سعر الفضة يحطم مستوى قياسياً وسط توقعات الفائدة وشح الإمدادات

شهدت أسعار الفضة ارتفاعاً قياسياً جديداً يوم الاثنين، مدفوعة بتوقعات متزايدة لخفض أسعار الفائدة في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى استمرار النقص في المعروض العالمي. وبلغ سعر الفضة حوالي 57.86 دولاراً للأونصة، بعد قفزة بنسبة 6% في نهاية الأسبوع الماضي، مما جعلها تتفوق على أداء الذهب في هذا العام. في المقابل، استقر سعر الذهب بشكل ملحوظ.
يأتي هذا الارتفاع في ظل تزايد المضاربات على مستقبل أسعار الفائدة، حيث يرى المحللون أن خفض الفائدة سيجعل المعادن الثمينة، بما في ذلك الفضة، أكثر جاذبية للمستثمرين. كما أن ضعف أداء سوق العمل الأمريكي، بالإضافة إلى تصريحات مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي التي تشير إلى توجه نحو السياسات النقدية الأكثر مرونة، عززت هذه التوقعات.
تأثير نقص المعروض على أسعار الفضة
أدى النقص الحاد في المعروض من الفضة إلى زيادة الضغط على الأسعار. وقد تدفقت كميات كبيرة من الفضة إلى لندن في أكتوبر الماضي في محاولة لتخفيف أزمة في المعروض، لكن تكلفة اقتراض الفضة لا تزال مرتفعة. وتشير البيانات إلى أن مخزونات الفضة في المستودعات المرتبطة ببورصة شنغهاي للعقود الآجلة وصلت إلى أدنى مستوياتها منذ حوالي عقد من الزمان.
ضغوط متزايدة على الأسواق العالمية
هذا النقص في المعروض لا يقتصر على لندن وشنغهاي، بل يمتد ليشمل مراكز التداول الأخرى حول العالم. ويعكس هذا الوضع الطلب القوي على الفضة، خاصة من القطاعات الصناعية التي تستخدمها في تطبيقات متنوعة مثل الإلكترونيات والطاقة المتجددة.
بالإضافة إلى ذلك، ساهم تأخر إصدار البيانات الاقتصادية بسبب الإغلاق الحكومي الأمريكي الذي استمر ستة أسابيع في دعم التوقعات بخفض تكاليف الاقتراض. تعتبر الفضة والذهب من الأصول التي تستفيد من انخفاض أسعار الفائدة، حيث تقل جاذبية الاستثمارات الأخرى ذات العائد الثابت.
وشهدت أسهم شركات تعدين الفضة والنحاس في آسيا وأستراليا ارتفاعاً ملحوظاً، حيث سجلت أعلى مستوياتها على الإطلاق يوم الجمعة. فقد ارتفع سهم شركة “صن سيلفر” بنسبة 19%، بينما صعد سهم شركة “سيلفر ماينز” المحدودة بنسبة 12%، مما يعكس تفاؤل المستثمرين بآفاق هذه الشركات في ظل ارتفاع أسعار الفضة.
في تداولات يوم الاثنين، ارتفع سعر الفضة الفوري بنسبة 1.3% ليصل إلى 57.22 دولاراً للأونصة. في المقابل، بقي سعر الذهب ثابتاً عند 2348.50 دولاراً للأونصة، بينما استقر مؤشر “بلومبرغ” للدولار الفوري دون تغيير. وشهد كل من البلاتين والبلاديوم أيضاً مكاسب طفيفة.
تعتبر الفضة من المعادن الصناعية الهامة، بالإضافة إلى كونها مخزناً للقيمة. وتستخدم في مجموعة واسعة من التطبيقات، بما في ذلك صناعة الإلكترونيات، والسيارات، والطاقة الشمسية، والمجوهرات. ونتيجة لذلك، فإن الطلب على الفضة يتأثر بشكل كبير بالنمو الاقتصادي العالمي والتقدم التكنولوجي.
يرى بعض المحللين أن ارتفاع أسعار الفضة قد يكون مبالغاً فيه، وأن السوق قد يشهد تصحيحاً في المستقبل القريب. في حين يعتقد آخرون أن النقص المستمر في المعروض، بالإضافة إلى التوقعات بخفض أسعار الفائدة، سيستمر في دعم الأسعار.
من الجدير بالذكر أن أسعار المعادن الثمينة تتأثر بعوامل متعددة، بما في ذلك التوترات الجيوسياسية، وتغيرات أسعار الصرف، والمضاربات في الأسواق المالية. لذلك، من الصعب التنبؤ بدقة بمسار الأسعار في المستقبل.
في الختام، من المتوقع أن تستمر أسعار الفضة في التقلب خلال الفترة القادمة، حيث يعتمد مسارها على تطورات الاقتصاد الأمريكي، ومستويات المعروض العالمي، والأحداث الجيوسياسية. سيراقب المستثمرون عن كثب بيانات التضخم والتوظيف في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى أي تصريحات جديدة من مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي، للحصول على مزيد من المؤشرات حول مستقبل أسعار الفائدة وتأثيرها على أسواق المعادن الثمينة.

