منحت صناديق الثروة السيادية في أبوظبي، وعلى رأسها جهاز أبوظبي للاستثمار (ADIA) ومبادلة للاستثمار والقابضة (ADQ)، للإمارة نفوذاً متزايداً في الأسواق المالية العالمية، وقطاعات الطاقة، وتقنيات الذكاء الاصطناعي. وقد نفذت هذه الصناديق، بالإضافة إلى أدوات استثمارية أخرى تابعة لأبوظبي، مئات الصفقات خلال السنوات الأخيرة، بهدف تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط، وتعزيز مكانة الإمارات كمركز استثماري عالمي رائد. وتشير التحليلات إلى أن هذه الصناديق أصبحت من بين أكثر الجهات الاستثمارية نشاطاً على مستوى العالم.
تأتي هذه التحركات الاستثمارية في وقت تسعى فيه أبوظبي إلى تعزيز دورها الاقتصادي العالمي، وتنويع محفظة أصولها، والاستفادة من الفرص المتاحة في القطاعات الواعدة. وتعتبر استثمارات صناديق الثروة السيادية محركاً رئيسياً للنمو الاقتصادي في الإمارة، وتساهم في تحقيق أهداف رؤية الإمارات 2030.
توسع نطاق استثمارات جهاز أبوظبي للاستثمار (ADIA)
يُعد جهاز أبوظبي للاستثمار (ADIA) من بين أكبر صناديق الثروة السيادية في العالم، حيث يدير أصولاً تقدر بتريليون دولار أمريكي. ويرأس الجهاز الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، بينما يشغل الشيخ حامد بن زايد آل نهيان منصب العضو المنتدب. وقد قام ADIA بتنفيذ استثمارات ضخمة في شركات عالمية بارزة، مما يعكس طموحه في التوسع العالمي.
تشمل استثمارات ADIA الأخيرة حصة كبيرة في شركة تيليكوم إيطاليا (Telecom Italia) بقيمة 24 مليار دولار، بالإضافة إلى استثمار في شركة تيسن كروب (Thyssenkrupp) الألمانية بقيمة 19 مليار دولار، وصفقة مع شركة ريلاينس ريتيل (Reliance Retail) الهندية بقيمة 1.5 مليار دولار. وتوضح هذه الصفقات تركيز ADIA على الاستثمار في قطاعات استراتيجية ذات نمو مرتفع.
مبادلة للاستثمار و دعم الذكاء الاصطناعي
تعتبر مبادلة للاستثمار لاعباً رئيسياً في تعزيز مكانة أبوظبي في قطاع التكنولوجيا، وخاصةً في مجال الذكاء الاصطناعي. تتمتع مبادلة للاستثمار بمحفظة أصول تقدر بنحو 330 مليار دولار، ويرأسها الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، بينما يشغل خالد المبارك منصب الرئيس التنفيذي.
وتشمل استثمارات مبادلة شركات رائدة مثل بلاك روك (BlackRock) بقيمة 14 مليار دولار، ووايمو (Waymo) التابعة لشركة ألفابت بقيمة 6 مليارات دولار، وإنديفر (Endeavor) بقيمة 13 مليار دولار. بالإضافة إلى ذلك، تدعم مبادلة شركة جي 42 (G42) الإماراتية المتخصصة في تقنيات الذكاء الاصطناعي، وصندوق الاستثمارات إم جي إكس (MGX).
يهدف صندوق إم جي إكس (MGX) إلى الوصول بأصوله إلى 100 مليار دولار، ويضم في محفظته منصة العملات المشفرة بينانس (Binance) التي استثمر فيها ملياري دولار، وشركة ألايند داتا سنترز (Aligned Data Centers) بقيمة 40 مليار دولار، واستثمارات في مراكز البيانات الفرنسية بقيمة 31 مليار دولار.
دور القابضة (ADQ) في الأسواق الإقليمية
تنشط القابضة (ADQ) بشكل متزايد في الأسواق الإقليمية، وخاصةً في مصر، حيث قامت باستثمارات كبيرة في قطاعات مختلفة. تصل أصول القابضة إلى 263 مليار دولار، ويرأس مجلس إدارتها الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، بينما يشغل محمد حسن السويدي منصب الرئيس التنفيذي.
وقامت القابضة باستثمار بقيمة 740 مليون دولار في شركة أمون فارما (Amoun Pharma) المصرية، بالإضافة إلى صفقات في قطاع العقارات المصري بقيمة 35 مليار دولار. كما استثمرت القابضة مليار دولار في دار المزادات سوثبيز (Sotheby’s)، وتدعم شركة لونيت (Lunate).
قوة استثمارية متكاملة
تُظهر الهيكلة الاستثمارية لأبوظبي تكاملاً قوياً بين مختلف المؤسسات، مما يعزز من قدرتها على تنفيذ صفقات كبيرة ومعقدة. فبالإضافة إلى ADIA ومبادلة والقابضة، تلعب شركة رويال غروب دوراً هاماً في إدارة الأصول، حيث تدير أصولاً تقدر بنحو 300 مليار دولار.
تمتلك رويال غروب حصصاً في كل من العالمية القابضة (International Holding) وجي 42 (G42)، مما يعكس تركيزها على القطاعات الاستراتيجية. وتدير العالمية القابضة أصولاً تقدر بنحو 126 مليار دولار، وتستثمر في شركات عالمية مثل سافاج إكس فنتي (Savage X Fenty) بقيمة 25 مليون دولار، وسبيس إكس (SpaceX) بقيمة 50 مليون دولار.
كما تمتلك العالمية القابضة شركة تو بوينت زيرو (2PointZero) التي تركز على الاستثمارات البديلة والذكاء الاصطناعي وإدارة المعادن والموارد، وتدير أصولاً تقدر بـ 33 مليار دولار. وتعد شركة لونيت (Lunate) جزءاً من تو بوينت زيرو، وتضم في محفظتها شركات مثل بلاكستون (Blackstone) وبلو أوول (Blue Owl) وبريفان هوارد (Brevan Howard).
بالإضافة إلى ذلك، أطلقت شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) ذراعها الاستثمارية إكس آر جي (XRG) بقيمة 151 مليار دولار، بهدف الاستثمار في مشاريع دولية في قطاع الطاقة. وقامت إكس آر جي باستثمارات في شركة كوفسترو (Covestro) الألمانية ومشاريع الغاز المسال في الولايات المتحدة.
من المتوقع أن تستمر صناديق الثروة السيادية في أبوظبي في تعزيز استثماراتها العالمية، مع التركيز بشكل خاص على القطاعات الواعدة مثل التكنولوجيا والطاقة المتجددة. وستظل هذه الصناديق محركاً رئيسياً للنمو الاقتصادي في الإمارة، وستلعب دوراً هاماً في تحقيق أهداف رؤية الإمارات 2030. ومع ذلك، فإن التحديات الاقتصادية العالمية والتقلبات في الأسواق المالية قد تؤثر على وتيرة هذه الاستثمارات.
