مصر تقترب من الحصول على 2.7 مليار دولار من صندوق النقد

توصل صندوق النقد الدولي والسلطات المصرية إلى اتفاق مبدئي على مستوى الخبراء بشأن المراجعات الأخيرة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي، مما يمهد الطريق أمام الحصول على شريحة تمويل جديدة بقيمة 2.7 مليار دولار. يأتي هذا الاتفاق في أعقاب تنفيذ الحكومة المصرية لعدد من الإجراءات الهادفة إلى تحقيق الاستقرار الاقتصادي، بما في ذلك إصلاحات في برنامج طرح الشركات الحكومية وخفض دعم الوقود، وهي خطوات أساسية لنجاح برنامج صندوق النقد الدولي في مصر. وقد أعلن صندوق النقد الدولي عن هذا التطور الهام يوم الاثنين، مؤكداً على التقدم المحرز في جهود الاستقرار الاقتصادي.
أشارت فلادكوفا هولار، رئيسة بعثة الصندوق إلى مصر، إلى أن الاقتصاد المصري يظهر علامات قوية على النمو، على الرغم من التحديات الإقليمية والعالمية المستمرة. وأكدت على أهمية استمرار هذه الجهود لتحقيق الاستدامة الاقتصادية على المدى الطويل. هذا الاتفاق يمثل دفعة قوية للاقتصاد المصري الذي يسعى إلى تجاوز الأزمات المالية المتتالية.
النمو الاقتصادي والإصلاحات في إطار برنامج صندوق النقد الدولي في مصر
أظهرت البيانات الاقتصادية الصادرة عن صندوق النقد الدولي نمواً في النشاط الاقتصادي المصري بنسبة 4.4% مقارنة بالعام السابق، وهو ما يعكس تحسناً ملحوظاً في الأداء. ويعزى هذا النمو إلى الأداء القوي لقطاعات رئيسية مثل التصنيع غير النفطي، والنقل، والقطاع المالي، بالإضافة إلى انتعاش قطاع السياحة الحيوي.
وقد تم بالفعل صرف 1.2 مليار دولار في مارس الماضي كجزء من المراجعة الرابعة لبرنامج تسهيل الصندوق الممتد، ليصل إجمالي المبالغ التي حصلت عليها مصر إلى 3.2 مليار دولار. يهدف البرنامج إلى دعم جهود الحكومة المصرية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي وتعزيز النمو المستدام.
دور الدولة وإصلاحات الطروحات
يركز صندوق النقد الدولي بشكل خاص على ضرورة تقليص دور الدولة في الاقتصاد المصري، وتسريع عملية طرح الشركات المملوكة للدولة. تأتي هذه التوصية في إطار سعي الصندوق إلى خلق بيئة أكثر تنافسية وتشجيع الاستثمار الخاص، وهو ما يعتبره عنصراً أساسياً لتحقيق النمو المستدام.
وشدد الصندوق على أهمية ضمان تكافؤ الفرص وتجنب إنشاء أو توسيع أنشطة الشركات المملوكة للدولة، مؤكداً أن القطاع الخاص يجب أن يحظى بمساحة أكبر للنمو والمساهمة في الاقتصاد. تعتبر هذه الإصلاحات حاسمة لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد المصري.
الأداء المالي والسياسة النقدية
أشاد صندوق النقد الدولي بالأداء المالي للحكومة المصرية، وتحقيقها فائضاً أولياً قدره 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2024/2025. يعزى هذا الفائض إلى الأداء القوي للإيرادات الضريبية، التي نمت بنسبة 36% بفضل الإصلاحات التي تهدف إلى توسيع القاعدة الضريبية وتحسين الامتثال الطوعي وتبسيط الإعفاءات.
على صعيد السياسة النقدية، أشار الصندوق إلى أن البنك المركزي المصري حافظ على سياسة نقدية متشددة مناسبة، ودعا إلى الاستمرار في هذا النهج الحذر لترسيخ الضغوط الانكماشية. من المتوقع أن تجتمع لجنة السياسة النقدية في 25 ديسمبر لاتخاذ قرار بشأن أسعار الفائدة، وسط توقعات السوق بخفض طفيف.
ارتفع معدل التضخم في المدن المصرية قليلاً إلى 12.3% على أساس سنوي في نوفمبر، بعد أن سجل أدنى مستوى له في 40 شهراً في سبتمبر. يعكس هذا الارتفاع تأثير السياسات المالية والنقدية الصارمة، والحد من نقص العملات الأجنبية، وتلاشي أثر انخفاض سعر الصرف السابق.
تعتبر هذه التطورات جزءاً من جهود أوسع نطاقاً لتحقيق الاستقرار الاقتصادي في مصر، وتعزيز قدرتها على مواجهة التحديات المستقبلية. وتشمل هذه الجهود أيضاً إصلاحات هيكلية تهدف إلى تحسين مناخ الاستثمار وتعزيز النمو المستدام.
من المتوقع أن يستمر صندوق النقد الدولي في مراقبة الأداء الاقتصادي المصري عن كثب، وتقديم الدعم الفني والمالي اللازم لمساعدة البلاد على تحقيق أهدافها. وستكون المراجعات المستقبلية لبرنامج الاستدامة الاقتصادية في مصر حاسمة لتحديد مسار الإصلاحات وتحديد حجم التمويل الإضافي الذي قد تحتاجه البلاد. يجب متابعة تطورات برنامج الطروحات الحكومية عن كثب، بالإضافة إلى تطورات السياسة النقدية، لتقييم مدى نجاح جهود الاستقرار الاقتصادي في مصر.

