«مؤتمر صنعاء» يستكمل مسلسل رضوخه للحوثيين

أكمل جناح حزب “المؤتمر الشعبي العام” في مناطق سيطرة الحوثيين عملية استسلامه لسيطرة الجماعة، حيث قام قادته بعزل الأمين العام للحزب، عارف الزوكا، وتعيين يحيى الراعي نائباً له بدلاً من نجل الرئيس السابق علي عبدالله صالح. يأتي هذا التغيير كجزء من سلسلة خطوات تهدف إلى إخضاع الحزب بشكل كامل لتوجهات حركة أنصار الله، مما يثير تساؤلات حول مستقبل الحزب ودوره السياسي في اليمن. هذا التطور المتعلق بـ المؤتمر الشعبي العام يمثل نقطة تحول جديدة في المشهد السياسي اليمني.
حدثت هذه التغييرات في صنعاء خلال اجتماع لقيادة الحزب الخاضعة لسيطرة الحوثيين يوم الأحد. وتأتي بعد أشهر من الضغوط المتزايدة على قيادة الحزب، بما في ذلك قيود على الحركة والتواصل، وتدخل مباشر في شؤون الحزب الداخلية. وتشير التقارير إلى أن القرار كان مفاجئًا للعديد من أعضاء الحزب، الذين لم يتوقعوا هذا المستوى من التدخل.
تطورات المؤتمر الشعبي العام: تسليم كامل للحوثيين
يعكس هذا الإجراء تصاعد نفوذ الحوثيين في الحزب، الذي كان في السابق أكبر الأحزاب السياسية في اليمن. فمنذ مقتل علي عبدالله صالح في عام 2017، شهد الحزب انقسامات عميقة وصراعات على السلطة، مما أضعف موقفه وأتاح للحوثيين فرصة لتعزيز سيطرتهم.
خلفية الصراع على السلطة
بعد مقتل صالح، انقسم الحزب إلى جناحين رئيسيين: جناح موال للحوثيين وجناح معارض. حاول الجناح الموالي للحوثيين الحفاظ على وجود الحزب كشريك في السلطة، بينما سعى الجناح المعارض إلى الحفاظ على استقلالية الحزب ومعارضته للحوثيين.
على مر السنين، قام الحوثيون بتهميش الجناح المعارض تدريجياً، وقاموا بتعيين قيادات موالية في المناصب الرئيسية. وقد أدى ذلك إلى استقالة العديد من أعضاء الحزب البارزين وانضمامهم إلى المعارضة.
أسباب عزل عارف الزوكا
وفقًا لمصادر مطلعة، فإن عزل عارف الزوكا جاء بسبب رفضه الامتثال الكامل لتعليمات الحوثيين، وتأييده للحفاظ على بعض الاستقلالية للحزب. كما اتُهم الزوكا بالتردد في تنفيذ سياسات الحوثيين، والتواصل مع أطراف أخرى في اليمن.
في المقابل، يُنظر إلى يحيى الراعي على أنه شخصية موالية للحوثيين، ومستعدة لتنفيذ تعليماتهم دون تحفظ. ويعتبر تعيينه بمثابة رسالة واضحة من الحوثيين بأنهم لن يتسامحوا مع أي معارضة داخل الحزب.
تداعيات التغييرات على المشهد السياسي اليمني
يثير هذا التطور مخاوف بشأن مستقبل العملية السياسية في اليمن، واحتمال تهميش المزيد من القوى السياسية. ويرى مراقبون أن الحوثيين يسعون إلى إنشاء نظام حكم أحادي، يسيطرون فيه على جميع جوانب الحياة السياسية والاقتصادية في اليمن.
بالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي هذا الإجراء إلى زيادة الانقسامات داخل الحزب، واندلاع صراعات جديدة على السلطة. ومن المرجح أن ينشق المزيد من أعضاء الحزب المعارضين، وينضموا إلى المعارضة.
الوضع الإنساني في اليمن يظل مأساويًا، مع تدهور مستمر في الخدمات الأساسية ونقص الغذاء والدواء. وتشير التقارير إلى أن أكثر من 20 مليون يمني يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية.
المفاوضات السياسية بين الأطراف اليمنية المتنازعة، برعاية الأمم المتحدة، لا تزال متعثرة. ويعتبر الحوثيون أن هذه المفاوضات غير جادة، وأنهم لن يتنازلوا عن مطالبهم.
التحالف بقيادة السعودية يواصل دعمه للحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، ويشن غارات جوية على مواقع الحوثيين.
في المقابل، يرى البعض أن هذا التغيير في قيادة المؤتمر الشعبي العام قد يساهم في استقرار الوضع السياسي في مناطق سيطرة الحوثيين، وتسهيل عملية التفاوض. ويرون أن الحوثيين يسعون إلى بناء تحالفات جديدة، وتوسيع قاعدة دعمهم.
ومع ذلك، يظل هذا الرأي مثيرًا للجدل، حيث يرى الكثيرون أن الحوثيين لا يسعون إلى السلام، وأنهم يستخدمون المفاوضات كأداة لكسب الوقت وتعزيز نفوذهم.
من المرجح أن يشهد اليمن المزيد من التطورات السياسية المعقدة في الأشهر المقبلة. ومن المتوقع أن يستمر الحوثيون في تعزيز سيطرتهم على مناطق سيطرتهم، ومحاولة توسيع نفوذهم إلى مناطق أخرى.
الخطوة التالية المتوقعة هي إعلان الحوثيين عن هيكل تنظيمي جديد للحزب، يعكس سيطرتهم الكاملة عليه. كما من المتوقع أن يقوموا بتعيين قيادات جديدة في المناصب الرئيسية، وتهميش المزيد من أعضاء الحزب المعارضين. يبقى من غير الواضح ما إذا كانت هذه التطورات ستؤدي إلى استقرار الوضع السياسي في اليمن، أم إلى مزيد من التصعيد.

