رئيس الموساد يسافر الى قطر لإتمام صفقة التبادل مع حماس
غادر رئيس الموساد، دافيد برنياع، إسرائيل متجها إلى العاصمة القطرية الدوحة، اليوم الأربعاء، لاستكمال الإجراءات الأخيرة المتعلقة في صفقة التبادل بين سلطات الاحتلال الإسرائيل وبين حركة حماس ، تمهيدا لإتمام الصفقة، بحسب ما أفادت وسائل الإعلام الإسرائيلية.
وأفاد موقع “واللا” الإسرائيلي بأن برنياع سيجتمع برئيس الوزراء القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ومسؤولين آخرين لبحث التفاصيل النهائية لصفقة، واعتبر الموقع أن زيارة برنياع إلى الدوحة تشير إلى أنه لا تزال هناك إجراءات يجب الاتفاق عليها في ما يتعلق بآلية تنفيذ صفقة التبادل والإجراءات الميدانية لإطلاق سراح الرهائن، وموعد بدء وقف إطلاق النار.
وبحسب “واللا”، فإن كبار المسؤولين في إسرائيل وواشنطن يعتقدون أن “الأيام المقبلة ستكون حساسة للغاية في ما يتعلق خصوصا بتنفيذ الاتفاق”، ويؤكدون أن “هناك العديد من الأمور التي قد تسوء”، وأشار التقرير إلى أن اللواء في الاحتياط، نيتسان ألون، يرافق برنياع خلال رحلته إلى الدوحة.
ونقل الموقع عن مسؤول إسرائيلي رفيع أن برنياع وألون يسافران للتأكد من أن عملية تنفيذ الاتفاق تسير كما هو مخطط لها وكما تم الاتفاق عليه؛ وفيما أكد مسؤول رفيع في الحكومة الإسرائيلية أن وقف إطلاق النار سيبدأ في الساعة العاشرة صباح يوم غد، الخميس، قال آخر إن الموضوع لن يحسم بعد، وأن موعد بدء سريان الاتفاق سيحدد مساء اليوم.
ومن المقرر أن تسلم كل من حماس وسلطات الاحتلال الإسرائيلية، مساء اليوم، للوسيط القطري، قائمتين بالرهائن والأسرى الذين ستم الإفراج عنهما في الدفعة الأولى من الصفقة، على أن يبدأ وقف إطلاق النار في الساعة العاشرة صباح الخميس (وكالة “رويترز” تحدثت عن بدء الاتفاق الساعة الخامسة فجرا). بعد بدء وقف إطلاق النار، سيتم نقل الرهائن إلى إسرائيل بواسطة الصليب الأحمر، على أن يتم الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين بعد ظهر اليوم ذاته.
كواليس صفقة التبادل
وعن كواليس جهود الوساطة التي قادتها قطرلاتمام صفقة التبادل ، أفادت وكالة “رويترز” أن الحكومة في قطر تواصلت مع البيت الأبيض بعد فترة وجيزة من هجوم “طوفان الأقصى” في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وأبلغتهم بطلب تشكيل فريق مصغر من المستشارين للمشاركة في جهود تهدف إلى التوصل لاتفاق لإطلاق سراح المحتجزين.
وأسفر هذا العمل، الذي بدأ في الأيام التي أعقبت احتجاز الرهائن، عن نتائج أخيرا مع الإعلان عن صفقة تبادل بوساطة قطر ومصر ووافقت عليها إسرائيل وحماس والولايات المتحدة؛ وتضمنت الجهود السرية مشاركة دبلوماسية مكثفة من جانب الرئيس الأميركي، جو بايدن، الذي أجرى عددا من المحادثات العاجلة مع أمير قطر، تميم بن حمد، ورئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو ، في الأسابيع الماضية.
كما تضمنت ساعات من المفاوضات المضنية التي شارك فيها وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، ومدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه)، وليام بيرنز، ومستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، ونائبه جون فاينر، والمبعوث الأميركي للشرق الأوسط، بريت ماكغورك، وآخرون.
وأعطى سوليفان توجيهات لماكغورك ومسؤول آخر في مجلس الأمن القومي هو جوش غيلتزر لتشكيل الفريق. وذكر المسؤولان أن ذلك تم دون إبلاغ الوكالات الأميركية الأخرى ذات الصلة، لأن قطر وإسرائيل طالبتا بالسرية التامة وأن يقتصر الإطلاع على الأمر على عدد قليل من الأشخاص.
وظل ماكغورك، وهو دبلوماسي محنك يتمتع بخبرة واسعة في الشرق الأوسط، يجري اتصالات صباح كل يوم مع رئيس وزراء قطر، محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، وكان يبلغ سوليفان بالتفاصيل ويتم إطلاع بايدن يوميا على التطورات، وبعد النجاح في إطلاق سراح رهينتين أميركيتين، تكثفت الجهود القطرية الأميركية.
ومن هنا بدأت عملية مكثفة هدفها إخراج المزيد من الرهائن. وبدأ بيرنز يتحدث بشكل متكرر مع رئيس الموساد، دافيد برنياع؛ وبينما رأي الجانب الأميركي فرصة للإفراج عن عدد كبير من الرهائن وأن التوصل إلى اتفاق بشأن المعتقلين هو السبيل الواقعي الوحيد لضمان وقف القتال، كانت إسرائيل تتجه تحو الاجتياح البري للقطع على وقع الضفط الشعبي.
وفي 24 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وبينما كانت إسرائيل تستعد لشن هجوم بري على غزة ، تلقى الجانب الأميركي أنباء عن موافقة حماس على بنود اتفاق لإطلاق سراح النساء والأطفال، وهو ما يعني هدنة وتأخير الغزو البري؛ وبحسب “رويترز”، ناقش مسؤولون أميركيون مع إسرائيليين ما إذا كان ينبغي تأجيل الهجوم البري أم لا.
وقال الإسرائيليون إن البنود ليست محددة بما يكفي لتأخير الهجوم البري، إذ لا يوجد دليل على أن الرهائن على قيد الحياة. وقالت حماس إنها لا تستطيع تحديد من هم المحتجزين حتى بدء هدنة في القتال. واعتبر الأميركيون والإسرائيليون، بحسب “رويترز” موقف حماس مخادعا. وقال مسؤول إن خطة الغزو الإسرائيلية خضعت للتعديل لدعم الهدنة إذا تم التوصل إلى اتفاق.
ودخل بايدن على مدى الأسابيع الثلاثة التالية في محادثات تفصيلية تناولت المقترحات حول احتمال تبادل الجانبين إطلاق سراح محتجزين. وطُلب من حماس قوائم بالرهائن الذين تحتجزهم ومعلومات عن هوياتهم وضمانات لإطلاق سراحهم.
وقال مسؤولون إن العملية كانت طويلة ومرهقة وكان الاتصال صعبا وكان لا بد من نقل الرسائل من الدوحة أو القاهرة إلى غزة والعكس. وذكر المسؤولون أن بايدن أجرى مكالمة هاتفية لم يُكشف عنها من قبل مع رئيس الوزراء القطري عندما بدأت الأمور تتبلور.
وبموجب الاتفاق الذي كان في طور التشكل، تقرر إطلاق سراح النساء والأطفال الرهائن في مرحلة أولى، إلى جانب الإفراج عن أسرى فلسطينيين في سجون الاحتلال. وأصر الجانب الإسرائيلي على أن تطلق حماس سراح جميع النساء والأطفال في هذه المرحلة. ووافق الجانب الأمريكي، وطالب من خلال قطر بما يثبت أن النساء والأطفال الذين تحتجزهم حماس على قيد الحياة أو معلومات عن هوياتهم.
وقالت حماس إنها يمكن أن تطلق سراح 50 في المرحلة الأولى، لكنها رفضت تقديم قائمة بالمعايير. وفي التاسع من تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، التقى بيرنز في الدوحة مع أمير قطر وبرنياع لبحث نصوص الاتفاق الوليد. وكانت العقبة الرئيسية في تلك المرحلة هي أن حماس لم تحدد بوضوح من تحتجزهم.
وبعد ثلاثة أيام، اتصل بايدن بأمير قطر، تميم بن حمد آل ثاني، وطلب معرفة الأسماء أو معلومات واضحة عن هوية الرهائن الخمسين، منها عمر ونوع وجنسية كل منهم. وقال المسؤول إنه بدون هذه المعلومات، لم يكن هناك أساس للمضي قدما.
وبعد وقت قصير من مكالمة بايدن، قدمت حماس تفاصيل عن الرهائن الخمسين الذين قالت إنه سيتم إطلاق سراحهم في المرحلة الأولى من أي اتفاق. وحث بايدن نتنياهو في مكالمة هاتفية يوم 14 تشرين الثاني/ نوفمبر على القبول بالاتفاق، ووافق نتنياهو.
والتقى ماكغورك بنتنياهو في نفس اليوم في إسرائيل. وقال أحد المسؤولين إن نتنياهو، بعد خروجه من الاجتماع، أمسك بذراع ماكغورك وقال “نحن بحاجة إلى هذا الاتفاق”، وحث بايدن على التواصل مع أمير قطر فيما يتعلق بالشروط النهائية. وتعثرت المحادثات مع انقطاع الاتصالات في غزة.
وعندما استؤنفت، كان بايدن في سان فرانسيسكو لحضور قمة لدول منطقة آسيا والمحيط الهادي. وقال المسؤولون إنه اتصل بأمير قطر وقال له إن هذه هي الفرصة الأخيرة، واتفقا على ممارسة الضغط لإبرام الاتفاق. وقال أحد المسؤولين “أصر الرئيس على ضرورة إتمام الاتفاق الآن. فقد انقضى الوقت”.
وفي 18 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، التقى ماكغورك في الدوحة برئيس الوزراء القطري. وجرى الاتصال ببيرنز بعد أن تحدث مع رئيس الموساد، برنياع. وتناول الاجتماع آخر ما تبقى من ثغرات من أجل التوصل إلى اتفاق. وكان الاتفاق حتى هذه اللحظة على إطلاق سراح النساء والأطفال في المرحلة الأولى، لكن مع توقعات بإطلاق سراح آخرين في المستقبل.
والتقى ماكغورك بالقاهرة في صباح اليوم التالي مع رئيس المخابرات العامة المصرية، عباس كامل . ونقلت تقارير عن قادة حماس في غزة أنهم قبلوا تقريبا جميع الاتفاقات التي تم التوصل إليها في اليوم السابق بالدوحة. وقال المسؤولون إنه لم تتبق سوى قضية واحدة مرتبطة بعدد الرهائن الذين سيتم إطلاق سراحهم في المرحلة الأولى والشكل النهائي للاتفاق.
وأعقبت ذلك موجة من الاتصالات الأخرى، وتم التوصل إلى الاتفاق في النهاية.