أزمة “إيرباص” تربك حركة الطيران في العالم

ألغت شركات الطيران في جميع أنحاء العالم مئات الرحلات الجوية وأدخلت تعديلات عاجلة على جداولها التشغيلية، وذلك بسبب خلل برمجي واسع النطاق في طائرات إيرباص A320. يأتي هذا الإجراء في ظل مخاوف من تأثير هذا الخلل على حركة السفر خلال فترة العطلات، والتي تشهد عادةً إقبالاً كبيراً.
أعلنت شركة إيرباص الأوروبية المصنّعة للطائرات أن أكثر من 6500 طائرة قد تكون معنية بالإصلاح الإلزامي، بينما شددت توجيهات صادرة عن وكالة سلامة الطيران الأوروبية (EASA) على ضرورة إجراء تحديث للبرمجيات قبل أي رحلات تجارية مقبلة للطائرات المتأثرة.
تحذير من خلل برمجي في طائرات إيرباص A320 يهدد موسم السفر
بدأت شركات الطيران على الفور في تطبيق تحديثات البرمجيات على الطائرات من طراز إيرباص A320 المتضررة، مما أدى إلى إلغاء الرحلات الجوية وتعطيل خطط آلاف المسافرين. يعد هذا الاستدعاء العالمي نادرًا نظرًا لأن طائرة A320 هي الأكثر مبيعًا في أسطول إيرباص.
أفادت شركة أفيانكا الكولومبية أن أكثر من 70% من أسطولها تأثر بالخلل، الأمر الذي دفعها إلى تعليق بيع التذاكر حتى 8 ديسمبر. وبالمثل، ألغت شركة ANA Holdings اليابانية حوالي 95 رحلة يوم السبت، مما أثر على أكثر من 13200 مسافر.
أسباب الخلل وتداعياته المحتملة
جاء التحديث البرمجي العاجل بعد حادثة طائرة تابعة لشركة جيت بلو إيروايز، والتي كشفت أن “الإشعاع الشمسي الحاد” قد يتسبب في تلف البيانات التي تتحكم في أنظمة الطيران. هذا الاكتشاف يمثل تحديًا كبيرًا لإيرباص، حيث تُعد طائرات A320 الأكثر استخدامًا في أسطولها، مع أكثر من 11 ألف طائرة في الخدمة.
أكدت إيرباص أنها تدرك أن هذه التوصيات ستؤدي إلى تعطيل عمليات السفر للمسافرين والعملاء. يأتي هذا في وقت حرج، خاصةً مع اقتراب موسم الذروة للسفر، مثل عيد الشكر في الولايات المتحدة.
تأثيرات عالمية للإصلاح الإلزامي
في الولايات المتحدة، حيث يشهد قطاع الطيران موسمًا قياسيًا للسفر بمناسبة عيد الشكر، تعمل شركات الطيران على تطبيق الإصلاحات المطلوبة على حوالي 1600 طائرة من طراز إيرباص A320، مع السعي لتقليل الاضطرابات إلى أدنى حد. ويضاف هذا إلى المشاكل القائمة المتعلقة بالظروف الجوية السيئة والإغلاق الحكومي الجزئي الذي أثر على حركة الطيران.
أشارت شركة أمريكان إيرلاينز غروب إلى أن أقل من 150 طائرة من بين إجمالي 209 طائرات متضررة كانت لا تزال بحاجة إلى التحديث اعتبارًا من مساء الجمعة.
وقعت الحادثة المثيرة للقلق في 30 أكتوبر لطائرة تابعة لشركة جيت بلو في طريقها من كانكون إلى نيوارك، نيوجيرسي. أدى خلل حاسوبي إلى انحدار مفاجئ للطائرة دون تدخل من الطيار. لحسن الحظ، لم تحدث إصابات وتم تحويل مسار الطائرة إلى تامبا، فلوريدا. كشف التحقيق عن وجود عطل في أحد حواسيب التحكم بالمصعد والجنيحات (ELAC 2).
وفقًا لوكالة تنظيم سلامة الطيران الأوروبية، فإن التقييم الفني الأولي الذي أجرته إيرباص أظهر أن العطل في نظام ELAC يلعب دورًا محتملاً في الحادث. وحذرت الوكالة من أن هذا الخلل، إذا لم يتم معالجته، قد يؤدي إلى حركة غير متحكم بها للرافعة الخلفية للطائرة، مما قد يتجاوز قدرتها الهيكلية.
خطة التحديث ومدة الإصلاح
أفاد أشخاص مطلعون على الأمر بأن غالبية الطائرات يمكن أن تتلقى تحديثًا برمجيًا بسيطًا من قمرة القيادة مع وقت توقف محدود. ومع ذلك، قد تحتاج حوالي 1000 طائرة أقدم إلى تحديث فعلي للأجهزة، مما سيستدعي إخراجها من الخدمة لفترة أطول لإجراء الصيانة.
حذرت شركة ويز إير هولدينغز، وهي شركة طيران منخفضة التكلفة تعتمد بشكل كبير على طائرات إيرباص (حوالي 250 طائرة)، من أن بعض رحلاتها ستتأثر خلال عطلة نهاية الأسبوع، حيث سارعت إلى جدولة الصيانة اللازمة.
في أستراليا ونيوزيلندا، تم إلغاء بعض الخدمات الجوية يوم السبت، مما أدى إلى تعطيل خطط السفر، بعد أن قررت شركتا جيت ستار (التابعة لكانتاس إيروايز) وإير نيوزيلندا إيقاف عدد من طائرات A320 لتنفيذ التحديث البرمجي.
تتنافس طائرات إيرباص A320 بشكل مباشر مع طراز 737 من شركة بوينغ، حيث يشكل الطرازان حجر الزاوية في قطاع الطيران المدني. ويذكر أن إيرباص واجهت تحديات سابقة تتعلق بمحركات طائرات A320neo، مما أدى إلى إخراج مئات الطائرات من الخدمة مؤقتًا لإجراء الصيانة المطلوبة.
تعد التحديثات البرمجية أمرًا بالغ الأهمية لضمان سلامة الطيران في الطائرات الحديثة، ولكن أي خلل فيها قد يكون له عواقب وخيمة. وقد واجهت شركة بوينغ في الماضي أزمات مماثلة بسبب مشكلات في الأنظمة البرمجية لطائراتها من طراز 737 ماكس.
من المتوقع أن تستمر جهود تحديث البرمجيات خلال الأيام القادمة. سيراقب خبراء الطيران عن كثب مدى تأثير هذا الخلل الإضافي على جداول الرحلات، خاصةً مع موسم السفر المزدحم. كما سيتتبعون مدى سرعة استجابة إيرباص وشركات الطيران لتطبيق الإصلاحات المطلوبة وضمان سلامة الركاب.

