والتعقل في زمن وتجربة لم يعدا يحتملان مزيداً من الأخطاء مهما حملت من حسن النوايا التي قادت في تجارب عابثة إلى جهنم كما يقال.

كيف اندلعت الأزمة هناك؟ كما غزة التي في لحظة جنون اقتتل أبناؤها البسطاء في علم السياسة قبل أكثر من سبعة عشر عاماً، وتركوا في الذاكرة الفلسطينية نقطة سوداء في مسار التجربة وتاريخها وظلوا يبحثون مترفين عن مصالحة أقرب للوريد لكنها أبعد عن عقول تعوزها الكفاءة في إدارة الشعوب لنصحو على كابوس لم ينتهِ بعد كيف ولماذا؟. لم يحن الوقت للتساؤلات في حضرة الدم ولكن على الأقل لنتعلم من التجربة وعدم تكرارها وهو ما يخشى من أن يكون في لحظة عاطفية شديدة القسوة وينبغي وقفه بأي شكل لكن دون قطرة دم واحدة.

السؤال الأبرز هل تستطيع المجموعات المسلحة حماية شعبها من وحشية الاحتلال؟ إذا كان الأمر كذلك ينبغي دعمها بكل قوة، ولكن إذا كانت لا تستطيع، وهي لا تستطيع، حينها، على العقل السياسي أن يتوقف طويلاً. وبالمناسبة ليست وظيفة المقاومة حماية الشعب فهي أضعف من ذلك، لكن وظيفتها رفع كلفة الاحتلال وأن تتجنب تكبيد الشعب المآسي والويلات، وهي مسألة تحتاج لحسابات شديدة الذكاء لا تترك للعسكر بل للسياسة التي تقود وترى أبعد من المسلحين.

جرح ينفتح في جنين كان يمكن ألا يكون لو كانت هناك ثقة بين الفصائل الفلسطينية التي يبدو كأنها أقسمت على الصراع بينها إلى يوم الدين، وفي مشهد يمس روح الكفاح الفلسطيني بالصورة التي تقدمها أمام المواطن الفلسطيني وهو رأس المال الحقيقي ومخزونه الإستراتيجي لاستمرار عملية التحرر من الاحتلال.

في جنين، شبان حالمون كما غزة يعتقدون أنه يمكن بهذا الاندفاع لا أن يرغموا اسرائيل على وقف الحرب على غزة، ولا يفكرون بإرغامها على التفاوض كما كل مهمات العمل المسلح الذي تديره السياسة باعتبار السلاح أبرز محركات السياسة، وأغلب الظن أنهم يعرفون أنهم لن يستطيعوا إنجاز عملية التحرر وإزالة الاحتلال لتكون المسألة أشبه بفعل انفعالي غير محسوب، ويبدو أنهم لم يقرؤوا تجربة غزة بعد ليدركوا أن الذهاب أبعد يعني خسارة أكبر وسط ظروف يبدو فيها كأن الإسرائيلي يملك تصريحاً دولياً مفتوحاً للإبادة. هنا يجب التوقف فالسياسة ابنة مناخاتها وليست حالة ستاتيكية.

يبدو أن الصراع في جنين تتصدره حركة الجهاد الإسلامي، ومن الغريب ألا يحدث حوار واتصالات معها لوقف الكارثة قبل حدوثها وخصوصاً أن هذه الحركة منذ تأسيسها لم تكن طرفاً في أي صراعات داخلية بل ترفعت عن كل ما من شأنه أن يتسبب بذلك وتلك تتعلق بهوية التنظيم منذ التأسيس. فما الذي أحدث هذا التحول لتصبح جزءا من صراع داخلي؟

ظروف تأسيس حركة الجهاد الإسلامي نهاية سبعينيات القرن الماضي تحظى بفرادة استثنائية. فقد تشكلت الحركة أثناء حرب المخابرات المركزية الأميركية على الاتحاد السوفياتي في أفغانستان وكان وقودها ومادتها التي استخدمتها الشباب الإسلامي تحت دعاية محاربة الكفر والشيوعية عندما لاحظ المؤسس فتحي الشقاقي أن حركة الإخوان المسلمين كانت تُنّظر لتلك الحرب وأن خطب المساجد ذهبت لتحرير كابول أدرك بحسه الوطني أن هناك خطأ ما وأن البوصلة هي القدس وليس كابول، لينشق عن حركة الإخوان مؤسساً حركته وشعارها «فلسطين هي القضية المركزية» بعد أن كادت تتوارى خلف أفغانستان التي استخدمت المجاهدين العرب أمثال عبد الله عزام وغيره.

لأول مرة، تخرج حركة الجهاد عن تلك القاعدة التي رافقت مسيرتها وحافظت على هوية الانطلاق وروح المؤسس وتصبح طرفاً في صراع داخلي ويستخدم أبناؤها لغة تحريضية وتتشنج في علاقاتها الداخلية، وهي الحركة التي أحدثت إضافة فلسطينية بتوطين الدين نحو القضايا الوطنية وليس تشتيته باتجاه العواصم البعيدة واستنزاف الفلسطيني في حروب وكالة المخابرات والترويج لها بل وضع كل المجهود لصالح فلسطين.

ولأن الأمر غريب على حركة الجهاد، من المفيد لها أن تعيد قراءة تجربتها وتجربة غزة الطافحة بالدم حتى لا تتحمل وزر خسائر أكثر فداحة، وهي التي حافظت على طهرانية موقعها بين الفلسطينيين حين ترفعت عن السلطة وصراعاتها خاصة أن من يقودها زياد النخالة يشبه روح المؤسس وعليها أن تباشر اتصالاتها لحقن الدم الزائد داخلياً، وغير ذلك أمامنا تجربة مدن غزة. وحتى لا تتحمل حركة الجهاد مسؤولية خسارات أكبر في ظروف أصيب بها الإسرائيلي بالسعار مع غطاء دولي .. المطلوب قليل من العقل حتى لا تزيد الخسارات.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *