Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اخبار الاقتصاد

هل البلاستيك القابل للتحلل الحيوي يمثل حلاً سحرياً للبيئة؟

في السنوات الأخيرة، شهدنا انتشاراً لتقنية جديدة في صناعة البلاستيك، وهي إضافة مواد تهدف إلى تسريع تحلله عند التعرّض للأكسجين، والمعروف باسم “البلاستيك القابل للتحلل الحيوي بالأكسدة“. تهدف هذه التقنية إلى معالجة مشكلة التلوث البلاستيكي المتزايدة، والتي تقدر بـ 80 مليون طن سنوياً تتراكم في البيئة. ومع ذلك، يثير هذا الحل جدلاً واسعاً بين العلماء والجهات التنظيمية حول فعاليته وتأثيره الحقيقي على البيئة.

تبنت ست دول على الأقل هذه التقنية، بينما تتجه دول أخرى نحو تقييدها أو حظرها تماماً. يعود ذلك إلى مخاوف متزايدة بشأن ما إذا كانت هذه المواد تتحلل حقاً إلى مكونات غير ضارة، أم أنها تتفتت إلى جزيئات بلاستيكية دقيقة تزيد من تفاقم مشكلة التلوث.

هل البلاستيك القابل للتحلل الحيوي بالأكسدة هو الحل المنشود؟

على الرغم من الادعاءات بفعالية هذه التقنية، تشير دراسات علمية مستقلة إلى أن الأدلة على تحلل هذه المواد بشكل كامل في البيئة الطبيعية محدودة. يرى الباحثون أن هذه المواد قد تتفتت إلى بلاستيك دقيق، وهو ما يمثل تهديداً جديداً للتربة والكائنات الحية المائية، وصولاً إلى السلسلة الغذائية للإنسان.

أكد مارك ميودونيك، أستاذ المواد والمجتمع في كلية لندن الجامعية، أنه “لا يوجد دليل قاطع على فعالية هذه التقنية، فالتحلل البيولوجي ليس حلاً سحرياً”. ويتفق معه العديد من العلماء الذين يشددون على ضرورة إجراء المزيد من البحوث لتقييم المخاطر المحتملة لهذه المواد.

القيود التنظيمية المتزايدة

في عام 2021، حظر الاتحاد الأوروبي استخدام البلاستيك القابل للتحلل الحيوي بالأكسدة في المنتجات البلاستيكية. تبع ذلك حظر مماثل في سويسرا ونيوزيلندا في عام 2022. وفي العام الماضي، فرضت هونغ كونغ ومقاطعة بريتش كولومبيا الكندية قيوداً على هذه المواد. حالياً، تجري المملكة المتحدة وولاية نيويورك دراسة إمكانية اتخاذ إجراءات مماثلة.

هذه الإجراءات التنظيمية تعكس قلقاً متزايداً بشأن التأثيرات البيئية المحتملة لهذه المواد، ورغبة في تبني حلول أكثر استدامة للتلوث البلاستيكي.

وتشير دراسة حديثة إلى أن محيطات العالم تعج بـ 171 تريليون قطعة بلاستيكية، مما يؤكد حجم المشكلة التي تتطلب حلولاً جذرية وفعالة.

بدائل البلاستيك القابل للتحلل: إعادة التدوير والتحلل الطبيعي

تعتبر إعادة التدوير من أهم الحلول لمعالجة مشكلة النفايات البلاستيكية. ومع ذلك، فإن نسبة البلاستيك الذي يتم إعادة تدويره عالمياً لا تزال منخفضة، حيث تصل إلى حوالي 9% فقط، وتقترب من الصفر في العديد من الدول الفقيرة.

تتم إعادة التدوير عادةً عن طريق تقطيع البلاستيك وإذابته وإعادة تشكيله، ولكن هذه العملية ليست ممكنة دائماً، خاصة بالنسبة للمواد الملوثة. ونتيجة لذلك، يتم حرق أو دفن غالبية النفايات البلاستيكية.

هناك أيضاً المواد القابلة للتحلل الحيوي، والتي تتحلل عن طريق الكائنات الحية الدقيقة. لكن هذه المواد تتطلب ظروفاً خاصة للتحلل، مثل درجات حرارة عالية لا توجد في البيئة الطبيعية. وهذا يختلف عن البلاستيك القابل للتحلل الحيوي بالأكسدة الذي يفترض أنه يتحلل في أي مكان.

توسع الإنتاج في الصين والجدل المستمر

على الرغم من الجدل الدائر حول هذه التقنية، يشهد قطاع البلاستيك القابل للتحلل الحيوي نمواً سريعاً، مدفوعاً بشكل كبير بزيادة الإنتاج في الشركات الصينية مثل مجموعة ”هينغلي“ و ”شنفا“.

وفي الوقت نفسه، تتوفر المواد المضافة التي تجعل البلاستيك قابلاً للتحلل الحيوي بالأكسدة لمنتجي البلاستيك في حوالي 100 دولة. وقد تبنت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة هذه التقنية بشكل أوسع، إلى جانب بعض الدول الأفقر مثل غانا والفلبين.

يرى لويس غودارد، الشريك في شركة ”داتا ديسك“ الاستشارية، أن هذه التقنية تسمح لشركات البلاستيك الكبيرة بـ “إظهار مظهر تقدمي بيئياً دون بذل جهد كبير في تغيير عملياتها”.

المستقبل غير الواضح

الخلافات حول تعريف “البلاستيك القابل للتحلل الحيوي” وفقدان الإجماع حتى داخل القطاع، تعيق التقدم نحو حلول فعالة للتلوث البلاستيكي. كريستينا ديكسون من وكالة التحقيقات البيئية أكدت أن هذا التنوع في التعريفات “مربك” ولا يساهم بشكل كبير في الحد من المشكلة.

في ضوء هذه التحديات، من المتوقع أن يستمر الجدل حول البلاستيك القابل للتحلل الحيوي بالأكسدة. الخطوة التالية الحاسمة هي نتائج المفاوضات الجارية بشأن معاهدة الأمم المتحدة بشأن البلاستيك، والتي من المتوقع أن تُصدر توصياتها النهائية بحلول نهاية عام 2024. سيتوقف مستقبل هذه التقنية بشكل كبير على الضوابط والقيود التي ستضعها هذه المعاهدة، ومدى التزام الدول بتنفيذها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *