“بتكوين” تفقد ثلث قيمتها من ذروتها التاريخية

شهدت بتكوين تراجعًا حادًا في قيمتها خلال تعاملات الخميس، حيث انخفض سعرها بأكثر من 2.5% ليستقر بالقرب من 87 ألف دولار. يأتي هذا الانخفاض في ظل استمرار الضغوط البيعية التي أدت إلى فقدان أكبر عملة مشفرة نحو ثلث قيمتها من أعلى مستوى لها هذا العام. وتواجه سوق العملات الرقمية بشكل عام موجة من التراجع المستمر منذ حوالي شهر، مما أدى إلى تبخر أكثر من تريليون دولار من قيمتها السوقية.
تأثرت أسواق العملات المشفرة عالميًا بهذا الانخفاض، حيث امتدت موجة البيع إلى العديد من العملات الرقمية الأخرى. ويأتي هذا التراجع بعد فترة صعود قوية شهدتها بتكوين في بداية العام، مدفوعة بتوقعات إيجابية حول مستقبلها وتبنيها من قبل المؤسسات المالية. وتشير البيانات إلى أن حجم التداول انخفض بشكل ملحوظ، مما يعكس حالة عدم اليقين السائدة في السوق.
تراجع سعر بتكوين: أسباب وتداعيات
يعود سبب هذا التراجع إلى عدة عوامل متداخلة. في المقام الأول، تراجعت التوقعات بشأن قيام الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بخفض أسعار الفائدة قريبًا، وهو ما كان يعتبر محفزًا رئيسيًا لارتفاع أسعار الأصول الخطرة مثل العملات المشفرة. بالإضافة إلى ذلك، بدأت بعض المؤسسات المالية في إعادة تقييم استثماراتها في العملات المشفرة، مما أدى إلى زيادة الضغوط البيعية.
تأثير تباطؤ خفض الفائدة
كانت توقعات خفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي تدعم أسعار بتكوين، حيث يُنظر إلى العملات المشفرة كأصل بديل في بيئة أسعار فائدة منخفضة. لكن مع تزايد الأدلة على استمرار التضخم، قلّت احتمالات خفض الفائدة في المدى القصير، مما أثر سلبًا على جاذبية بتكوين.
تراجع تبني المؤسسات
شهدت بتكوين في وقت سابق من هذا العام زيادة في تبنيها من قبل المؤسسات المالية الكبرى، مما ساهم في ارتفاع سعرها. ومع ذلك، بدأت بعض هذه المؤسسات في سحب استثماراتها أو تقليلها، مما أدى إلى زيادة المعروض من العملة في السوق وبالتالي انخفاض سعرها.
وقد أثرت هذه التطورات بشكل خاص على شركات الخزينة الرقمية، التي تعتمد على ارتفاع أسعار العملات المشفرة لتحقيق أرباح. وتواجه هذه الشركات الآن تحديات كبيرة في الحفاظ على تقييماتها.
تدفقات الخروج من صناديق الاستثمار
شهد صندوق “آي شيرز بتكوين ترست” التابع لشركة “بلاك روك” تدفقات خارجة كبيرة في الأيام الأخيرة، حيث سحب المستثمرون أكثر من نصف مليار دولار من الصندوق. ويعتبر هذا أكبر تدفق خارجة يومي منذ إطلاق الصندوق، مما يشير إلى تزايد قلق المستثمرين بشأن مستقبل بتكوين.
وبحسب بيانات جمعتها “بلومبرغ”، فقد شهد صندوق “بلاك روك” تدفقات خارجة بقيمة 523 مليون دولار يوم الثلاثاء، وهو اليوم الخامس على التوالي من صافي الاستردادات. ويعكس هذا الاتجاه تراجع الثقة في بتكوين من قبل بعض المستثمرين المؤسسيين.
يركز المتداولون الآن على مستوى 85 ألف دولار، حيث يوجد أكبر تركيز لعقود الخيارات للتحوط من الهبوط، يليه مستوى 82 ألف دولار. ويشير هذا إلى أن المستثمرين يتوقعون استمرار الضغوط البيعية في المدى القصير.
بالإضافة إلى بتكوين، تأثرت العملات الرقمية الأخرى سلبًا بهذا التراجع. وانخفضت قيمة الإيثريوم، ثاني أكبر عملة مشفرة، بشكل ملحوظ أيضًا. ويشير هذا إلى أن التراجع الحالي ليس خاصًا بـ بتكوين، بل هو جزء من اتجاه أوسع في سوق العملات المشفرة.
مستقبل سوق العملات المشفرة
من المتوقع أن يستمر سوق العملات المشفرة في التذبذب في المدى القصير، حيث يعتمد مساره على عدة عوامل، بما في ذلك قرارات الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة، ومستوى تبني المؤسسات المالية، والتطورات التنظيمية.
سيراقب المستثمرون عن كثب بيانات التضخم الأمريكية القادمة، والتي قد تؤثر على قرارات الاحتياطي الفيدرالي. كما سيتابعون عن كثب التطورات التنظيمية في مختلف البلدان، حيث يمكن أن تؤثر هذه التطورات بشكل كبير على مستقبل سوق العملات المشفرة.
في الختام، يواجه سوق العملات المشفرة فترة من عدم اليقين، ومن المتوقع أن يستمر التذبذب في المدى القصير. سيتطلب الأمر مراقبة دقيقة للتطورات الاقتصادية والتنظيمية لتقييم المسار المستقبلي لـ بتكوين والعملات الرقمية الأخرى.

