“KKR” للاستثمارات البديلة تكثف رهانها على الشرق الأوسط

في تطور يعكس الاهتمام المتزايد بالمنطقة، اختارت شركة “كيه كيه آر” (KKR & Co)، عملاق الاستثمار العالمي، أبوظبي لتكون مقرًا لمكتبها الإقليمي الثالث، مما يؤكد أهمية منطقة الخليج كمركز صاعد في النظام المالي العالمي. ويأتي هذا القرار بعد فترة من التوسع في أنشطة الشركة في دبي والرياض، ويعكس التزامها بتعزيز حضورها في منطقة تشهد نموًا اقتصاديًا قويًا وتنويعًا في مصادر الدخل بعيدًا عن النفط.
وفي أكتوبر الماضي، شهدت أبوظبي تجمعًا لأكثر من 150 متخصصًا من “كيه كيه آر”، عقدوا مباحثات مع مؤسسات استثمارية إقليمية، ما مهد الطريق لقرار الاستقرار الدائم في العاصمة الإماراتية. وتأتي هذه الخطوة في وقت تشهد فيه الشركة أداءً قويًا، حيث سجلت ثاني أعلى ربع سنوي لها في جمع الأموال، وضخت حوالي 85 مليار دولار عالميًا خلال العام الماضي.
اقتصاديات الخليج وجاذبية الاستثمار البديل
تستقطب اقتصاديات الخليج الصاعدة بشكل متزايد شركات الاستثمار البديل، مدفوعة برغبة هذه الدول في تنويع مصادر دخلها، والاستثمار في قطاعات واعدة مثل التمويل والذكاء الاصطناعي. وتشكل برامج الخصخصة الطموحة التي تشهدها المنطقة، مثل تلك المعلن عنها في السعودية، فرصًا استثمارية مغرية.
ومع ذلك، يواجه مديرو الاستثمار البديل تحديات في المنطقة، حيث أصبحت صناديق الثروة السيادية الخليجية أكثر انتقائية في اختيار شركائها، وأبدت تحفظات بشأن بعض ممارسات التقييم والعوائد. الأمر الذي يتطلب من الشركات مثل “كيه كيه آر” تقديم قيمة مضافة واضحة.
تعد “كيه كيه آر” من أوائل الشركات التي رائدة في مجال الاستحواذ على الشركات، وقد استثمرت حوالي ملياري دولار في الخليج خلال الأشهر العشرة الماضية، بما في ذلك حصة في شبكة خطوط أنابيب الغاز التابعة لشركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك)، وحصة في شركة كبيرة لمراكز البيانات. ويُظهر هذا التوجه تركيزًا على الأصول الاستراتيجية التي تدعم النمو الاقتصادي في المنطقة.
تزايد المنافسة بين عمالقة الاستثمار
لم تكن “كيه كيه آر” الوحيدة التي عززت وجودها في الخليج. فقد كثفت شركات أخرى مثل “بروكفيلد أسيت مانجمنت” و”بلاك روك” و”سي في سي كابيتال بارتنرز” و”جنرال أتلانتك” من أنشطتها الاستثمارية في المنطقة، الأمر الذي أدى إلى زيادة المنافسة على الأصول الجذابة. ومن المتوقع أن يتوجه مسؤولون تنفيذيون من هذه الشركات إلى أبوظبي للمشاركة في مؤتمر التمويل السنوي.
يرى مسؤولون في “كيه كيه آر” أن قدرتهم على تنفيذ مجموعة واسعة من الصفقات، والاستفادة من محفظة عالمية من رأس المال، تمنحهم ميزة تنافسية. وذكر جوليان بارات-ديو، رئيس الاستثمارات في الشرق الأوسط، أن الشركة تتمتع بقدرة كبيرة على استهداف فرص استثمارية متنوعة بفضل مرونتها في مدة الاستثمار وتكلفة رأس المال.
واستنادًا إلى ذلك، تعتبر الشركة أن المنطقة الخليجية تقدم نموًا يشبه الأسواق الناشئة، مع مستوى مخاطر أقرب إلى الأسواق المتقدمة، مما يجعلها وجهة استثمارية جذابة. هذا التقييم عزز من التزام الشركة بتخصيص المزيد من رأس المال للاستثمار في المنطقة.
رؤية “كيه كيه آر” المستقبلية في منطقة الخليج
تعود جذور تواجد “كيه كيه آر” في المنطقة إلى أكثر من ثلاثة عقود، عندما بدأ المؤسسون المشاركون في زيارة دول الخليج لجمع رأس المال وبناء شراكات مع صناديق الثروة السيادية. ومع افتتاح مكتب الرياض في عام 2014، أصبح حضور الشركة في المنطقة أكثر رسوخًا. والآن، مع المكتب الجديد في أبوظبي، تسعى “كيه كيه آر” إلى تسريع وتيرة استثماراتها وتوسيع نطاق عملياتها.
ويقدر حجم فريق العمل الحالي في المنطقة بحوالي 20 موظفًا، وتعمل الشركة على بناء فريق استثماري متخصص بقيادة بارات-ديو. وتؤكد “كيه كيه آر” أن تركيزها ينصب على الاستثمار الفعلي في المنطقة، وليس فقط جمع رأس المال منها.
على الرغم من التوترات الإقليمية وتقلبات أسعار النفط، تواصل الشركات المالية العالمية إطلاق مكاتب محلية وتعيين محترفين في الاستثمار في منطقة الخليج، مما يعكس ثقتها في مستقبل المنطقة وإمكاناتها الاستثمارية. ويتفق خبراء الصناعة على أن المنطقة تمثل فرصة استثمارية فريدة من نوعها، وأن الشركات التي تمكنت من الدخول مبكرًا، مثل “بروكفيلد”، استفادت بشكل كبير من ذلك.
تستمر دول الخليج في تنفيذ خطط طموحة لتنويع اقتصاداتها، وتفتح أصولها الحيوية أمام المستثمرين الدوليين. وقد شهدت المنطقة صفقات رائدة في هذا المجال، مثل استحواذ “كيه كيه آر” و”بلاك روك” على حصة في شبكة خطوط أنابيب النفط التابعة لـ”أدنوك”. كما تتجه شركة أرامكو السعودية نحو طرح أصول إضافية للاستثمار، مما يوفر فرصًا جديدة للشركات المالية العالمية.
يُتوقع أن تشهد المنطقة المزيد من نشاط الاستثمار في قطاعات مثل الطاقة المتجددة والبنية التحتية والتكنولوجيا، مع استمرار حكومات الخليج في دفع عجلة التحول الاقتصادي. ومع ذلك، لا تزال المنطقة سوقًا صعبة الاختراق، وتتطلب فهمًا عميقًا للثقافة المحلية واللوائح التنظيمية والعلاقات التجارية. ستشكل قدرة “كيه كيه آر” على التغلب على هذه التحديات، والاستفادة من الفرص المتاحة، حجر الزاوية في نجاحها المستقبلي في منطقة الخليج.

