عصر ترامب الثاني …! |
يأتي فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية في وقت يتعامل فيه البيت الأبيض مع سلسلة من قضايا السياسة الخارجية الكبرى، وأهمها، إلى جانب الحرب في أوكرانيا، الحرب في غزة ولبنان – والخوف من تصعيد أكبر في الشرق الأوسط، في ظل تهديدات إيران بالرد على الهجوم الإسرائيلي على أراضيها الشهر الماضي، رداً على الهجوم الصاروخي الباليستي في الأول من أكتوبر/تشرين الأول.
خلال الأسابيع العشرة المتبقية للرئيس جو بايدن في منصبه، سيتعين على الزعماء الأجانب أن يقرروا ما إذا كانوا سيستجيبون لتوجيهاته السياسية، أو يعاملونه على أنه “بطة عرجاء” – و”ينتظرون” بينما يتوقعون معاملة أفضل من ترامب. وذكرت صحيفة “واشنطن بوست” أن كبار المسؤولين في إدارة بايدن يدركون أن لديهم بالفعل تأثيرا أقل على الدول الأخرى، ولديهم فقط قدرة محدودة على اتخاذ قرارات سياسية يمكن أن تستمر بعد تنصيب ترامب في 20 يناير/كانون الثاني.
وقال مسؤول أمريكي للصحيفة إن كبار المسؤولين في إدارة بايدن يعتزمون التحدث عبر الهاتف هذا الأسبوع مع نظرائهم الأجانب لمحاولة تقييم نوع العمليات الدولية التي قد تكون ممكنة في الأشهر المقبلة. تظل السياسة المتعلقة بإسرائيل والشرق الأوسط سؤالاً مفتوحًا في الوقت الحالي، وقد يعني تشابك المصالح المتضاربة أن بعض الأطراف ربما لا تزال ترحب بمشاركة الولايات المتحدة، في حين أن آخرين – وخاصة الحكومة الإسرائيلية – قد ينظرون إليها بازدراء بالفعل. .
من بين الصراعات الثلاثة المنفصلة التي تتورط فيها إسرائيل حاليا – غزة ولبنان وإيران – من غير المتوقع أن يتم حل أي منها قبل أن يتولى ترامب منصبه، وجميعها تعتمد على تصرفات الأطراف المشاركة بشكل مباشر في الصراع أكثر من اعتمادها على تصرفات الأطراف المشاركة بشكل مباشر في الصراع. أي رغبة في السلام من جانب إدارة بايدن.
بعد نحو عام من المفاوضات التي توسطت فيها الولايات المتحدة ومصر وقطر بين إسرائيل و حماس ، يبدو أنهم ليسوا قريبين من التوصل إلى اتفاق يعيد المختطفين، ويجلب المزيد من المساعدات الإنسانية إلى القطاع وربما ينهي الحرب الدائرة هناك. مستمر منذ 13 شهرًا.
سيتعين على الإدارة الأمريكية اتخاذ قرار الأسبوع المقبل بشأن فرض حظر الأسلحة على إسرائيل، عندما تصل مهلة الثلاثين يوما التي فرضتها الولايات المتحدة الأسبوع الماضي على الحكومة الإسرائيلية ، والتي طلبها الأمريكيون جلب المزيد من المساعدات الإنسانية إلى شمال قطاع غزة – أو المخاطرة بتعليق شحنات الأسلحة والمساعدات الإضافية من الولايات المتحدة. لقد تعامل كبار المسؤولين في الولايات المتحدة وإسرائيل مع هذه القضية وأجروا محادثات مكثفة حولها، ولكن لم يتم اتخاذ أي إجراء يذكر من الجانب الإسرائيلي.
أحد العوامل التي تعقد قرار الإدارة هو معرفة أنه إذا قام بايدن بقطع الإمدادات العسكرية عن إسرائيل، فإن ترامب – الذي ورد أنه كان على اتصال منتظم مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وحثه الشهر الماضي على “القيام بما يجب عليك فعله” – كسب الحرب – يمكنه إلغاء القرار فور تنصيبه في 20 يناير. وفي هذه الأثناء، يمكن لإسرائيل أن تمنع المساعدات الإنسانية لقطاع غزة بشكل كامل.
وحتى أثناء محاولته التفاوض على وقف إطلاق النار في غزة، أعدت إدارة بايدن خططًا مفصلة لتشكيل حكومة “اليوم التالي” في القطاع، بما في ذلك الطريق إلى حل طويل الأمد يحصل بموجبه الفلسطينيون على دولة في غزة. والضفة الغربية.
وباعتباره “محليات” للجانبين، فإن بايدن مهتم بتحقيق التطبيع بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية خلال فترة ولايته، والتي ستنضم إلى الدول التي قامت بتطبيع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل كجزء من “أوراق اعتماد إبراهيم” في ظل إدارة ترامب – الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب.
وفقًا لخطة بايدن، ستوافق إسرائيل على ” فتح دولة فلسطينية”، بينما حصل السعوديون على وعود باتفاقية نووية أمنية ومدنية مع الولايات المتحدة. وقد تصبح كل هذه الخطط غير ذات صلة في عهد ترامب، الذي تحدث منذ فترة طويلة عن علاقته الوثيقة. مع نتنياهو وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، قال ترامب في الماضي إنه مرتد عن فكرة حل الدولتين، وقد يقدم للسعودية “المحليات” مجانا.
مقطع من مقال الصحافي البارز عميت سيغال في يديعوت أحرونوت:
خطة العمل في القدس في الفترة حتى استبدال الإدارة في واشنطن، خلال عشرة أسابيع…. سيستكمل الجيش إنشاء محور ثالث من حيث العدد وإخلاء المناطق الشمالية من القطاع، تمهيدا لإخلاء مدينة غزة عندما يدخل ترامب البيت الأبيض.
عميت سيجال:
الخطة الإسرائيلية الحالية خلال العشرة أسابيع المقبلة إلى حين استلام الرئيس الأمريكي ترامب مهامه، سيستكمل الجيش الإسرائيلي إنشاء محور ثالث (بعد محوري فيلادلفيا ونتيساريم) وإخلاء مناطق شمال قطاع غزة، تمهيدًا لإخلاء مدينة غزة عندما يدخل ترامب البيت الأبيض.
الجيش الإسرائيلي:
عصر ترامب الثاني …!
الكاتب: أكرم عطا الله
لم يكن العالم أهدأ دون ترامب حتى يمكن القول إن الوضع سيكون أسوأ بعد فوز الرجل الذي يحمل سياسات تجريفية كما فعل خلال ولايته الأولى.
عاد الرجل الذي سيشرف نتنياهو على ترتيب عقله من جديد بعد فترة نقاهة عقلية أشغلته بها المحاكم والقتال على مصيره بالفوز بالانتخابات كي يصدر قرار العفو عن نفسه.
هكذا هي الولايات المتحدة لا تكف عن إدهاشنا عندما تعيد انتخاب رجل محمل بـ 88 جريمة أدين حتى الآن منها بـ 34 جريمة، يقابله شريكه في الجرائم بنيامين نتنياهو المتهم بأربع جرائم وتتحضر وحدة «لاهاف» في الشرطة للتحقيق بالتهمة الخامسة. إنه تحالف المجرمين هل يمكن أن نقول ذلك ؟
الخبر أن كامالا هاريس سقطت فليس من المعقول بالنسبة للفلسطينيين أن تنجح «نائب المشرف العام على الإبادة الجماعية في غزة» وهو القلب الذي سيحمله رئيسها العجوز الذي تآمرت عليه هاريس ونانسي بيلوسي وتشاك تومر لينتهي تلك النهاية، تاركاً خلفه حروباً في أوكرانيا التي شحنها بالتحريض والمال السلاح، وغزة التي وقف أمامها صغيراً متلعثماً مرة يدعو لوقفها وبنفس الوقت يقف في مجلس الأمن ضد أي محاولة لوقفها، تلاعب به نتنياهو وأسقطه في الفخ ليطيح به وبالحزب الديمقراطي.
نجح رهان نتنياهو، فقد تمكن من التلاعب بإدارة الديمقراطيين، تمكن من صد كل ضغوطهم ولم يقدم لهم أي جزرة بل عصرهم مثل ليمونة فاسدة ليقدم لترامب عربون تجديد العلاقة التاريخية بين رجلين كانا الأقرب لبعضهما حتى أن نتنياهو قدم نفسه باعتباره يحمل مفاتيح قلب ترامب … وعقله أيضاً …هكذا كان الأمر في الشرق الأوسط.
كما يشاء نتنياهو فقد تحلل ترامب من الاتفاق النووي مع إيران واغتال قاسم سليماني ، وقام بنقل السفارة الأميركية إلى القدس وبالاعتراف بالجولان كجزء من إسرائيل حيث كافأه نتنياهو بإقامة «مستوطنة ترامب»، وجر دولاً عربية للتطبيع المجاني مع تل أبيب ليتبجح نتنياهو بنجاح خياره بأن التطبيع مع العرب ليس من الضروري أن يمر عبر حل مع الفلسطينيين، وتوج رؤيته ببرنامج نتنياهو وتصوره لتصفية القضية عبر « صفقة القرن ».
يراهن بعض المراقبين على أن نسخة ترامب الثانية ستكون مختلفة عن الأولى، لكن آخرين يعتقدون أن ترامب سيستكمل ما بدأه، هكذا يقول علم النفس إن التغيير في شخصية الفرد يتناسب عكسياً مع العمر، وفي عمر ترامب يبدو أن المراهنات على تحولات كبيرة بحاجة إلى تدقيق، ولكن الحقيقة أن هناك من وصف حالة ترامب بالجنون، وعلم النفس يقول أيضاً إن المجنون هو الوحيد الذي لا يمكن التنبؤ بسلوكه.
وإذا كان الأمر كذلك بات الفلسطينيون أمام نهاية ليست سعيدة لأن قدرة تأثير نتنياهو على ضيف البيت الأبيض القديم الجديد كبيرة.
الصحافي جاكي خوري يكتب بالأمس في جريدة هآرتس بأن «ترامب لا يسعى لإنهاء النزاع عبر تحقيق تطلعات الفلسطينيين بل إلى محوها».
هذا واحد من السيناريوهات لكنه أمام الوقائع يبدو السيناريو الأقرب، فقد مهد نتنياهو لإلغاء « الأونروا » التي كان ترامب قد طالب بشطبها وفرض واقعاً في غزة والضفة يمهد للتصفية، طبعاً ساندته بذلك مغامرات فلسطينية بائسة وإدارة انعدمت فيها الكفاءة وقدموا لنتنياهو عدداً من التسهيلات التي لم يكن بحلم بها في أسعد لياليه إذ ظهروا كمجموعة بدائية تتصارع على السلطة وتقتتل وتفشل في إيجاد حد أدنى من القواسم المشتركة، يديرون حكمين غير ناجحين ليظهر سؤال جدارة الفلسطينيين بحقوق وطنية كجزء من النقاش العربي والدولي، ثم يقومون بمغامرات وقفزات منفصلة عن الواقع وموازينه.
سياسات ترامب غير متوقعة لكن يمكن القياس بتوسيع الصورة ارتباطاً بنزعة ترامب الفوقية تجاه كل من هو غير أبيض. فإذا كان يعتبر أن بلاده تحت رئاسة الأسود باراك أوباما قد تم اختطافها فهو يرى بالأميركي غير الأبيض درجة ثانية. فكيف يرى ترامب العرب ونحن منهم ؟ ترامب ابن الصورة النمطية للعربي في الوعي الغربي، «العربي الأبله الذي يجلس على كيس من المال ينفقه بغباء على النساء واللهو، الشخصية المتسخة غير المنظمة التي يمكن خداعها بسهولة أو بالتهديد، هكذا تعامل مع الدول العربية ذات مرة عندما كان يبتزها مالياً مقابل الحماية وقال حينها كلمة بذيئة «……» وأرغمهم على الدفع.
يوسي داغان رئيس مجلس مستوطنات الضفة الذي أمضى أيامه الأخيرة يلقي المحاضرات الانتخابية في الولايات المتحدة ويروج لترامب يتحضر لضم الضفة، يشاركه صديقه دافيد فريدمان السفير الأميركي السابق، وتنضم لهما دانييلا فايس التي تقود حركة تشجيع الاستيطان في غزة يشاركهما رئيس مجلس يشع ومجلس بنيامين إسرائيل غانتس بحماسة أكثر ليكتب في شبكة اكس «زمن السيادة يا ترامب القوي … دولة يهودية واحدة».
سيستمر الفلسطينيون بلعبتهم الصغيرة وصراعاتهم وقلة وفاقهم ، ومن الممكن بسهولة أن يقنع نتنياهو ترامب باستمرار الحرب وإذا ما قرر ترامب إنهاءها فستنتهي بضربة أكبر للفلسطينيين، فلا يمكن تجاهل دعوة أحد مساعدي ترامب للدول العربية للتحضير لاستقبال الفلسطينيين، وهي فكرة نتنياهو الأولى التي أوردها بوب وودوارد في كتابه الحديث «الحرب» حين طلب نتنياهو من بلينكن أن يطلب من الرئيس المصري أن يأخذ سكان غزة.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر