Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
الاخبار

سعي حوثي لصنع طبقة تجارية بديلة لرجال الأعمال المعروفين

يسعى جماعة الحوثي في اليمن بشكل متزايد إلى إعادة هيكلة النسيج الاقتصادي والاجتماعي في المناطق الخاضعة لسيطرتها، مع تركيز خاص على **الطبقة التجارية**. وتشير التقارير إلى جهود منظمة لتفكيك الهياكل التجارية التقليدية التي تأسست على مدى عقود، واستبدالها بشخصيات تجارية جديدة يُنظر إليها على أنها أكثر ولاءً للجماعة على أسس مذهبية، خاصةً من محافظة صعدة، معقل الحوثيين. وقد أدت هذه السياسات إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية الإنسانية في البلاد.

تتركز هذه التحركات بشكل رئيسي في صنعاء والحديدة والمناطق الغربية والشمالية من اليمن، والتي تشكل تقليدياً مراكز النشاط التجاري. بدأت هذه الجهود منذ سيطرة الحوثيين على العاصمة في عام 2014، لكنها ازدادت وتيرة خلال السنوات الأخيرة مع ترسيخ الجماعة لوجودها. وتشمل الإجراءات المتخذة إعادة توزيع الأراضي والممتلكات التجارية، وتقييد حركة البضائع، وفرض رسوم وضرائب جديدة.

تفكيك الطبقة التجارية التقليدية: استراتيجية حوثية أم نتيجة للأزمة؟

الجدل حول دوافع الحوثيين في استهداف **الطبقة التجارية** يظل قائماً. يرى البعض أن هذه الخطوة هي جزء من استراتيجية أوسع للسيطرة على كافة جوانب الحياة في المناطق الخاضعة لسيطرته، بما في ذلك الاقتصاد، وتقويض أي معارضة محتملة.

جذور المشكلة: الإقصاء المذهبي والسيطرة الاقتصادية

وفقاً لمصادر محلية، فإن إعادة تشكيل المشهد التجاري يهدف إلى إحلال تجار من الطائفة الزيدية، التي تنتمي إليها قيادة الحوثي، محل التجار من المكونات الاجتماعية الأخرى. يُنظر إلى ذلك على أنه وسيلة لضمان الولاء المالي والسياسي، وتعزيز نفوذ الجماعة.

الآليات المتبعة: إعادة توزيع الثروة والضغط الاقتصادي

تستخدم الجماعة عدة آليات لتحقيق هذا الهدف. تشمل هذه الآليات:

  • إصدار توجيهات بإعادة توزيع الأراضي التجارية بشكل تفضيلي على المقربين من الحوثي.
  • فرض شراكات إجبارية على الشركات القائمة مع شخصيات مرتبطة بالجماعة.
  • تقويض منافسة التجار التقليديين من خلال الرسوم والضرائب الباهظة.
  • التحكم في الموانئ والمناطق الحرة لتوجيه التجارة لصالح المقربين.

بالإضافة إلى ذلك، تتهم الجماعة العديد من التجار السابقين بدعم الحكومة اليمنية أو التحالف بقيادة السعودية، وهو ما يعتبرونه خيانة. وقد أدى ذلك إلى مصادرة ممتلكاتهم واعتقالهم أو إجبارهم على النفي.

في المقابل، يرى البعض الآخر أن هذه الإجراءات ليست سوى نتيجة طبيعية للأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها اليمن. فالحرب والاضطرابات السياسية أدت إلى انهيار الاقتصاد وتدمير البنية التحتية، مما أثر سلباً على جميع التجار، بغض النظر عن انتماءاتهم. لكن، حتى في ظل هذه الظروف، فإن اختيار الجماعة في دعم فئة معينة من التجار يثير تساؤلات حول دوافعها الحقيقية.

الأزمة الاقتصادية في اليمن تزداد سوءاً بسبب هذه السياسات. حيث يواجه اليمنيون صعوبة متزايدة في الحصول على السلع الأساسية، وارتفاعاً حاداً في الأسعار. وتشير التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة إلى أن نسبة كبيرة من السكان يعيشون تحت خط الفقر، وأن هناك نقصاً حاداً في الغذاء والدواء.

السياسات الحوثية أثرت أيضاً على حركة **الاستثمار الأجنبي** في اليمن. فالعديد من المستثمرين الأجانب يترددون في الاستثمار في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثي بسبب المخاطر الأمنية والقيود الاقتصادية. وتهدد هذه السياسات بتعميق العزلة الاقتصادية لليمن، مما يزيد من معاناة الشعب.

وترى تحليلات اقتصادية أن هذه الإجراءات قد تخلق احتكارات تجارية تسيطر عليها قيادات حوثية، مما يزيد من ثرواتهم على حساب عامة الناس. الخوف هو من أن يتم استخدام هذه الثروات لتمويل جهودهم العسكرية، وتأجيج الصراع.

عمليات **تهريب البضائع** عبر المناطق الحدودية الخاضعة للسيطرة الحوثية ازدادت أيضاً، مما يقلل من إيرادات الدولة ويساهم في انتشار السوق السوداء.

المجتمع الدولي أعرب عن قلقه بشأن هذه التطورات. ودعت الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الحوثيين إلى احترام حقوق الإنسان، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، والانخراط في مفاوضات جادة لإنهاء الحرب. لكن هذه الدعوات لم تلقَ استجابة كبيرة حتى الآن.

في نهاية المطاف، فإن مستقبل **الطبقة التجارية** في اليمن يعتمد على تطورات الوضع السياسي والأمني. من المتوقع أن تستمر الجماعة في جهودها للسيطرة على الاقتصاد، ما لم يتم التوصل إلى حل سياسي شامل. ويجب مراقبة تأثير هذه السياسات على الوضع الإنساني وإمكانية قيام احتجاجات شعبية أو ردود فعل من قبل التجار المتضررين. الخطوة القادمة المحتملة هي محاولة الجماعة لتوسيع نطاق سيطرتها الاقتصادية إلى مناطق أخرى، خاصةً مع استمرار المفاوضات المتوقفة بينها وبين الحكومة اليمنية. يبقى الوضع غير مؤكد، ويتطلب متابعة دقيقة لجميع التطورات على الصعيدين السياسي والاقتصادي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *