Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اخبار الاقتصاد

لماذا ستستمر الصين بالدفع نحو تعزيز قيمة اليوان؟

بعد مرور عقدين على السماح لعملتها بالتحرك بحرية أكبر، تواجه الصين ضغوطاً متزايدة لعدم السماح بارتفاع كبير في قيمة اليوان. هذا التوجه يعكس مخاوف بشأن قوة الصادرات الصينية، والتي تعتبر محركاً رئيسياً للنمو الاقتصادي، بالإضافة إلى حالة عدم اليقين المحيطة بالطلب المحلي. وتتزايد التساؤلات حول ما إذا كانت بكين ستواصل التدخل في سوق الصرف للحفاظ على تنافسية صادراتها، أم ستسمح لليوان بالارتفاع بما يتماشى مع تحسن الأداء الاقتصادي العالمي.

تأتي هذه التطورات في وقت تشهد فيه الصادرات الصينية نمواً قوياً، حيث ارتفعت بنسبة ملحوظة في نوفمبر الماضي، وتجاوز الفائض التجاري تريليون دولار لأول مرة. ومع ذلك، تشير البيانات الاقتصادية الأخرى إلى تباطؤ في النشاط المحلي، مما يضع السلطات الصينية في موقف صعب. فمن ناحية، تسعى بكين إلى دعم الصادرات والحفاظ على النمو الاقتصادي، ومن ناحية أخرى، تواجه ضغوطاً لتعزيز القوة الشرائية للمستهلكين المحليين.

قوة الصادرات وتأثيرها على سعر اليوان

على الرغم من ارتفاع قيمة اليوان بنحو 4% مقابل الدولار هذا العام، وهو ما يمثل أفضل أداء سنوي له في خمس سنوات، إلا أن هذا الارتفاع يعتبر متواضعاً مقارنة بأداء عملات أخرى في المنطقة مثل الرينغيت الماليزي والبات التايلاندي. ويرجع ذلك إلى التدخلات المستمرة من بنك الشعب الصيني، الذي يسعى إلى كبح جماح ارتفاع اليوان من خلال شراء الدولار وتحديد أسعار مرجعية أقل من المتوقع.

تدرك بكين تماماً قوة الأسواق المالية العالمية، حيث بلغ حجم تداول العملات الأجنبية 9.6 تريليون دولار يومياً، مقارنة بـ 1.9 تريليون دولار في عام 2005 عندما تم إلغاء ربط اليوان بالدولار. ومع ذلك، فإنها تعتبر أن الاستقرار المالي والنمو الاقتصادي المستدام يتطلبان درجة معينة من السيطرة على سعر الصرف.

التحديات التي تواجه بكين

يكمن التحدي الرئيسي أمام بكين في كيفية الموازنة بين الحفاظ على قوة الصادرات وتحفيز الطلب المحلي. فارتفاع قيمة اليوان سيجعل الصادرات الصينية أكثر تكلفة، مما قد يؤدي إلى انخفاض الطلب عليها في الأسواق العالمية. في المقابل، سيؤدي انخفاض قيمة اليوان إلى زيادة تكلفة الواردات، مما قد يضر بالقوة الشرائية للمستهلكين المحليين.

بالإضافة إلى ذلك، تواجه بكين ضغوطاً من الولايات المتحدة لرفع قيمة اليوان، حيث تتهم واشنطن الصين بإبقاء عملتها منخفضة بشكل مصطنع لزيادة تنافسية صادراتها. ومع ذلك، يبدو أن كلا البلدين يفضلان حالياً اتباع نهج براغماتي يعتمد على التوصل إلى اتفاقيات جزئية لتجنب تصعيد التوترات التجارية.

تحفيز الطلب المحلي كبديل

يرى بعض الخبراء الاقتصاديين أن السماح لليوان بالارتفاع قد يساعد في تحفيز الطلب المحلي على المدى الطويل، من خلال زيادة القوة الشرائية للمستهلكين. ومع ذلك، فإن هذا يتطلب اتخاذ إجراءات أخرى لدعم الاقتصاد، مثل زيادة الإنفاق الحكومي على البنية التحتية وتحسين بيئة الأعمال.

وفي هذا السياق، قال مياو يانليانغ، كبير الاستراتيجيين في شركة “تشاينا إنترناشيونال كابيتال” والخبير الاقتصادي السابق في هيئة تنظيم سوق الصرف الأجنبي، إن الوقت قد يكون مناسباً للسماح لليوان بالارتفاع قليلاً، خاصة وأن الدولار من المتوقع أن يظل ضعيفاً لعدة سنوات قادمة. وأضاف أن كبح اليوان سيؤدي إلى انخفاض قيمته مقابل عملات الشركاء التجاريين الآخرين.

ومع ذلك، يجب أن يتم هذا الارتفاع بشكل تدريجي ومحسوب، لتجنب أي صدمات اقتصادية. فمن المهم أن تتجنب الصين الانكماش، وأن تضمن استمرار النمو الاقتصادي المستدام. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يتم التركيز على تحسين الأداء في قطاعات أخرى مثل مبيعات التجزئة والإنتاج الصناعي والتوظيف، والتي لا تزال تعاني من الضعف.

مستقبل اليوان والتوترات التجارية

إن إعادة توازن الاقتصاد الصيني بعيداً عن الاعتماد المفرط على الصادرات هي هدف طويل الأمد للحكومة الصينية. والسماح لليوان بالارتفاع هو أحد الأدوات التي يمكن استخدامها لتحقيق هذا الهدف. ومع ذلك، فإن هذا يتطلب اتخاذ قرارات صعبة ومواجهة تحديات كبيرة.

في الوقت الحالي، من المرجح أن يستمر بنك الشعب الصيني في التدخل في سوق الصرف للحفاظ على استقرار اليوان. ومع ذلك، قد يتغير هذا النهج في المستقبل، اعتماداً على التطورات الاقتصادية والسياسية العالمية. من المتوقع أن تشهد الأشهر القادمة المزيد من البيانات الاقتصادية التي ستلقي الضوء على قوة الاقتصاد الصيني، وستساعد في تحديد مسار اليوان في المستقبل القريب. يجب مراقبة البيانات المتعلقة بالتجارة والاستثمار والطلب المحلي عن كثب، بالإضافة إلى أي تطورات في العلاقات التجارية بين الصين والولايات المتحدة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *