وزير خارجية مصر يشدد من بيروت على أهمية انسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية

أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري أن مصر تعتبر لبنان جزءاً لا يتجزأ من أمنها القومي ومنظومة الاستقرار الإقليمي، مجددًا حرص بلاده على الحفاظ على سيادة لبنان واستقلالية قراره. جاء تصريح الوزير على هامش محادثات ثنائية في القاهرة، حيث ناقش التطورات الأخيرة في لبنان وتأثيرها على المنطقة. يركز هذا التحرك المصري على دعم الاستقرار السياسي والاقتصادي في لبنان، في ظل التحديات المتزايدة التي تواجهها البلاد.
اللقاء بين شكري ونظيره اللبناني، بالإضافة إلى مسؤولين لبنانيين آخرين، يأتي في وقت حرج يشهد فيه لبنان فراغًا رئاسيًا مستمرًا وتدهورًا اقتصاديًا حادًا. تتزايد المخاوف من تداعيات هذا الوضع على الأمن الإقليمي، وهو ما دفع مصر إلى إبراز دعمها القوي لبيروت. وتشير التقارير إلى أن المحادثات تناولت سبل تعزيز التعاون الثنائي في مختلف المجالات.
أهمية دعم مصر لـ لبنان
تعتبر مصر دعم لبنان أولوية استراتيجية، وذلك لارتباط أمن البلدين بشكل وثيق. فالاستقرار في لبنان يساهم بشكل مباشر في استقرار منطقة الشرق الأوسط، بينما يؤدي أي تدهور في الوضع اللبناني إلى انعكاسات سلبية على الأمن الإقليمي. تدرك القاهرة أن الأزمة اللبنانية متعددة الأوجه، وتشمل أبعادًا سياسية واقتصادية واجتماعية.
الأبعاد السياسية
يواجه لبنان حاليًا صعوبات في تشكيل حكومة قادرة على معالجة الأزمات المتراكمة. وفاقم الفراغ الرئاسي المستمر منذ نهاية عام 2022 من هذه الصعوبات. وتؤكد مصر على ضرورة التوافق السياسي بين القوى اللبنانية لانتخاب رئيس جديد وتشكيل حكومة قادرة على إطلاق الإصلاحات الضرورية. وتشجع القاهرة الحوار اللبناني – اللبناني بهدف تجاوز الخلافات.
الأبعاد الاقتصادية
يشهد الاقتصاد اللبناني انهيارًا تاريخيًا، مع تدهور قيمة الليرة اللبنانية وارتفاع معدلات التضخم والبطالة. بالإضافة إلى ذلك، يعاني لبنان من نقص حاد في العملات الأجنبية. تسعى مصر لتقديم الدعم الاقتصادي للبنان، سواء من خلال المساعدات المباشرة أو من خلال تسهيل الاستثمار من القطاع الخاص المصري. كما تدعم مصر جهود لبنان لإعادة التفاوض مع صندوق النقد الدولي.
ومع ذلك، فإن حجم المساعدات المصرية محدود بالمقارنة مع حجم الأزمة اللبنانية. ويتطلب الحل الجذري للأزمة الاقتصادية إصلاحات هيكلية شاملة، بالإضافة إلى دعم دولي واسع النطاق. تتركز جهود مصر حاليًا على تقديم الدعم الطارئ لمساعدة الشعب اللبناني على تجاوز الأزمة الإنسانية.
التطورات الإقليمية وتأثيرها على لبنان
تأتي هذه التحركات المصرية في سياق تطورات إقليمية متسارعة، بما في ذلك الصراع في غزة وتصاعد التوترات في المنطقة. وتخشى مصر من أن يؤدي هذا التصعيد إلى تفاقم الأوضاع في لبنان وزيادة خطر الانزلاق نحو صراع أوسع. وتدعو مصر إلى وقف إطلاق النار في غزة وإيجاد حل سياسي شامل للقضية الفلسطينية.
بالإضافة إلى ذلك، تشعر مصر بالقلق إزاء تزايد النفوذ الإقليمي والدولي في لبنان. وتؤكد على ضرورة الحفاظ على حياد لبنان وعدم تحويله إلى ساحة صراع بين القوى المختلفة. وتدعم مصر جهود الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لضمان استقرار لبنان وحماية سيادته. وتعتبر مصر أن أي تدخل خارجي في الشؤون اللبنانية الداخلية أمر غير مقبول.
وتشير بعض المصادر إلى أن مصر تعمل أيضًا على تنسيق جهودها مع دول عربية أخرى، مثل المملكة العربية السعودية والأردن، لتقديم دعم شامل للبنان. ويهدف هذا التنسيق إلى تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي في لبنان ومنع تفاقم الأزمة. وتؤكد مصر على أهمية الوحدة العربية في مواجهة التحديات التي تواجه المنطقة. هذا التعاون العربي يهدف إلى معالجة أزمة الوضع المالي في لبنان.
وفيما يتعلق بالعلاقات الثنائية، بحث الجانبان المصري واللبناني سبل تعزيز التعاون في مجالات الطاقة والبنية التحتية والسياحة، وذلك بهدف تحقيق التنمية المستدامة في البلدين. وتعتبر مصر أن هناك فرصًا كبيرة للاستثمار في لبنان، وأن القطاع الخاص المصري يمكن أن يلعب دورًا مهمًا في دعم الاقتصاد اللبناني. كما استعرضا التحديات التي تواجه العمالة المصرية في لبنان وسبل حماية حقوقهم.
من المتوقع أن تستمر مصر في جهودها الدبلوماسية لدعم لبنان، وستواصل العمل مع المجتمع الدولي لإيجاد حل للأزمة. وستظل القاهرة على اتصال وثيق بالمسؤولين اللبنانيين لمتابعة التطورات على الساحة اللبنانية. لكن نجاح هذه الجهود يعتمد على استعداد القوى اللبنانية للتوافق السياسي وإطلاق الإصلاحات الضرورية، بالإضافة إلى توفير الدعم الدولي الكافي. الخطوة التالية المتوقعة هي استمرار التشاور بين مصر والدول المعنية بالوضع في لبنان، مع التركيز على إيجاد حلول عملية للأزمة السياسية والاقتصادية. يبقى مستقبل لبنان غير مؤكدًا، ويتطلب مراقبة دقيقة للتطورات الإقليمية والمحلية.

