مأرب تشكو نقص المساعدات وضغط النزوح الإضافي من الشرق

تشهد محافظة مأرب اليمنية تصاعداً ملحوظاً في أعداد النازحين الجدد القادمين من محافظتي حضرموت والمهرة، وذلك في أعقاب تدهور الأوضاع الأمنية والعسكرية الأخيرة في تلك المناطق. هذا التدفق المتزايد للنازحين إلى مأرب، والذي يمثل تحدياً إضافياً للمحافظة التي تعاني بالفعل من أزمة إنسانية حادة، يفاقم الضغوط على الموارد المتاحة ويزيد من تعقيد الوضع الإنساني العام. وتعتبر أزمة النزوح في مأرب من أبرز التحديات التي تواجه اليمن حالياً.
بدأ هذا التصاعد في النزوح خلال الأسبوعين الماضيين، حيث سجلت السلطات المحلية في مأرب استقبال مئات العائلات النازحة من حضرموت والمهرة. وتتركز أسباب النزوح في الاشتباكات المسلحة المتصاعدة بين القوات الحكومية والجماعات المسلحة في حضرموت، بالإضافة إلى التوترات الأمنية في المهرة. وقد أعلنت الحكومة اليمنية عن تخصيص فرق استجابة طارئة لتقديم المساعدة الأولية للنازحين.
تفاقم أزمة النزوح في مأرب وتأثيرها على البنية التحتية
تعتبر مأرب، التي كانت تعتبر ملاذاً آمناً للنازحين من مختلف أنحاء اليمن، حالياً تعاني من ضغوط هائلة بسبب الزيادة المستمرة في أعداد السكان. هذا التدفق الكبير للنازحين يضع عبئاً إضافياً على البنية التحتية المتهالكة في المحافظة، بما في ذلك المرافق الصحية والتعليمية والمياه والصرف الصحي.
أسباب النزوح من حضرموت والمهرة
وفقاً لتقارير ميدانية، فإن الاشتباكات الأخيرة في حضرموت بين القوات الحكومية ومليشيات مسلحة، والتي اندلعت بسبب خلافات على الموارد والنفوذ، هي السبب الرئيسي للنزوح. وتشير التقارير إلى أن هذه الاشتباكات أدت إلى سقوط ضحايا مدنيين وتدمير الممتلكات، مما دفع السكان إلى الفرار بحثاً عن الأمان.
أما في المهرة، فإن التوترات الأمنية المتزايدة، والتي تتضمن نشاطاً لعناصر متطرفة، بالإضافة إلى الخلافات القبلية، ساهمت أيضاً في دفع السكان إلى النزوح. وتشير مصادر محلية إلى أن هذه التوترات أدت إلى حالة من عدم الاستقرار والخوف بين السكان.
التحديات التي تواجه النازحين
يواجه النازحون القادمون إلى مأرب ظروفاً معيشية صعبة للغاية. يعيش الكثير منهم في مخيمات عشوائية تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة الكريمة، بما في ذلك المياه النظيفة والغذاء الكافي والرعاية الصحية.
بالإضافة إلى ذلك، يواجه النازحون صعوبات في الحصول على فرص عمل، مما يزيد من معاناتهم الاقتصادية. وتشير منظمة الهجرة الدولية إلى أن غالبية النازحين يعتمدون على المساعدات الإنسانية لتلبية احتياجاتهم الأساسية.
استجابة الحكومة والمنظمات الإنسانية لأزمة النزوح
تبذل الحكومة اليمنية، بالتعاون مع المنظمات الإنسانية المحلية والدولية، جهوداً لتقديم المساعدة للنازحين في مأرب. وقد أعلنت الحكومة عن تخصيص ميزانية طارئة لتقديم المساعدات الغذائية والإيوائية والرعاية الصحية للنازحين.
ومع ذلك، فإن حجم المساعدات المقدمة لا يزال غير كافٍ لتلبية الاحتياجات المتزايدة للنازحين. وتدعو المنظمات الإنسانية إلى زيادة الدعم المالي والإنساني لليمن لمساعدة النازحين والمتضررين من الحرب.
الوضع الإنساني في اليمن بشكل عام يتدهور باستمرار، وتعتبر أزمة النزوح في مأرب جزءاً من هذه الأزمة الأكبر. وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن أكثر من 4.5 مليون يمني نزحوا من منازلهم بسبب الحرب والصراع.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الأمن الغذائي في اليمن يواجه تحديات كبيرة، حيث يعاني ملايين اليمنيين من نقص الغذاء وسوء التغذية. وتشير التقارير إلى أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية وتدهور الوضع الاقتصادي قد فاقما من هذه المشكلة.
في المقابل، تسعى بعض المنظمات المحلية إلى توفير فرص عمل مؤقتة للنازحين، بهدف مساعدتهم على كسب لقمة العيش وتحسين أوضاعهم المعيشية. ومع ذلك، فإن هذه الجهود لا تزال محدودة النطاق.
وتواجه جهود الاستجابة الإنسانية أيضاً تحديات لوجستية وأمنية كبيرة، حيث يصعب الوصول إلى بعض المناطق المتضررة بسبب الاشتباكات المسلحة والقيود المفروضة على حركة المساعدات.
الآفاق المستقبلية والخطوات المتوقعة
من المتوقع أن يستمر تدفق النازحين إلى مأرب في الفترة القادمة، ما لم يتم التوصل إلى حلول سياسية وأمنية للأزمة في حضرموت والمهرة. وتعتمد الاستجابة الإنسانية الفعالة على توفير التمويل الكافي وضمان الوصول الآمن إلى المحتاجين.
من المقرر أن تعقد الحكومة اليمنية، بالتعاون مع الأمم المتحدة، اجتماعاً في غضون الأسبوعين القادمين لمناقشة أزمة النزوح في مأرب ووضع خطة عمل شاملة لمواجهة هذه الأزمة. ومع ذلك، فإن نجاح هذه الجهود يعتمد على التزام جميع الأطراف المعنية بالعمل معاً لتحقيق السلام والاستقرار في اليمن.
يبقى الوضع في اليمن غير مؤكد، ويتطلب مراقبة دقيقة للتطورات الأمنية والسياسية والإنسانية. وستظل أزمة النزوح في مأرب من أبرز التحديات التي تواجه اليمن في المستقبل المنظور.

