دور نتنياهو في التأثير سلبا على كفاءة الجيش الإسرائيلي
يبدو الضرر الذي لحق بالجيش الاسرائيلي خاصة سلاح الجو أكثر واقعية من أي وقت مضى، وفي ظل غياب المعلومات الحقيقية عن عدد الجنود والطيارين الذين يرفضون الخدمة. أو الذين أبلغوا الجيش عن توقف تطوعهم في الجيش والوحدات المختلفة.
حتى مع الإعلان عن أن 1142 طيارًا وأفرادًا من سلاح الجو أنهم سيتوقفون عن الخدمة في الاحتياط احتجاجًا على إلغاء سبب المعقولية. من الصعب معرفة العدد الدقيق لجنود الاحتياط بشكل عام، والطيارين بشكل خاص، الذين توقفوا منذ ذلك الحين عن الإبلاغ عن الخدمة، لكن من الواضح أن التأثير ملحوظ.
وبعد عودة الحكومة الإسرائيلية إلى تشريع إلغاء سبب المعقولية بعد توقفها في شهر مارس/آذار الماضي، وبدت التهديدات بالتراجع وبعدم الظهور للاحتياطيات أقرب من أي وقت مضى، ذهب الناطقون باسم اليمين إلى الإنكار. وكتب العميد الاحتياطي في “موكور ريشون” العميد الاحتياط أورين سالومون، وهو عضو في حركة الأمنيين اليمينية، لا يوجد احتجاج من قبل جنود الاحتياط، هناك عدد ضئيل من العشرات من جنود الاحتياط النشطين الذين قد لا يحضرون للاستدعاء. قبل الموافقة على قانون المعقولية مباشرة.
وقد راهنت المعارضة الإسرائيلية وقيادة الاحتجاج على مشاركة الضباط الكبار في الاحتياط ، خاصة أن من يقود الاحتجاج هم من المسؤولين العسكريين والامنيين السابقين.
وفي الحديث عن الضرر الذي لحق بسلاح الجو وفي محادثة مع الطيارين، اعترف قائد سلاح الجو، تومر بار، بأن القوات الجوية ما زالت قادرة، “لكن أقل من ذلك. وأن الضرر الذي لحق بالقوات الجوية هو في أسراب العمليات باعتبارها جوهر كفاءة سلاح الجو في مقر العمليات ومدرسة الطيران ووحدات التحكم الجوي. ونقلت صحيفة هآرتس، عن قائد سلاح الجو السابق عميكام نوركين انه بخصوص صلاحيات سلاح الجو، لدينا حتى نهاية العام ليس أكثر.
ورافق ذلك حملة إعلامية منظمة قادها وزراء وأعضاء كنيست من الإئتلاف، وصحافيين إسرائيليين محسوبين على اليمين، وشنوا هجوما لاذعا على قيادة الجيش خاصة رئيس هيئة الأركان هرتسي هاليفي على خلفية تحذيره من تراجع كفاءة الجيش الإسرائيلي، وعواقب خطة الإصلاح القضائي على الجيش، وأن امتناع نتنياهو، عن دعم الضباط ضد الهجوم عليهم يهدف إلى تقويض ثقة الجمهور بالجيش. وظاهرة توقف جنود في الاحتياط عن التطوع في الخدمة العسكرية، ومدى تأثير هذه الظاهرة على كفاءات الجيش وجهوزيته للحرب.
بحسب ما ذكره المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس”، عاموس هرئيل، يبدو واضحا أنه في محيط رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بدأت خطوة مدروسة، هدفها تقويض ثقة الجمهور بالجيش. وأن نتنياهو أوعز لرئيس هيئة الأركان العامة بـالحفاظ على كفاءات الجيش.
وأضاف هرئيل أن نتنياهو يعتبر أنه على إثر ذلك إنه إذا كانت هناك مشكلة منذ الآن، فإنها مشكلة هليفي، وإذا تذمر هليفي، فإنه لا يمكن الاعتماد على مصداقيته. وبشكل معاكس لأي منطق، تتسبب الحكومة نفسها بمخاطر حقيقية على أمن الدولة. ولم يعد هناك مجالا للشك. هدفها الأسمى هو مصلحة نتنياهو الشخصية. ومهما كلف الأمر.
ويستذكر هرئيل تاريخ نتنياهو مع رؤساء الأجهزة الأمنية بالقول انه تاريخ مشحون، ويعود إلى ولايته الأولى كرئيس للوزراء في أواخر التسعينيات. حتى في ذلك الوقت، تمكن من الاشتباك مع رئيس هيئة الأركان، أمنون ليبكين شاحاك، الذي استمر في نهاية ولايته في الحياة السياسية (دون فترة تهدئة، والتي لم تكن مألوفة في ذلك الوقت) وانضم إلى الجهود للإطاحة بنتنياهو منذ ذلك الحين غادر ما يقرب من 15 من رؤساء الأركان المتقاعدين ورؤساء الأجهزة الأمنية علانية ضد نتنياهو، ناهيك عن مئات الأعضاء السابقين في مناصب أقل بقليل من الرتب.
وهذا ما ذكره الصحافي ميرون رابوبورت، أن نتنياهو يرى هذه الأزمة مع الجيش كجزء من الحرب على النخب التي رافقته منذ دخوله السياسة الإسرائيلية في منتصف التسعينيات. عندما تم انتخاب نتنياهو لأول مرة رئيسًا للوزراء، في عام 1996، كان رأس الجيش ملتزمًا تمامًا بعملية أوسلو. يعود فقدان رئاسة الوزراء في انتخابات 1999 إلى تعبئة النخبة العسكرية ضده، من أيهود باراك، الذي قفز من رئاسة هيئة الأركان إلى قيادة حزب العمل، ومن خلال “حزب الوسط”، اسحاك مردخاي وأمنون ليبكين شاحك، اللذان خدما إلى حد كبير كذراع سياسي للمؤسسة الأمنية التي أراد نتنياهو العودة إلى مسار أوسلو.
ويضيف، على مر السنين، توترت العلاقة بين الجيش ونتنياهو، وقد بذل نتنياهو جهدًا دائمًا لتسريب أن الجيش هو الذي منعه من تنفيذ سياساته، من القصف في إيران إلى دخول بري أوسع إلى غزة في العدوان على قطاع غزة 2014. الآن يمكن لنتنياهو أن ينتهز الفرصة لتصفية الحسابات مع هذه النخبة العسكرية، وكسب المزيد من الأرباح السياسية منها من خلال تأطيرها على أنها صراع بين “إسرائيل الأولى” و”إسرائيل الثانية”.
الواقع الحاصل في الدولة في هذه الفترة يشكل بالنسبة للجيش تهديدا داخليا متصاعدا عليه، وسيؤدي إلى تفتيته داخليا، إضعافه ونزع الثقة التي يستند إليها كجيش الشعب، من كافة الجهات، بين فئات في الشعب والجيش، بين الذين يخدمون كطيارين وضباط عمليات في الاحتياط وبين المستوى العسكري الرفيع والكابينيت (المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية)، وحتى بين الجنود والشرطة، المشاركين في الاحتجاجات، كما كتب ليئور أكيرمان في صحيفة معارف االباحث في “المعهد للسياسة والإستراتيجية” في جامعة رايخمان في هرتسيليا. وأن الجيش الإسرائيلي في وضع متهلهل بالنسبة للقوى البشرية في قسم كبير من الوحدات، قبل أزمة الخطة القضائية، والكثيرون من العسكريين في الخدمة الدائمة وفي المنظومات القتالية والتكنولوجية غادروا الجيش على إثر الأجور المتدنية وغلاء المعيشة.
وبحسب أكيرمان، أن ألوية الاحتياط سجلت تراجعا بعشرات النسب المئوية في الامتثال للخدمة بسبب وتيرة غير مألوفة في استدعائهم للخدمة في الضفة الغربية بسبب التصعيد الأمني، إلى جانب الشعور المتزايد باستغلالهم على خلفية عزم الحكومة سن قانون يعفي الحريديم من الخدمة العسكرية. والمحفزات لخدمة قتالية في حالة أفول في أوساط الشبيبة، الذين يفضلون خدمة في وحدات تكنولوجية تفيدهم في المستقبل، إلى جانب الارتفاع في حجم الإعفاءات من الخدمة العسكرية.
إن تراجع كفاءة الجيش لا ينحصر فقط بتوقف مئات الطيارين الحربيين وضباط الوحدات الخاصة عن التطوع في الخدمة في الاحتياط، والضرر الأكبر لا يتم الشعور به فقط لدى اختبار القوة العسكرية وصعوبة ممارستها بسبب غياب مقاتلين وضباط وطيارين، وإنما يتم الشعور به في الحرب التي يخوضها الجيش الإسرائيلي من أجل الحفاظ على قيمته الرسمية، التي يبدو أنها باتت مفقودة لدى قيادة الدولة، ومن أجل وحدة الشعب والإجماع حول دلالة الخدمة العسكرية ومن أجل شفافية المعلومات ومصداقيتها مقابل الجمهور الإسرائيلي.
المصدر : وكالة سوا
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر