النفط يهبط لأدنى مستوياته منذ أكتوبر وسط ضغوط الأسهم

اختتمت أسعار النفط تعاملات اليوم عند أدنى مستوياتها منذ شهر أكتوبر، متأثرة بتراجع أسواق الأسهم العالمية. وشهد خام برنت انخفاضًا ملحوظًا، حيث استقر قرب مستوى 61 دولارًا للبرميل، بينما تراجع خام غرب تكساس الوسيط بنحو 1.5% ليستقر دون حاجز 58 دولارًا. هذا الانخفاض يعكس قلق المستثمرين بشأن تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي وتأثيره المحتمل على الطلب على النفط.
جاء هذا الهبوط في الأسعار على الرغم من استمرار التوترات الجيوسياسية في مناطق مختلفة من العالم، والتي عادة ما تدفع الأسعار إلى الارتفاع. ومع ذلك، يبدو أن تأثير هذه التوترات قد طغى عليه الضغط الناتج عن أداء أسواق الأسهم الضعيف. وتأتي هذه التطورات في وقت يشهد فيه العالم تقلبات اقتصادية وسياسية متزايدة.
تأثير التوترات الجيوسياسية على أسعار النفط
تصاعدت التوترات مؤخرًا مع اعتراض القوات الأمريكية لناقلة نفط عملاقة خاضعة للعقوبات، وهو ما وصفته حكومة فنزويلا بأنه “عمل قرصنة”. تعتبر فنزويلا من بين الدول ذات أكبر احتياطيات النفط في العالم، حيث صدّرت حوالي 586 ألف برميل يوميًا في الشهر الماضي، ومعظمها إلى الصين.
الخلافات الأمريكية الفنزويلية
تأتي هذه الخطوة في إطار العقوبات الأمريكية المستمرة على فنزويلا، والتي تهدف إلى الضغط على حكومة الرئيس نيكولاس مادورو. وتشكل هذه العقوبات تحديًا كبيرًا لصناعة النفط الفنزويلية، مما يؤثر على قدرتها على تلبية الطلب العالمي.
بالتوازي مع ذلك، كثفت أوكرانيا هجماتها على البنية التحتية للطاقة الروسية، حيث استهدفت حقل “فيلانوفيسكي” التابع لشركة “لوك أويل” في بحر قزوين، وفقًا لمصادر مطلعة. هذه الهجمات تأتي في سياق الحرب المستمرة بين روسيا وأوكرانيا، والتي أثرت بشكل كبير على إمدادات الطاقة العالمية.
في الوقت نفسه، تشير تقارير إلى وجود ضغوط أمريكية على كييف لقبول اتفاق سلام بشروط يراها البعض قريبة من شروط الكرملين. قد يؤدي هذا الاتفاق إلى تخفيف التوترات في المنطقة، وربما زيادة إمدادات النفط الروسية إلى السوق العالمية.
توقعات بزيادة المعروض من النفط
تضاف هذه التطورات إلى المخاوف المتزايدة بشأن احتمال حدوث وفرة في المعروض من النفط في المستقبل القريب. فقد تشير الزيادات المتوقعة في الإنتاج من قبل دول “أوبك+”، بالإضافة إلى زيادة الإنتاج في الولايات المتحدة، إلى أن العرض قد يتجاوز الطلب.
ومع ذلك، خففت وكالة الطاقة الدولية من حدة هذه التوقعات مؤخرًا، حيث قامت بتخفيض تقديراتها للفائض المتوقع في المعروض. يأتي هذا التعديل في التقديرات في ظل استمرار الطلب القوي على النفط من قبل الصين، بالإضافة إلى المخاطر الجيوسياسية التي لا تزال قائمة.
تحليل حديث صادر عن “سيتي غروب” يشير إلى أن الزيادات في المخزونات العالمية خلال عام 2026 من المرجح أن تكون أعلى من تلك المتوقعة لعام 2025. لكن، يرى المحللون أن الطلب القوي من الصين والمخاطر الجيوسياسية المستمرة قد تحد من حجم الفائض خارج السوق الصينية.
صرحت ريبيكا بابين، كبيرة متداولي الطاقة في “سي آي بي سي برايفت ويلث غروب”، بأن “الخلفية الضعيفة لأسواق الأسهم، واستمرار التطورات بين أوكرانيا وروسيا، يبقيان المعنويات هشّة، مع تغطية هامشية للمراكز المكشوفة في ظل الأزمة الفنزويلية”. هذا يشير إلى أن المستثمرين يراقبون عن كثب التطورات الجيوسياسية والاقتصادية، وأنهم حذرون بشأن اتخاذ مواقف كبيرة في السوق.
في الختام، من المتوقع أن تستمر أسعار النفط في التذبذب في المدى القصير، مع استمرار حالة عدم اليقين بشأن التطورات الجيوسياسية والاقتصادية العالمية. سيراقب السوق عن كثب قرارات “أوبك+” بشأن الإنتاج، بالإضافة إلى أي تطورات جديدة في الحرب الروسية الأوكرانية، ومفاوضات تخفيف العقوبات على فنزويلا. كما أن بيانات النمو الاقتصادي الصيني ستكون حاسمة في تحديد مسار الطلب على النفط في المستقبل.

