وافقت كوريا الجنوبية على اقتراح قانون خاص لتنفيذ تعهداتها الاستثمارية البالغة 350 مليار دولار تجاه الولايات المتحدة، مما يمهد الطريق لتخفيض الرسوم الجمركية الأميركية على السيارات الكورية إلى 15% اعتبارًا من هذا الشهر. يأتي هذا الإجراء في أعقاب مفاوضات مكثفة بين البلدين، ويهدف إلى تعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية المتبادلة.
أكد مسؤولون كوريون أن تقديم مشروع القانون، الذي يحدد الآليات اللازمة لتنفيذ هذه التعهدات الاستثمارية، كان شرطًا أساسيًا لتطبيق التخفيض في الرسوم الجمركية على السيارات وقطع الغيار. ووفقًا لبيان صادر عن وزارة المالية الكورية الجنوبية، فإن الظروف أصبحت مهيأة لتطبيق هذا التخفيض بأثر رجعي اعتبارًا من الأول من نوفمبر.
أهمية تخفيض الرسوم الجمركية على السيارات الكورية
يمثل تخفيض الرسوم الجمركية خطوة حاسمة لصناعة السيارات الكورية، حيث تستحوذ الولايات المتحدة على حصة كبيرة من صادرات هذا القطاع. تشير البيانات الحكومية إلى أن الولايات المتحدة استقبلت ما يقرب من نصف إجمالي صادرات السيارات الكورية التي بلغت 70.8 مليار دولار في عام 2024. تعتبر السيارات وقطع الغيار من بين أهم المنتجات التي تصدرها كوريا الجنوبية إلى السوق الأميركية.
في يوليو الماضي، توصلت كوريا الجنوبية والولايات المتحدة إلى اتفاق إطاري يحدد سقفًا للرسوم الأميركية على السلع الكورية عند 15%. ومع ذلك، بقي الرسوم البالغة 25% على السيارات وقطع الغيار سارية المفعول في انتظار التفاصيل المتعلقة بالصندوق الاستثماري المشترك. وقد تم التوصل إلى الاتفاق النهائي خلال زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى كوريا الجنوبية في أكتوبر، حيث أصدر الجانبان ورقة معلومات مشتركة توضح التفاهمات التجارية والأمنية.
الخلفية التفاوضية مع اليابان
تجدر الإشارة إلى أن اليابان قد توصلت أيضًا إلى اتفاقات تجارية مماثلة مع الولايات المتحدة في يوليو، تشمل تخفيض الرسوم على السيارات إلى 15%. لكن واشنطن لم تطبق هذا التخفيض على الفور في حالة كوريا الجنوبية، مستخدمة الرسوم كأداة ضغط لإتمام تفاصيل الصناديق الاستثمارية. في المقابل، وافقت طوكيو في سبتمبر على مذكرة تفاهم أدت في النهاية إلى تخفيض الرسوم، مما منح شركات السيارات اليابانية ميزة تنافسية.
استغرق التوصل إلى اتفاق مع كوريا الجنوبية وقتًا أطول بسبب مخاوف سيؤول بشأن تأثير الصناديق الاستثمارية على قيمة العملة المحلية. ومع ذلك، فإن التأكيد الأميركي على التخفيض في الرسوم يمثل تنفيذًا للاتفاق الذي تم التوصل إليه في الصيف.
تحليل: اتفاق الرسوم بين أميركا وكوريا قد يكلف شركتي هيونداي وكيا حوالي 5 مليارات دولار، وذلك بسبب التعديلات المتوقعة في استراتيجيات التسعير والتنافسية في السوق.
تفاصيل الصندوق الاستثماري الكوري الأميركي
يركز التعهد الاستثماري، وهو جزء أساسي من الاتفاق التجاري، على توجيه رؤوس الأموال الكورية نحو الصناعات الاستراتيجية في الولايات المتحدة. تشمل هذه الصناعات بناء السفن والطاقة وأشباه الموصلات. وينص مشروع القانون على إنشاء صندوق استثماري استراتيجي كوري أميركي، وإدارة مستقلة لهذا الصندوق لمدة تصل إلى 20 عامًا لضمان الكفاءة والشفافية.
سيتم تمويل الصندوق من خلال أرباح إدارة احتياطيات النقد الأجنبي الكورية الجنوبية، بالإضافة إلى إصدار سندات مدعومة حكوميًا في الأسواق الخارجية. يهدف هذا الصندوق إلى تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين وخلق فرص عمل جديدة في كلا الاقتصادين.
على الرغم من أن تخفيض الرسوم الجمركية يمثل تخفيفًا للأعباء التي فرضت في وقت سابق من هذا العام، إلا أنه لا يزال أعلى بكثير من المستويات التي كانت سائدة قبل تولي الرئيس ترمب منصبه في عام 2017. تعتبر الصادرات مساهمًا رئيسيًا في الاقتصاد الكوري الجنوبي، حيث تمثل أكثر من 40% من الناتج المحلي الإجمالي.
من المتوقع أن تطلب كوريا الجنوبية من الولايات المتحدة نشر إشعار رسمي في السجل الفيدرالي لتأكيد تعديل الرسوم الجمركية على السيارات وقطع الغيار. سيراقب المراقبون عن كثب تنفيذ هذا التخفيض وتأثيره على مبيعات السيارات الكورية في السوق الأميركية، بالإضافة إلى أداء الصندوق الاستثماري المشترك. الخطوة التالية الحاسمة هي تشكيل الهيئة الإدارية المستقلة للصندوق وتحديد أولويات الاستثمار.
