“فيزا” تطلق عملياتها في سوريا مع عودة دمشق للنظام المالي العالمي

تستعد شركة “فيزا” لإطلاق عملياتها في سوريا، في خطوة تاريخية تهدف إلى تحديث المنظومة المالية في البلاد وتعزيز الشمول المالي. يأتي هذا الإعلان عقب توقيع اتفاقية مع مصرف سورية المركزي، تحدد خارطة طريق استراتيجية لتطوير نظام دفع رقمي متكامل. ومن المتوقع أن يبدأ التنفيذ الفعلي لهذه الخطة خلال الأشهر القادمة.
أعلنت “فيزا” اليوم الخميس عن هذه الشراكة، مؤكدة التزامها بدعم التحول الرقمي في سوريا. يمثل هذا التطور نقطة تحول مهمة للاقتصاد السوري، الذي يسعى إلى التعافي من سنوات من الصراع والعزلة. وتأتي هذه الخطوة بعد عودة سوريا إلى نظام “سويفت” للتحويلات المالية الدولية في وقت سابق من هذا العام.
تحديث المنظومة المالية السورية: دور “فيزا”
يهدف الاتفاق بين “فيزا” والمصرف المركزي السوري إلى بناء بنية تحتية آمنة وقوية للمدفوعات الرقمية. ستعمل “فيزا” مع المؤسسات المالية المرخصة لإصدار بطاقات الدفع وتفعيل المحافظ الرقمية، مع الالتزام بمعايير الأمان العالمية مثل شريحة “EMV” وتقنية الترميز. هذا يضمن جاهزية النظام للتعاملات الدولية، ويعزز الثقة في النظام المالي السوري.
أكد عبد القادر حصرية، حاكم مصرف سورية المركزي، أن رؤية “فيزا” تمثل خارطة طريق واضحة لتحديث المنظومة المالية، وتعزيز الشفافية، وتوفير الأدوات اللازمة للنمو الاقتصادي. وأضاف أن هذه الشراكة تفتح مرحلة جديدة من الفرص الواعدة للاقتصاد السوري.
حلول دفع مبتكرة للتجار
بالإضافة إلى تطوير البنية التحتية، ستركز “فيزا” على توفير حلول دفع ميسورة التكلفة للشركات الصغيرة والمتوسطة. ويشمل ذلك الدفع عبر الهواتف الذكية والرموز السريعة (QR)، مما يتيح لهذه الشركات الانخراط الكامل في الاقتصاد الرقمي. هذا من شأنه أن يعزز نمو القطاع الخاص ويخلق فرص عمل جديدة.
الشمول المالي هو هدف رئيسي لهذه الشراكة. من خلال توفير خدمات دفع رقمية سهلة الوصول، تسعى “فيزا” والمصرف المركزي السوري إلى إدماج المزيد من المواطنين في النظام المالي الرسمي. هذا يعزز الاستقرار المالي ويقلل من الاعتماد على المعاملات النقدية.
جذب الاستثمارات وبناء الثقة
ترى ليلى سرحان، نائبة الرئيس الأول لشركة “فيزا” لمنطقة شمال أفريقيا وبلاد المشرق وباكستان، أن توفير نظام دفع موثوق به هو أساس التعافي الاقتصادي وجذب الاستثمارات. وأشارت إلى أن هذه الشراكة تمثل بداية لمسار جديد، حيث يمكن لسوريا التخلي عن البنية التحتية التقليدية وتبني منصات حديثة وآمنة.
تأتي هذه الخطوة في سياق جهود الحكومة السورية لفك العزلة عن البلاد وجذب الاستثمارات الأجنبية. وقد نجحت الحكومة في رفع بعض العقوبات الغربية، وتحظى بدعم دولي متزايد لخطة الإصلاح الاقتصادي التي أطلقتها. وتشمل هذه الخطة إصلاحات في القوانين المصرفية والنظام البنكي بهدف خلق بيئة استثمارية جاذبة.
الاستثمار الأجنبي المباشر هو أحد الأهداف الرئيسية للحكومة السورية. من خلال تحسين النظام المالي وتعزيز الثقة في الاقتصاد، تأمل الحكومة في جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية التي يمكن أن تدعم النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل.
من المتوقع أن تبدأ “فيزا” في العمل مع المؤسسات المالية السورية لتنفيذ خطة التحول الرقمي في الأشهر القادمة. سيشمل ذلك تدريب الموظفين وتحديث البنية التحتية وتطوير حلول دفع جديدة. ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات كبيرة تواجه الاقتصاد السوري، بما في ذلك العقوبات المتبقية وعدم الاستقرار الإقليمي. سيتطلب النجاح في هذه المبادرة تعاونًا وثيقًا بين “فيزا” والمصرف المركزي السوري والحكومة السورية.
في الختام، تمثل شراكة “فيزا” مع سوريا خطوة مهمة نحو تحديث المنظومة المالية وتعزيز الشمول المالي. من المقرر أن يتم الإعلان عن تفاصيل إضافية حول خطة التنفيذ في الأسابيع القادمة. يبقى من الضروري مراقبة التطورات السياسية والاقتصادية في سوريا لتقييم تأثير هذه الشراكة على المدى الطويل.

