إندونيسيا تعلّق عمل 3 شركات وتحقق بدورها المحتمل في فيضانات سومطرة

علّقت السلطات الإندونيسية عمليات ثلاث شركات في جزيرة سومطرة على خلفية تحقيق في دور أنشطة إزالة الغطاء النباتي المحتملة في الفيضانات والانهيارات الأرضية المدمرة التي ضربت الجزيرة مؤخرًا. ويأتي هذا الإجراء في وقت تجاوز فيه عدد الضحايا 800 شخص، مع استمرار البحث عن مئات المفقودين. التحقيق يهدف إلى تحديد مدى مسؤولية الشركات عن تفاقم الكارثة الطبيعية.
أعلنت وزارة البيئة الإندونيسية، في بيان رسمي يوم الجمعة، عن تعليق عمليات شركة خدمات التعدين “بي تي أجينكورت ريسورسيز” (PT Agincourt Resources)، وشركة المزارع المملوكة للدولة “بي تي بيركيبونان نوسانتارا 3” (PT Perkebunan Nusantara III)، بالإضافة إلى مطورة الطاقة الكهرومائية “بي تي نورث سومطرة هيدرو إنرجي” (PT North Sumatera Hydro Energy). وستخضع الشركات لتدقيق بيئي شامل لتقييم مدى التزامها بالقوانين واللوائح البيئية.
التحقيق في علاقة إزالة الغابات بالفيضانات والانهيارات الأرضية
تستند قرارات التعليق إلى نتائج تفتيش جوي كشفت عن تجريف واسع النطاق للأراضي في مناطق تقع في الأعلى بالنسبة لمجاري المياه المتضررة. تشير هذه النتائج إلى أن هذه الأنشطة قد تكون قد ساهمت في زيادة خطر الفيضانات والانهيارات الأرضية في المناطق المنخفضة. وتُعد جزيرة سومطرة غنية بالغابات، ولكنها تواجه تحديات متزايدة بسبب إزالة الغابات لأغراض التعدين والزراعة وتطوير البنية التحتية.
توسع نطاق التحقيقات ليشمل شركات أخرى
لم يقتصر التحقيق على هذه الشركات الثلاث فحسب. فقد أبلغ وزير الغابات، رجا جولي أنتوني، البرلمان الإندونيسي بأن الوزارة ستبدأ تحقيقًا مع 12 شركة أخرى، مع التركيز على سوء إدارة الغابات.
بالإضافة إلى ذلك، تدرس الوزارة إلغاء تصاريح امتيازات الغابات لـ 20 شركة أخرى، تغطي مساحة إجمالية تقدر بنحو 750 ألف هكتار في سومطرة ومناطق أخرى في البلاد. ومع ذلك، يتطلب هذا الإجراء موافقة الرئيس برابوو سوبيانتو و لم يتم الكشف عن أسماء الشركات المعنية بهذا الإلغاء المحتمل.
الهدف من هذه الإجراءات هو فرض رقابة أكثر صرامة على الأنشطة التي قد تؤدي إلى تدهور البيئة وزيادة خطر الكوارث الطبيعية. وتواجه إندونيسيا ضغوطًا متزايدة لمعالجة قضايا إزالة الغابات والحفاظ على التنوع البيولوجي.
في استدعاء رسمي، طُلب من ممثلي الشركات الثلاث المثول أمام السلطات في العاصمة جاكرتا يوم 8 ديسمبر لتقديم إفاداتهم. سيتم استجوابهم بشأن أنشطتهم وتقييم حجم الأضرار المحتملة.
وصرح وزير البيئة حنيف فيصل نوروفيك بأنه “لن يستبعد احتمال اتخاذ إجراءات جنائية إذا تبين وجود انتهاكات أدت إلى تفاقم الكارثة”. يشير هذا التصريح إلى جدية الحكومة الإندونيسية في محاسبة الشركات المسؤولة عن أي ضرر بيئي.
الوضع الحالي للكارثة و جهود الإغاثة
تسببت الأمطار الغزيرة والفيضانات والانهيارات الأرضية في أواخر الشهر الماضي بمأساة إنسانية في شمال وغرب سومطرة. ما زالت عملية البحث والإنقاذ مستمرة للعثور على حوالي 500 شخص لا يزالون مفقودين.
تعمل فرق الإغاثة على توفير المساعدات الطبية والغذاء والمياه النظيفة للمتضررين. ومع ذلك، فإن الوصول إلى بعض المناطق النائية لا يزال صعبًا بسبب الأضرار التي لحقت بالطرق والبنية التحتية.
تعتبر هذه الكارثة بمثابة تذكير بأهمية الاستعداد للكوارث الطبيعية وإدارة المخاطر البيئية. وتشير التقارير إلى أن التخطيط العمراني غير المنظم وقطع الأشجار غير القانوني قد ساهم في تفاقم الأزمة.
بالتوازي مع جهود الإغاثة، تدرس الحكومة الإندونيسية خيارات طويلة الأجل للحد من خطر الفيضانات والانهيارات الأرضية، بما في ذلك إعادة تأهيل الغابات وتنفيذ تدابير لحماية المناطق المعرضة للخطر. كما تدرس الحكومة بناء جدار بحري عملاق لحماية العاصمة جاكرتا من خطر الغرق، وهو تحدٍ آخر تواجهه البلاد بسبب ارتفاع منسوب مياه البحر وتغير المناخ.
من المتوقع أن يقدم التدقيق البيئي نتائج أولية في غضون أسابيع قليلة، مما قد يؤدي إلى اتخاذ إجراءات إضافية ضد الشركات المتورطة. في الوقت الحالي، تظل عمليات الشركات الثلاث معلقة، وسيستمر التحقيق في تحديد مدى مسؤوليتها عن الكارثة. الوضع لا يزال متطورًا، ويتعين مراقبة تطورات التحقيق وقرارات الحكومة عن كثب.
تعد قصة هذه الكارثة الطبيعية بمثابة دعوة عاجلة لتقييم شامل لممارسات إدارة الأراضي و التشجيع على الاستدامة البيئية في إندونيسيا.

