Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
الاخبار

خطر متسارع.. الكويت تواجه المخدرات بـ”ثورة قانونية” | الخليج أونلاين

ملف المخدرات في الكويت يشكل تحدياً متزايداً يهدد المجتمع، خاصةً الشباب. وفي ظل تزايد المخاوف من انتشار هذه الآفة، دخل قانون المخدرات الجديد رقم 159 لسنة 2025 حيز التنفيذ، ما دفع العديد من المختصين إلى تقييم هذه الخطوة الهامة. يرى الأكاديمي د. واثق عباس أن هذا الملف من “أخطر القضايا” التي تواجه الكويت، وأن التعامل معه يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد الجانب العقابي.

تصاعد أزمة المخدرات في الكويت: نظرة عامة

لم يعد الحديث عن المخدرات في الكويت مقتصراً على حالات فردية معزولة، بل أصبحنا أمام واقع مقلق يشير إلى انتشار متزايد للمشكلة في أوساط المجتمع، وخاصة بين الشباب والطلاب. السنوات الأخيرة شهدت تحولاً ملحوظاً في طبيعة هذه القضية، حيث تسللت السموم إلى المدارس والجامعات، مما استدعى تحركاً رسمياً على مستوى الدولة. ويعتبر القانون الجديد، الذي وصفته جهات قضائية وأمنية بأنه “الأكثر صرامة” في تاريخ التشريعات الكويتية، بمثابة الركيزة الأساسية في المواجهة الشاملة ضد المواد المخدرة والمؤثرات العقلية.

قانون المخدرات الجديد: تشديد الرقابة وعقوبات رادعة

تأتي أهمية القانون الجديد في عدة نقاط رئيسية. أولاً، رفع مستوى الردع إلى أقصاه من خلال فرض عقوبات تصل إلى الإعدام على المروّجين والمتاجرين، حتى في حالة توزيع كميات صغيرة “عن علم”. ثانياً، تشديد الرقابة على الوصفات الطبية وربطها إلكترونياً لمنع استغلال الأدوية في أغراض غير مشروعة، وهي ثغرة كان يستفيد منها المروجون في السابق.

ثالثاً، منح الأجهزة الأمنية صلاحية تنفيذ “التسليم المراقَب” لكشف الشبكات الإجرامية الدولية، وهو تطور نوعي في أدوات المكافحة. بالإضافة إلى ذلك، يُحاسب القانون المتورطين على الجرم الأصلي، وكذلك على التعاطي نفسه باعتباره جريمة مستقلة. ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل يفرض القانون فحوصات إلزامية للمقبلين على الزواج والوظائف العامة، ويسمح لوزارة الصحة بإجراء فحوصات عشوائية للكشف عن حالات الإدمان. هذه الإجراءات تعكس رغبة الدولة في بناء طبقة وقائية مبكرة للحد من انتشار الإدمان.

الموازنة بين الردع والعلاج

ورغم صرامة العقوبات، حرص القانون الجديد على تضمين جانب إنساني من خلال فتح باب العلاج الطوعي أمام المتعاطين، مع الإعفاء من العقوبة لمن يتقدم طواعية إلى المراكز المختصة. وقد سجلت هذه المراكز ارتفاعاً ملحوظاً في عدد طالبي العلاج منذ بدء تطبيق القانون. أما الحالات المضبوطة، فتُحال إلى مراكز التأهيل الإلزامي، في إطار مسار يوازن بين الردع والعلاج.

وتشير وزارة الداخلية إلى أن حوادث الطرق المرتبطة بتعاطي الشبو كانت من أبرز الدوافع لتشديد القانون، مؤكدةً أنه “أغلق الباب أمام أي محاولة للإفلات”. وفي المقابل، تعمل وزارة الصحة بالتنسيق مع منظمة الصحة العالمية على توسيع البرامج الوقائية في المدارس والجامعات، تحسباً لزيادة معدلات التعاطي بين الفئات العمرية الأصغر.

رؤية د. واثق عباس: المخدرات في الكويت تتطلب مقاربة شاملة

في حديث لـ “الخليج أونلاين”، أكد الأكاديمي د. واثق عباس أن التعامل مع ملف المخدرات في الكويت يتطلب إعادة تقييم شاملة للقوانين من منظور اجتماعي، بهدف تعزيز الردع ومنحه بعداً وقائياً. وأضاف أن التوجهات التشريعية الأخيرة يمكن قراءتها على أنها مسعى لحماية السلم المجتمعي والحد من التفكك الأسري المرتبط بالمخدرات.

ويرى عباس أن هذه التوجهات من شأنها تقليص الوصمة الاجتماعية التي تعيق طلب العلاج والاعتراف المبكر بالمشكلة. ومع ذلك، يحذر من أن تشديد العقوبات قد يدفع الأسر إلى مزيد من الرقابة على أبنائها، لكنه قد يخلق أيضاً خوفاً من الإبلاغ عن حالات التعاطي، مما قد يؤخر التدخل العلاجي المبكر.

الردع ليس حلاً وحيداً

ويطرح د. عباس تساؤلاً محورياً حول ما إذا كان الردع وحده كافياً لحماية الشباب، ليجيب قائلاً: “الردع ضروري لكنه غير كافٍ بمفرده. فالإدمان هو خلل فسيولوجي وسلوكي، وليس مجرد قرار يمكن ردعه بالخوف من العقوبة.” ويشير إلى أن الخوف من القانون قد يمنع التجربة الأولى، لكنه لا يعالج من وقع بالفعل في براثن الإدمان.

ويضيف أن طبيعة مرحلة الشباب، التي تتميز بالاستكشاف والمخاطرة، قد تقلل من فاعلية الردع، كما أن ضعف البدائل الثقافية والترفيهية يعزز قابلية الانجذاب للتجربة. وتفاقمت الإشكالية مع انتشار المواد المخدرة التخليقية سريعة التأثير على الوعي، مما يلغي التفكير في العواقب القانونية لحظة التعاطي. هذا الانتشار للمخدرات الجديدة يمثل تحدياً إضافياً يتطلب استراتيجيات مكافحة مبتكرة.

نحو استراتيجية متكاملة لمواجهة الأزمة

وبناءً على ذلك، يؤكد د. واثق عباس أن المواجهة تتطلب مقاربة شاملة لا تقتصر على العقوبة، بل تشمل القانون، والعلاج، والدعم النفسي، ودور الأسرة، وبيئة اجتماعية واقية. ويشدد على أهمية إشراك جميع أطراف المجتمع في هذه المواجهة، من خلال برامج توعية وتثقيف، وتعزيز القيم الإيجابية، وتوفير فرص أفضل للشباب. كما يشير إلى أن الفئة العمرية بين 15 و17 عاماً تمثل غالبية الحالات، مما يجعل الأزمة تتجاوز وصفها مشكلة إجرامية لتصبح تحدياً اجتماعياً يهدد جيلاً كاملاً في مرحلة التكوين.

لذا، يجب النظر إلى المكافحة الشاملة للمخدرات كاستثمار في مستقبل الكويت، وليس مجرد إجراء أمني وقضائي. فالشباب هم الثروة الحقيقية للوطن، وحمايتهم من خطر الإدمان هي مسؤولية تقع على عاتق الجميع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *