هيئة الربط الكهربائي الخليجي توقع عقود توسعة مع الإمارات وعُمان | الخليج أونلاين

تُعدّ توسعة الشبكة الخليجية خطوة محورية في دعم طموحات دول مجلس التعاون نحو مستقبل أكثر استدامة وازدهارًا. ففي ظل التوجه العالمي نحو مصادر الطاقة النظيفة، والتركيز المتزايد على الأمن الطاقي، تأتي هذه المشاريع لتُعزز التكامل الإقليمي وتفتح آفاقًا جديدة للنمو الاقتصادي. وقد شهدت مدينة الدمام السعودية، مقر هيئة الربط الكهربائي الخليجي، توقيع عقود تنفيذ مشاريع توسعة هامة مع دولة الإمارات العربية المتحدة، بالإضافة إلى مشروع الربط المباشر مع سلطنة عُمان، مما يؤكد التزام المنطقة بتطوير البنية التحتية للطاقة.
أهمية توسعة الشبكة الكهربائية الخليجية
تتجاوز أهمية توسعة الشبكة الخليجية مجرد زيادة القدرة على نقل الطاقة. فهي تمثل استثمارًا استراتيجيًا في عدة مجالات حيوية. أولاً، تعزيز أمن الطاقة الإقليمي من خلال تنويع مصادر التغذية وتقليل الاعتماد على مصدر واحد. ثانياً، دعم التحول نحو الطاقة النظيفة والمتجددة، حيث ستتيح الشبكة المترابطة نقل الفائض من الطاقة المولدة من هذه المصادر بين الدول الأعضاء بكفاءة عالية. وثالثاً، تحقيق التكامل الاقتصادي من خلال تسهيل التجارة الكهربائية وخلق فرص استثمارية جديدة.
تعزيز أمن الطاقة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري
تعتبر دول الخليج من بين أكبر منتجي ومصدري النفط في العالم. ومع ذلك، فإنها تدرك أهمية تنويع مصادر الطاقة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، ليس فقط لأسباب بيئية، بل أيضًا لأسباب اقتصادية. توسعة الشبكة الخليجية ستساهم في تحقيق هذا الهدف من خلال تسهيل دمج مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في مزيج الطاقة الإقليمي.
دعم التحول نحو الطاقة المتجددة
تستثمر دول الخليج بشكل متزايد في مشاريع الطاقة المتجددة، مدفوعةً برؤى مستقبلية طموحة وأهداف مناخية واضحة. ولكن، لكي تحقق هذه المشاريع أقصى استفادة، هناك حاجة إلى شبكة كهربائية قادرة على استيعاب ونقل الطاقة المتجددة المتقطعة. هنا يأتي دور توسعة الشبكة الخليجية، حيث ستوفر البنية التحتية اللازمة لدمج هذه المصادر بشكل فعال وموثوق.
تفاصيل مشاريع التوسعة الجديدة
تتضمن مشاريع التوسعة التي تم توقيع عقودها مؤخرًا إنشاء خطوط هوائية جديدة وتحديث المحطات القائمة. يشمل ذلك خطًا مزدوج الدائرة بجهد 400 ك.ف يمتد على مسافة 96 كيلومترًا لربط محطة السلع في الإمارات بمحطة سلوى في السعودية. بالإضافة إلى ذلك، سيتم توسيع محطات رئيسية في غونان والسلع وسلوى، مع إضافة معدات تحويل وأنظمة حماية وتحكم متقدمة.
الربط المباشر بين الإمارات وعُمان
يُعد مشروع الربط المباشر بين شبكات الهيئة وشبكة سلطنة عُمان من أهم المشاريع الجديدة. يتضمن إنشاء خط مزدوج الدائرة بجهد 400 ك.ف بطول 530 كيلومترًا لربط محطة السلع في الإمارات بمحطة عبري في عُمان. كما سيتم إنشاء محطتي نقل في عبري والبينونة، بالإضافة إلى محطة معوضات ديناميكية (STATCOM) لتعزيز استقرار الشبكة وزيادة القدرة الإجمالية لنقل الطاقة إلى 1,600 ميغاواط. هذا المشروع سيفتح آفاقًا جديدة للتعاون الطاقي بين البلدين، ويعزز من موثوقية الإمدادات الكهربائية في المنطقة.
استثمارات مستقبلية ورؤية الهيئة
أكد أحمد الإبراهيم، الرئيس التنفيذي لهيئة الربط الكهربائي الخليجي، أن توقيع العقود يمثل محطة تاريخية جديدة في مسار الهيئة. وأشار إلى أن المشاريع تعكس الرؤية الاستراتيجية لقادة دول المجلس لبناء منظومة كهربائية مترابطة وآمنة ومستدامة. كما توقع الإبراهيم استثمار أكثر من 3.5 مليار دولار خلال السنوات العشر المقبلة لتعزيز الشبكة وتوسيع قدرتها على دمج مصادر الطاقة المتجددة، وفتح فرص التصدير إلى الدول المجاورة.
دور هيئة الربط الكهربائي الخليجي
تأسست هيئة الربط الكهربائي لدول مجلس التعاون عام 2001، وتتخذ من مدينة الدمام السعودية مقرًا لها. تتولى الهيئة تنفيذ مشروع الربط الكهربائي الخليجي وتشغيله وإدارته، وقد بدأت المرحلة الأولى من الشبكة في العمل بالفعل عام 2009. تسعى الهيئة باستمرار إلى تطوير الشبكة وزيادة قدرتها، بما يتماشى مع التطورات المتسارعة في قطاع الطاقة والاحتياجات المتزايدة لدول المنطقة. توسعة الشبكة الخليجية هي جزء أساسي من هذه الجهود.
الخلاصة: مستقبل واعد للطاقة في الخليج
إن توسعة الشبكة الخليجية ليست مجرد مشروع تقني، بل هي رؤية استراتيجية لمستقبل الطاقة في المنطقة. من خلال تعزيز أمن الطاقة، ودعم التحول نحو الطاقة النظيفة، وتحقيق التكامل الاقتصادي، ستساهم هذه المشاريع في بناء مستقبل أكثر استدامة وازدهارًا لدول مجلس التعاون. ومن المتوقع أن تشهد المنطقة في السنوات القادمة المزيد من الاستثمارات في قطاع الطاقة المتجددة والبنية التحتية للشبكات الكهربائية، مما يعزز مكانتها كمركز إقليمي للطاقة. نتطلع إلى رؤية المزيد من التعاون والابتكار في هذا المجال الحيوي، ونؤمن بأن مستقبل الطاقة في الخليج واعد ومشرق.

