أسهم “أوراكل” تتكبد أعنف هبوط يومي منذ 24 عاماً بفعل الإنفاق على الذكاء الاصطناعي

شهد سعر سهم شركة أوراكل (Oracle) انخفاضاً حاداً، مسجلاً أكبر تراجع له منذ أكثر من 24 عاماً، وذلك بعد إعلان الشركة عن زيادة كبيرة في الإنفاق على مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية الداعمة لها. هذا الإنفاق المتزايد، والذي تجاوز توقعات المحللين، أثار مخاوف بشأن المدة التي ستستغرقها الشركة لتحويل هذه الاستثمارات إلى إيرادات ملموسة من خدماتها السحابية، وهو ما يطمح إليه المستثمرون. وتأتي هذه التطورات في وقت تشهد فيه شركات التكنولوجيا سباقاً محموماً لتطوير قدرات الذكاء الاصطناعي.
أعلنت أوراكل أن نفقاتها الرأسمالية، والتي تعد مؤشراً رئيسياً على الاستثمار في مراكز البيانات، بلغت حوالي 12 مليار دولار في الربع الأخير، مقارنة بـ 8.5 مليار دولار في الربع السابق. وقد فاق هذا الرقم توقعات المحللين التي كانت تشير إلى إنفاق رأسمالي بقيمة 8.25 مليار دولار، وفقاً لبيانات جمعتها وكالة بلومبرغ. هذا الارتفاع الكبير في النفقات أدى إلى رد فعل سلبي من قبل المستثمرين.
تراجع حاد في سعر سهم أوراكل بسبب تكاليف الذكاء الاصطناعي
انخفض سعر سهم أوراكل بنسبة تصل إلى 16% في بداية التداول في نيويورك يوم الخميس، وهو أكبر انخفاض يومي منذ مارس 2001. هذا التراجع أدى إلى تبخر ما يقرب من 102 مليار دولار من القيمة السوقية للشركة. ويعكس هذا الانخفاض القلق المتزايد بشأن قدرة أوراكل على تحقيق عوائد سريعة على استثماراتها الضخمة في مجال الذكاء الاصطناعي.
قبل إغلاق الأربعاء، كان سهم أوراكل قد فقد بالفعل حوالي ثلث قيمته منذ أعلى مستوى له في 10 سبتمبر. وفي الوقت نفسه، ارتفع مقياس مخاطر الائتمان للشركة إلى مستوى قياسي جديد، وهو الأعلى في 16 عاماً، مما يشير إلى تزايد المخاوف بشأن قدرتها على الوفاء بالتزاماتها المالية.
النمو في الحوسبة السحابية لا يكفي لطمأنة المستثمرين
على الرغم من أن مبيعات الحوسبة السحابية في أوراكل زادت بنسبة 34% في الربع المالي الثاني لتصل إلى 7.98 مليار دولار، إلا أن هذا النمو لم يكن كافياً لتهدئة مخاوف المستثمرين. كما ارتفعت إيرادات أعمال البنية التحتية بنسبة 68% لتصل إلى 4.08 مليار دولار، وهو ما يراقبه محللو وول ستريت عن كثب، لكنها جاءت أقل بقليل من التوقعات.
تعتبر أوراكل لاعباً رئيسياً في سوق برمجيات قواعد البيانات، وقد حققت نجاحاً ملحوظاً في قطاع الحوسبة السحابية التنافسي مؤخراً. وتعمل الشركة حالياً على توسيع كبير في مراكز البيانات الخاصة بها لدعم أعمال الذكاء الاصطناعي لشركات مثل OpenAI، بالإضافة إلى عملاء آخرين مثل TikTok و Meta Platforms.
التزامات الأداء والديون المتزايدة
قفزت التزامات الأداء المتبقية، والتي تعتبر مؤشراً على الحجوزات المستقبلية، بأكثر من خمسة أضعاف لتصل إلى 523 مليار دولار في الربع الذي انتهى في 30 نوفمبر. وقد قدر المحللون متوسط هذه القيمة بـ 519 مليار دولار. ومع ذلك، يركز المستثمرون بشكل متزايد على التكاليف المرتبطة بتطوير البنية التحتية للذكاء الاصطناعي بهذا الحجم.
وقد اقترضت أوراكل مبالغ كبيرة والتزمت باستئجار مواقع متعددة لمراكز البيانات. ارتفعت تكلفة حماية ديون الشركة من التخلف عن السداد لمدة خمس سنوات بنسبة تصل إلى 0.17 نقطة مئوية لتصل إلى حوالي 1.41 نقطة مئوية سنوياً، وهو أعلى مستوى منذ أبريل 2009. هذا الارتفاع يعكس تراجع ثقة المستثمرين في الجدارة الائتمانية للشركة، وأصبحت مشتقات ائتمان أوراكل مقياساً لمخاطر الذكاء الاصطناعي في سوق الائتمان.
تحليل الخبراء وتوقعات مستقبلية
يرى جاكوب بورن، المحلل في Emarketer، أن أوراكل تواجه تدقيقاً متزايداً بشأن توسع مراكز البيانات الممول بالديون ومخاطر التركيز، خاصة مع وجود تساؤلات حول العائد الفعلي للاستثمار في الذكاء الاصطناعي. وأضاف أن هذا التراجع في الإيرادات من المرجح أن يزيد من مخاوف المستثمرين بشأن صفقة OpenAI والإنفاق الكبير للشركة على الذكاء الاصطناعي. ويرغب المستثمرون في رؤية تحول سريع في الإنفاق إلى إيرادات ملموسة.
تتوقع أوراكل الآن أن تصل نفقاتها الرأسمالية إلى حوالي 50 مليار دولار في السنة المالية المنتهية في مايو 2026، بزيادة قدرها 15 مليار دولار عن التوقعات السابقة التي أعلنت عنها في سبتمبر. وأكد دوغ كيرينغ، المدير المالي للشركة، خلال مكالمة مع المستثمرين أن الغالبية العظمى من هذه الاستثمارات مخصصة لمعدات توليد الإيرادات، وليس للأراضي أو المباني أو الطاقة.
من المتوقع أن تبلغ الإيرادات السنوية للشركة 67 مليار دولار، وهو ما يتماشى مع التوقعات التي قدمتها في أكتوبر. وأضاف كيرينغ أن أوراكل ملتزمة بالحفاظ على تصنيفها الائتماني الاستثماري.
في الختام، يمثل تراجع سعر سهم أوراكل تحذيراً بشأن المخاطر المرتبطة بالاستثمار الضخم في مجال الذكاء الاصطناعي. سيراقب المستثمرون عن كثب قدرة الشركة على تحويل هذه الاستثمارات إلى إيرادات في الأرباع القادمة، بالإضافة إلى تطورات المنافسة في هذا القطاع، خاصة من قبل شركات مثل جوجل. من المتوقع أن تقدم أوراكل مزيداً من التفاصيل حول استراتيجيتها في مجال الذكاء الاصطناعي خلال مكالمتها القادمة بشأن الأرباع، والتي من المقرر عقدها في فبراير.

