الإمارات تتجه صوب أفريقيا لتعزيز الأمن الغذائي واغتنام فرص النمو

تعتزم دولة الإمارات العربية المتحدة، ثاني أكبر شريك تجاري لدول أفريقيا جنوب الصحراء بعد الصين، توسيع نطاق الاستثمار الإماراتي في أفريقيا بشكل ملحوظ. يأتي هذا التوجه في إطار سعي الإمارات لتعزيز أمنها الغذائي والاستفادة من النمو الاقتصادي المتسارع الذي تشهده القارة الأفريقية، وفقًا لتصريحات رسمية. وتستهدف الإمارات زيادة حجم تجارتها الثنائية عالميًا إلى 4 تريليونات دولار بحلول عام 2031.
أكد وزير الدولة في وزارة الخارجية الإماراتية، سعيد بن مبارك الهاجري، على أهمية الفرص الاستثمارية المتاحة في أفريقيا، مشيرًا إلى أنها تتفوق على تلك الموجودة في الأسواق الناضجة أو التي تشهد تراجعًا. وقد ضخت الإمارات بالفعل استثمارات كبيرة في قطاعات حيوية مثل الزراعة والطاقة المتجددة والبنية التحتية، بالإضافة إلى توسيع حضورها في قطاع الخدمات، وخاصةً شركات الطيران.
الاستثمار الإماراتي في أفريقيا يتجاوز 119 مليار دولار
بلغ حجم الاستثمار الإماراتي في أفريقيا حوالي 119 مليار دولار خلال الفترة الممتدة من عام 2020 إلى عام 2024، وفقًا لتصريحات الهاجري. يعكس هذا الرقم التزام الإمارات المتزايد بالقارة الأفريقية، ورغبتها في بناء شراكات طويلة الأمد. وتشمل هذه الاستثمارات مجالات متنوعة، مثل تطوير الموانئ، وإنشاء مراكز بيانات، ودعم مشاريع الطاقة المتجددة.
نمو التبادل التجاري
شهد التبادل التجاري بين الإمارات ودول أفريقيا جنوب الصحراء نموًا ملحوظًا، حيث تجاوز 75 مليار دولار في العام الماضي، وهو ما يمثل زيادة ثلاثية مقارنة بعام 2014. يعزى هذا النمو إلى عدة عوامل، بما في ذلك زيادة الطلب على المنتجات الإماراتية في أفريقيا، وتسهيل إجراءات التجارة، وتعزيز التعاون الاقتصادي بين الجانبين.
منافسة إقليمية ودولية
تتنافس الإمارات مع قوى اقتصادية كبرى أخرى، مثل الصين وأوروبا والولايات المتحدة، للاستفادة من الفرص الاستثمارية الواعدة في أفريقيا. تتميز القارة الأفريقية بكونها سوقًا ناشئة ذات معدلات نمو اقتصادي مرتفعة، بالإضافة إلى ثرواتها الطبيعية الهائلة، وشبابها المتزايد.
الأمن الغذائي محرك رئيسي للاستثمار
يُعدّ تعزيز الأمن الغذائي أحد الأهداف الرئيسية وراء الاستثمار الإماراتي في أفريقيا. تستورد الإمارات حوالي 80% من احتياجاتها الغذائية، وتسعى إلى تنويع مصادرها وتقليل الاعتماد على الخارج. وترى الإمارات في أفريقيا فرصة واعدة لزيادة إنتاجها الزراعي، وتطوير بنيتها التحتية اللوجستية، وتحسين كفاءة سلاسل الإمداد الغذائي.
اتفاقيات الشراكة الاقتصادية
تجري الإمارات مفاوضات لتوقيع اتفاقيات شراكة اقتصادية شاملة مع عدد من الدول الأفريقية، بهدف تعزيز التعاون التجاري والاستثماري. وقد أبرمت الإمارات بالفعل اتفاقيات مماثلة مع دول مثل موريشيوس والمغرب وجمهورية أفريقيا الوسطى. تهدف هذه الاتفاقيات إلى إزالة الحواجز التجارية، وتسهيل حركة الاستثمار، وتعزيز التكامل الاقتصادي بين الإمارات والدول الأفريقية.
التركيز على البنية التحتية والخدمات
بالإضافة إلى الزراعة والأمن الغذائي، تركز الإمارات على الاستثمار في البنية التحتية والخدمات في أفريقيا. ويشمل ذلك تطوير الموانئ والمطارات والطرق، وإنشاء مراكز بيانات، وتقديم خدمات مالية وتأمين. تهدف هذه الاستثمارات إلى دعم النمو الاقتصادي في أفريقيا، وتحسين بيئة الأعمال، وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية.
تتجه الإمارات نحو تعزيز دورها كشريك اقتصادي رئيسي لأفريقيا، مع التركيز على الاستثمارات طويلة الأجل والشراكات الاستراتيجية. من المتوقع أن تشهد المفاوضات الجارية لتوثيق اتفاقيات الشراكة الاقتصادية تقدمًا ملحوظًا في الأشهر القادمة. ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات تواجه الاستثمار في أفريقيا، مثل المخاطر السياسية والاقتصادية، وعدم الاستقرار الأمني، وتحديات البنية التحتية. يتعين على المستثمرين الإماراتيّين تقييم هذه المخاطر بعناية، واتخاذ التدابير اللازمة للتخفيف من آثارها.

